الحل ليس في صندوق الحلوى
ذلك هو وضعها الآن: تجلس مسترخية في مقعدها المريح بينما تمتد يداها لالتهام قطعة الشوكولاتة الأخيرة في صندوق الحلوى، وتشعر بالأسف على نفسها لأن حياتها الزوجية تتصف بالملل، أو لأن أطفالها كثيرو الصخب و المطالب، أو لمعاناتها ضغوطا كبيرة في العمل، وعلى الرغم من أنها كانت تتمنى التكيف مع ذلك بشكل مختلف إلا أنها أصبحت معتادة حشو فمها بكل ما يسبب لها البدانة لتشعر بالراحة ، واتخذت من الطعام وسيلة للعزاء من الألم الانفعالي و ملاذا للتعامل مع الضغوط اليومية.
يعتبر الإفراط في تناول الطعام، الناتج عن الشعور بالضغط سببا أساسيا في اكتساب الوزن، ويرجع هذا إلى الكميات الزائدة من السعرات الحرارية التي تتناولها عند معالجة زيادة شعورك بالضغط عن طريق اللجوء للطعام، خاصة أن الضغط حين يستمر فترات طويلة دون التخلص منه يعمل على إثارة تغييرات فسيولوجية في الجسم تدعم زيادة الوزن، ومسببات الضغط لها طبيعة واحدة، فهي تلك الأحداث أو المواقف التي لديها القدرة على سلب صحتك وهدوئك ويمكنها كذلك أن تبقى أو ترحل. من أهم الوسائل لذلك تغيير أسلوبك في التفكير والكيفية التي تفسر بها الأحداث التي تقع في حياتك ، لأن ما تفكر فيه يحدد الطريقة التي تشعر بها و إذا كنت تريد تغيير مشاعرك حيال شيء ما وكذلك سلوكك السلبي الناجم عن هذه المشاعر فعليك بتغيير وإعادة تشكيل أنماطك الفكرية التي تسبب لك الحزن أو القلق أو الوحدة أو الاكتئاب ولا تستخدم الطعام كوسيلة هروب أو إنكار لما يحدث بداخلك بل أنصت لاستجاباتك الداخلية بشجاعة واستجب لها بأسلوب جديد إيجابي. من الممكن أن يكون لعامل ضغط واحد استجابتان مختلفتان تماما لاختلاف المرشحات الإدراكية للأشخاص، فهناك شخص قد يمرر عامل الضغط على أنه أمر مرهق ومن المستحيل التعامل معه بينما يعبر شخص آخر عن هذا الضغط على أنه مشكلة يمكنها التحول إلى تجربة ثرية بالخبرات وفرصة للنمو الشخصي. افترض أن أحد أفراد عائلتك يقوم بانتقادك، وكاستجابة لذلك تشعر بالألم، وقبل أن تدرك الموقف تكون ممسكا بعلبة الآيس كريم الذي تدفعه بالملعقة إلى فمك، وربما لم تكن تعرف أنك كنت تفكر بأسى حين تعرضت للانتقاد ولكن الشيء الذي عرفته هو أنك تناولت الآيس كريم بشراهة ودون وعي، ولكن لماذا؟؟؟
لأن الشعور بالألم نتج عن أفكار سلبية تومض بسرعة في ذهنك وتحدث بسرعة كبيرة حتى أنك لا تعي كيفية تأثيرها في سلوكك، وبهذا يسيطر اتجاه سلبي داخلي على سلوكك لا تستطيع حتى إدراكه، والسؤال هو : إذا كان الأمر كذلك فماذا عساي أن أفعل حيال ذلك ؟ الأخبار السارة هي أن الحل ليس في صندوق الحلوى أو في علبة الآيس كريم، بل في حوارك الذاتي الواعي الذي يمكنك السيطرة عليه وتحديه وتغيير تلك الأفكار الأتوماتيكية السريعة التي تفسر بها مواقفك وطبيعة المعنى الذي تضفيه على الأحداث الخارجية، ودوما تأكد من أنك تنصت بهدوء لمشاعرك حين تجد يدك تمتد بسرعة لصندوق الحلوى.