الرياضة القاتلة

من ينقذ أبناءنا من هذا الخطر القادم وبقوة والذي ربما يقضي على صحة ورجولة جيل كامل فربما لا تظهر آثار هذا الخطر الآن, وقد تمر سنوات دون أن نلاحظه ثم نصحو من سباتنا على كارثة صحية خطيرة, فنحن كعادتنا نترك الأمور تستفحل ثم نجلس ''لنولول'' ونبحث على حلول، قبل عدة سنوات نادرا ما نرى شبابا مفتولي العضلات إلا على شاشات التلفزيون في المصارعة أو رفع الأثقال أو أفلام الأكشن, أما الآن فتراهم بكثرة في الأسواق والمقاهي والشوارع يمشون بكل فخر ويستعرضون تلك العضلات بلبس التيشرتات الضيقة القصيرة الأكمام, وما درى أغلبهم عن خطورة ما فعلوه بأنفسهم, فالعبرة يا شباب ليست بالمظهر الخارجي بل في الصحة, وبقدر سعادتنا بانتشار النوادي الصحية والصالات الرياضية ''والتي اتخذ أغلبها العضلات المفتولة شعارا له'',كان حزننا على ما يحدث في بعض تلك الصالات النوادي من ترويج لأدوية وعقاقير ومكملات غذائية وإقناع الشباب بفائدتها وسلامتها وإنها مجرد مكملات غذائية وأحماض أمينية تسرع من عملية بناء العضلات ولكن إذا عرفنا حقيقة ونوعية هذه العقاقير والمكملات وإنها عبارة عن هرمونات منشطة بعضها محظور استخدامه دوليا وبعضها لا يجب أخذه إلا في حالات معينة وتحت إشراف طبي دقيق وبعضها لا يعطى إلا للحيوانات، وهذه المنشطات أو ''المدمرات'' والتي تطلق على العقاقير الطبية التي تستخدم لزيادة نمو العضلات وبناء الجسم كل ذلك من أجل تحقيق حلم قديم متجدد بعضلات مفتولة وصدور متضخمة وبعد أن كانت العضلات منحة من الله يهبها لمن يشاء, أصبحت صناعة تتم على أيدي مدربين بعضهم مؤهل والبعض الآخر اتخذها تجارة, فأول من اهتم بهذه الرياضة هم الإغريق, لذا نرى معظم تماثيلهم تكون بارزة العضلات, وأما حديثا فيعتبر فريدرك مولرالمشهورب ''إيجن ساندو'' هو مؤسس كمال الأجسام الحديثة, حيث أدى انبهاره بالتماثيل الرومانية هو وزملاؤه سنة 1887 إلى محاولة بناء عضلاتهم بتمارين رفع الأثقال وألعاب القوى وفي لندن سنة 1889 م فاز ببطولة الرجل القوي strongman وكان يطلق عليه Sampson فلم يوجد أحد في ضخامة جسمه وقوة عضلاته فشارك في الكثير من الاستعراضات ونال إعجاب الجمهور, وأضاف في استعراضاته حركات تبين عضلاته للناس وألف الكثير من الكتب عن التمارين والتغذية السليمة وفي سان فرانسيسكو دارت أشهر معركة بين إنسان وأسد وانتهت بمقتل الأسد وفي سنة 1897 م تم إنشاء أول صالة رياضية في لندن سميت physical culture studio انتشرت اللعبة وقلده الكثير من الناس مما ساهم في انتشار اللعبة في مختلف دول العالم, وفي سنة 1901 م نظم ساندو أول بطولة لكمال الأجسام وكان أول من وقف أمام المخترع توماس أدسون في أوضاع poses لكمال الأجسام وتوفي سنة 1925 وسمي تمثال أولمبيا باسمه وفاء له سنة 1977 حتى الآن، هذا هو الجانب المشرق, أما الجانب المظلم في هذه الرياضة بعد أن استخدمت فيها المنشطات وهي مركبات مصنعة من هرمونات الذكورة المعدلة بحيث تزيد آثارها البنائية على آثارها الذكورية, وقد تم اكتشاف هذه الخاصية مصادفة من قبل علماء ألمان, وفي عام 1954 م نشر علماء روس بحثا يصف خواصها البنائية وتأثيرها في القدرة الرياضية مما أدى إلى انتشار استخدامها في الرياضات التنافسية وزيادة هذه الهرمونات مثل (هرمون النمو و التستستيرون) والمكملات الغذائية التي تحتوي نسبة كبيرة منها على prohormon والكرياتين وأغلب هذه المواد موجودة أصلا في جسم الإنسان وزيادتها تؤدي إلى خلل في جميع هرمونات الجسم ونظامه وتتفاوت آثارها الجانبية من العصبية وحب الشباب وضمور الخصيتين وعدم القدرة على إنتاج الحيوانات المنوية وتشوه العضلات إلى تليف الكبد, كما أن وقف استخدامها يؤدي إلى ضمور العضلات وتم حظر استخدام هذه المنشطات منذ عام 1974 في المسابقات الرياضية, وفي بداية 2005 اعتبر مجرد حيازتها جريمة فدرالية يعاقب عليها القانون الأمريكي ويتم تهريبها من قبل مافيا عالمية يروج لها في الصالات الرياضية أو عن طريق الإنترنت. ومن أشهر المتضررين بها مستر اولمبيا فلكس ويلر حيث أصيب بفشل كلوي, كما يقضي البطل البريطاني برتن فوكس عقوبة السجن المؤبد لقتله زوجته, وكذلك قيام كريج تيتوس وزوجته بقتل مدربتهم نتيجة العصبية والميل للإجرام بسبب تعاطي المنشطات وأخيرا وفاة البطل العالمي محمد عزيزة بعد فوزه بالبطولة نتيجة الجفاف من جرعة زائدة وغيرهم الكثير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي