هل يشفى الجرح؟
عرضت السينما الأمريكية والعالمية مشاهد من حياة السكّان الأصليين، كانت في مجملها تصوّر الحروب التي دارت بين غزاة الأرض وأولئك الذين يحاولون حمايتها.
لم تكن كلّ هذه الإنتاجات منصفة، بعضها يركّز على جزئية العنف الذي اتسمت به مقاومة الهنود الحمر وهجماتهم التي لا تتوقف على مساكن الرجل الأبيض.
والبعض الآخر يصوّر ثقافتهم واعتقاداتهم القديمة بصورة غبية وساذجة.
رجال أنصاف عراة يدورون حول نار متطاولة ويحملون فؤوسهم ويصرخون بهمجية، من ثمّ ينقضون على عربات المسافرين ليسلخوا رؤوسهم.
هكذا كبرنا ونحن نشاهد أفلام رعاة البقر الشجعان، التي تغفل أو تتغافل عن عرض الأسباب التي أدت بشعب يعيش في تناغم مع الأرض والطبيعة إلى التوحش والهجوم!
في مشهد عرضه فيلم Into the west - وهو فيلم تلفزيوني أنتجه ستيفن سبيلبرج عن الغرب المتوحش ليسجل الفترة الزمنية بين ???? و ???? م – يصرّح الكابتن ريتشارد برات بأنّه يريد قتل الهندي بداخل كلّ طفل التحق بمدرسته التي سميت في تلك الفترة ( مدارس الاستيعاب ) وهي أبعد ما تكون عن ذلك. لم يكن هناك استيعاب بقدر (محو) ثقافة وإبادتها في سبيل إضعاف التجمعات القبلية.
قرأت منذ عدّة سنوات في مقال عن الهنود الحمر أنه إلى جانب معتقداتهم الكثيرة، ظنّوا لأول وهلة أنهم شعب خُلق ليعيش في الجنّة وأنّ أراضي أمريكا البكر لم تكن سوى نعيمهم الأبدي.
وما إن وطئت قدم المستوطن الأول شواطئها حتّى شرعت أبواب العذاب على مصاريعها.
هوجموا أول مرّة ليبعدوا من المناطق الاستراتيجية، من ثمّ ابعدوا من أراضي السهول لتمدّ السكك الحديدية ومرة أخرى ابعدوا إلى الجبال مع حمّى الذهب.
حتى انتهى بهم الأمر كحيوانات على وشك الانقراض في محميّات تبث إليها ثقافة التطور الزائفة!
والسؤال الآن هل تكفّر إنتاجات الإعلام المنصفة بعض الشيء عن جرائم قرنين من الزمان ؟