يجب إلغاء بدل السكن للموظفين!
نعود لنستكمل الحديث عن هموم المسكن الذي يشغل بال السعوديين، حيث كانت الرؤية تنصب على إيجاد حلول فعالة لتأمين المساكن لغالبية المواطنين الذين يجدون صعوبة في تملك وحدات سكنية بسبب جفاف مصادر التمويل الإسكاني وارتفاع تكلفة الأراضي والبناء، والمبالغة في برامج التقسيط المطروحة حاليا.
وحيث ذكرت في مقال سابق أن المعطيات والحقائق التي بين أيدينا تؤكد استحالة إيجاد حلول لأزمة الإسكان في البلاد لعقود مقبلة، فإننا مدعوون للخروج من التفكير في حل هذه الأزمة بالطرق والحلول التقليدية التي لن تسهم كثيرا في زيادة تملك السعوديين للمساكن، والتوجه نحو المبادرات التي تبنتها بعض المنشآت لتمكين موظفيها من الحصول على وحدات سكنية بالتقسيط الميسر وربما بدون فوائد.
ومن هذه الحلول العملية لتسريع فرص التملك، ما أعلن عنه أخيرا عن أول اتفاقية تمويل إسكاني في السعودية أبرمت بين شركة الكهرباء و"سامبا"، تتمثل في تقديم قروض لمنسوبي الشركة بملياري ريال وبفترة سداد تصل إلى 20 عاما، ومثل هذه الاتفاقية من شأنها أن توفر 4 آلاف مسكن لمنسوبي الشركة إذا افترضنا أن كل موظف سيحصل على قرض بقيمة 500 ألف ريال لبناء مسكن اقتصادي.
وفضلا عن انعكاس هذه الخطوة على أداء وإنتاجية الموظف وضمان بقاءه وولائه وبالتالي على نمو وتطور المنشأة، فإنها ستحل نسبة كبيرة من مشكلة الإسكان التي نواجهها، ولو أن مثل هذه المبادرة طبقتها 150 منشأة سعودية فقط بشكل عاجل، فإننا سنؤمن 600 ألف وحدة سكنية للسعوديين وهو رقم يعادل ما قدمه صندوق التنمية العقاري من قروض للمواطنين خلال 30 عاما.
ولعل الذي يدعم نجاح هذا التوجه، هو إيقاف صرف بدل السكن للموظفين الذين لا يملكون مساكن لتسببه في تضخم أسعار العقارات في السعودية، وتحويل قيمته إلى أقساط (منفعة) لتسديدها لجهات عملهم أو الجهات الممولة التي تقدم لهم مساكن يتملكونها خلال مدة معينة لأصحاب المرتبات المتوسطة أو طيلة حياتهم الوظيفية لأصحاب المرتبات المنخفضة، فهذا البدل الذي يصرف شهريا للموظفين ضمن المرتب ويقدر بعشرات المليارات من الريالات سنويا، يعود عليهم بشكل سلبي كونه يذهب لـ" مخباة" تجار العقار أو صغار المستثمرين في العمائر السكنية الذين يرفعون أسعار الإيجارات دوما لتحقيق الأرباح والتوسع في تجارتهم من ما يصلهم من بدل السكن.