يابس ولا بحر!!
الأزمة السكانية التي عاناها البشر في جميع أنحاء العالم ليست أزمة بسيطة وإنما هي مشكلة تحتاج إلى حل سريع نظرا للتزايد المطرد لعدد السكان، ففي العام الذي تحتاج فيه مليون أسرة حول العالم إلى سكن سيصبح بعد عدد قليل من السنوات مليوني أسرة، أي سيتضاعف العدد وهذه المشكلة ليست مشكلة مواطني دولة واحدة، فكثرة المواليد وارتفاع حد سن الوفيات إلى 70 أو 80 عاما أو أكثر نظرا لتطور الرعاية الصحية يجعل العالم يفكر في عدد من الأفكار التي قد يراها البعض أفكارا مجنونة مثل فكرة المدن (العائمة) التي فكر فيها عدد من المهندسين الأوروبيين، التي تعتمد على أساس صنع مدن تعوم في الماء تتوافر فيها البيئة الطبيعية المناسبة لمعيشة الإنسان، التي قد تكفي لثلاثمائة ألف نسمة أو يزيد، فإيجاد عدد من هذه المدن تنتسب كل مدينة إلى البلد التي انطلقت منه بحيث تخفف الضغط السكاني على الأرض، فمن الممكن أن تمر بالبحر الأحمر مدينة فرنسية أو بريطانية للتزود بالوقود قد لا يكون أمرا مستغربا في المستقبل، فبالرغم من وجود المساحات الشاسعة غير المستغلة يفكر البعض بالبحر، ولم لا؟ّّّّ!!
ولكن أتساءل: كم سيكون سعر المتر هناك، وهل سيستمر التعامل بالمتر أم سيتغير إلى سم أو إنش؟ وهل سيصل إلى الأرقام الفلكية التي نعيشها في الرياض!!؟ وهل ستكون المدن العائمة موضة مقتصرة على الأثرياء فقط إذا استخدمت في عالمنا العربي، بحيث يبقى الفقراء بلا مأوى أيضا؟! أم هل سنخصص مدنا للأثرياء ومدنا لمحدودي الدخل قد تكون تساؤلات طريفة بالنسبة لفكرة جبارة التي أرى أنها فكرة رائعة ولكن تكلفة هذه المدن العائمة ستزيد على إيجاد مدن على الأرض لمن هم بحاجة إلى السكن، فاستصلاح الأراضي وتفعيل الخدمات في جميع المناطق سيشجع السكن على الأرض ولن يضطر الناس إلى البحث عما هو يعوم، كما أن السيطرة على الأسعار وتقنينها بحد أعلى لكل منطقة سنويا سيعطي صورة أوضح للأسعار وسيحد من سوق المضاربة ولكن وجود أسعار خيالية لقطع الأراضي، ناهيك عن المنازل، يعوق قدرة المواطن على مجرد التفكير بالبحث عن سكن وإن بحث فإنه (يدور في حلقة مفرغة)، أي لا نهاية أو حل لمشكلته التي تتفاقم عاما بعد عام، ودمتم.