حكاية لائحة مؤسسة التدريب التقني والمهني

لم يفاجأ منسوبو المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني حينما اطلعوا على ما نقلته وكالة الأنباء السعودية من تصريح منسوب لنائب المحافظ للتطوير والتدريب الدكتور صالح العمرو، يعلن فيه أن معالي محافظ المؤسسة اعتمد تنفيذ اللائحة التنظيمية الجديدة والسلم الوظيفي وسلم الرواتب الجديدين لمنسوبي المؤسسة، فالحديث عن هذه اللائحة متواتر منذ أكثر من عامين، وصدرت حولها تصريحات مؤكدة عليها وعن قرب إصدارها وتطبيقها بعد الموافقة عليها على لسان معالي الدكتور علي بن ناصر الغفيص محافظ المؤسسة ونوابه على فترات متفرقة خلال العامين الماضيين، وما جعل الأمر متوقعا ومنتظرا أن منسوبي المؤسسة ممن هم على الوظائف الإدارية حصلوا على مميزات مثل ضمهم لنظام موظفي التأمينات الاجتماعية ونتجت عنه زيادة في رواتبهم 20 في المائة مع صرف راتبين في شهر رمضان المبارك منذ عامين، وقبل أكثر من عامين صرف أيضا بدل سكن أيضا لمنسوبي المؤسسة ممن هم على الوظائف التدريبية لمدة شهرين ثم أوقف لأسباب لم تعرف حتى يومنا هذا، أي أن ما نقلته وكالة الأنباء السعودية كان تأكيدا لما كان متوقعا ومنتظرا. المفاجأة الوحيدة في البيان المنسوب لنائب المحافظ هي في التفاصيل حيث إن الزيادة ستكون ما بين 45 و50 في المائة وتأكيد العمل بذلك بدءا من شهر شعبان الحالي مع صرف فروقات الأشهر الماضية.
حقيقة عاش منسوبو المؤسسة ممن هم على السلم التدريبي والتعليمي على ''مخدات'' الأحلام الوردية لمدة 24 ساعة فقط، ليصحوا بعدها على كابوس البيان الصادر من إدارة العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة التدريب التقني والمهني، الذي نفى تماما ما نشر يوم الثلاثاء، وأن يكون مثل هذا التصريح قد صدر منها أو من أي جهة تابعة للمؤسسة.
ما صدم منسوبو المؤسسة في بيان العلاقات العامة للمؤسسة، هو نفي الخبر ذاته وليس تصحيحه، بمعنى أنه لا وجود للائحة مثل ما نقلته وكالة الأنباء السعودية، وهو ما أوقع الجميع في حيرة بالغة من هذا الغموض الذي يلف لائحة كثيرا ما أعلن عن وجودها، ثم حين يعلن عنها تنفى بهذه الصورة القطعية وكأن في الأمر ما هو مريب ومما لا يراد أن يطلع عليه الناس..!، وأعاد بيان علاقات المؤسسة الأمر لموقعها الرسمي الذي فيه، كما تقول، كل ما يتعلق باللائحة الجديدة، بمعنى أن هناك لائحة جديدة، وما دام الأمر كذلك لماذا نفي خبر وكالة الأنباء السعودية على لسان إدارة العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة ولم يصحح إن كان تضمن معلومات غير صحيحة عن مضمون هذه اللائحة الموجودة في الموقع الرسمي للمؤسسة..!!؟
هنا نحن أمام إشكالية يعيشها منسوبو المؤسسة وخاصة من هم على السلم التدريبي والتعليمي منذ عامين كاملين، وهي إشكالية غياب المعلومة الصحيحة والقاطعة حول اللائحة الجديدة الموعودين بها، فلا أحد يعلم حقيقة هل هناك فعلا لائحة جديدة تمنحهم مميزات تتوافق مع طبيعة عملهم الميداني في مجال التدريب ..؟ وماذا تتضمن هذه اللائحة..؟ ومتى تخرج للنور من الأدراج المقفلة عليها ..؟ القضية مبهمة وغير واضحة مع أن الكلام عنها مستمر على مدى العامين الماضيين، ونشرت الصحف عديدا من التصريحات المبشرة بها على لسان مسؤولي المؤسسة لم تنف حينها، وحين العودة لموقع المؤسسة الرسمي، الذي نصح بأخذ المعلومة منه من قبل إدارة العلاقات العامة في المؤسسة في بيان نفيها لخبر ''واس''، وجد رابط ''جديد'' تضمن هذه اللائحة المنتظرة، أي أن هناك فعلا لائحة، ولكن السؤال هو: لماذا لا يعلن عنها وتطبق؟ فوجودها شيء وتطبيقها شيء آخر.
هذا الغموض والتردد في الإعلان والإفصاح عن هذه اللائحة المنتظرة، أثر ولا يزال يؤثر في عطاء العاملين في المؤسسة وخاصة المصنفين منهم على وظيفة مدرب، خصوصا أن زملاءهم ممن هم على وظائف إدارية سبق أن عدل وضعهم الوظيفي، مما جعلهم يغبطونهم من ناحية، ومن ناحية أخرى يتحسرون على وضعهم المعلق منذ عامين، خاصة وهم يرون زملاءهم الإداريين يحصلون على ميزة راتبين في رمضان صرفت لهم فعلا العام الماضي والعام الذي قبله، مما جعلهم يتساءلون: لماذا هذا التفريق والتمييز بين عاملين في جهة واحدة ..!!؟
مع ما أوجده نفي المؤسسة القاطع لخبر ''واس'' من بلبلة وخيبة أمل لدى شريحة المدربين، وهي النسبة الأكبر من العاملين في المؤسسة، بات لزاما على المؤسسة أن توضح الأمر بجلاء ووضوح تام عبر بيان لا لبس فيه حول حقيقة هذه اللائحة، وتبيان أسباب عدم العمل بها حتى الآن من ناحية، ومن ناحية أخرى توضيح هذا التفريق بين الإداريين والمدربين في المميزات، وذلك حتى يرتاح الجميع ويزول عنهم التوتر ويقبلون على العمل بروح معنوية عالية وهم يرون التقدير لهم ولعملهم والمساواة بين الجميع.
لا شك في أن المسؤولين في المؤسسة وعلى رأسهم معالي المحافظ حريصون على توفير كل المميزات المستحقة لمنسوبي المؤسسة، خاصة وهم في الميدان التدريبي والملقى على عاتقهم تأهيل الكوادر الفنية والمهنية لسوق العمل، ويتحملون ضغوط النقد الموجه لمخرجات المؤسسة من ناحية الكم أو الكيف، وفي وقت يلقي فيه قطاع التدريب كل الدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين، إلا أن خبر وكالة واس، وهي وكالة أنباء رسمية لا تنطق جزافا، ونفي المؤسسة القاطع جعلا من اللائحة المنتظرة حكاية لا تنتهي، وهنا مكمن الغموض الذي يلفها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي