ضحايا منصة الإثارة الحمراء !
تابعت كما تابع غيري خلال الأيام الماضية تبعات الظهور المخجل لشاب سعودي في برنامج تخصص في الإثارة “الحمراء” على إحدى الفضائيات.. وقد ظهر الشاب “الضحية في رأيي” متأبطاً حلمه الذي تصور من خلاله أنه سيكون بعد ساعة عرض البرنامج أحد المشاهير والنجوم على الأقل بين أصدقائه, لينسف دون إدراك تابو المحرمات الأخلاقية في المجتمع أمام ملايين المشاهدين, ويتحمل تبعات فعلته التي قد تؤدي إلى قضائه سنوات طويلة تعادل عمره الحالي خلف القضبان بحسب ما أوضح رئيس المحكمة الجزئية في جدة في تصريح نشرته صحيفة سعودية أخيرا.
حسناً .. دعونا نتساءل الآن .. لو كان هذا الشاب من المجتمع نفسه الذي أنتج البرنامج وبثه على القناة التي تمثله فضائياً.. هل كان ظهوره سيتسبب في هذه الصدمة الاجتماعية، ويخلف كل هذه التبعات؟
هل كان سيواجه أكثر من سبعة آلاف مدع في محاكم بلده يطالبون بسجنه لرد الاعتبار لمجتمعهم ؟
طبعاً الاجابة متروكة لكم .. لكنني أجزم بأن خصوصية مجتمعنا السعودي المحافظ هي التي تقف موقف المدعي العام اليوم على هذا الشاب البسيط المغرر به, الذي تم استدارجه من قبل إعلام بهوية اجتماعية مختلفة تماما, من خلال إغراقه بأحلام الشهرة والأضواء, وأجزم كذلك بأن هذا الشاب لم يكن يعرف شيئاً عن العواقب التي تنتظره بعد نهاية حفلة الضوء الصغيرة على منصة الإثارة الفضية التي اعتلاها.. فهو أحد الضحايا الكثر لهذه المنصة لكن سوء حظه بات يضرب به المثل!
يا سادة يا كرام .. يا أبناء مجتمعنا السعودي الإسلامي المحافظ, كلنا نرفض ما حدث وكلنا نستاء من أي ظهور مخجل لسعودي أو سعودية في وسائل الإعلام, لكن الخطيئة موجودة منذ بدء التاريخ, فهناك من زنى ومن شرب الخمر ومن سرق في عهد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وعقاب كل خطيئة من تلك الخطايا موجود في كتاب الله في حال ثبوتها على مرتكبها.
إن بيننا اليوم كثيرا ب ممن يمارسون في الظلام ما ادعى هذا الشاب ممارسته على الشاشة بحثاً عن الشهرة وربما كان كاذباً في سبيل الوصول إليها, فلماذا نحاكمه كمجرم خطير قبل أن ندرس حالته جيداً.. ونعرف الظروف الحقيقية التي قادته لأن يوافق على هذا الظهور؟
ربما كان هذا الشخص يعاني مرضا نفسيا نتيجة معايشته ظروفا اجتماعية أو عائلية سيئة وهو بحاجة للمساعدة لا العقاب.
إنني أتفهم جيداً مدى الغضب الذي اجتاح الشارع السعودي جراء ظهور هذا الشاب على الشاشة, وثرثرته المزعجة.. لكن الحكمة تستلزم الوقوف على حالته والتأكد من وضعه العقلي والنفسي, فلو خرج اليوم على الشاشة شخص مضطرب نفسياً أو عقلياً وقال إنه يقتل في اليوم عشرة أشخاص, وأن كل معارفه يفعلون ذلك, فهل يُفترض أن نقبض عليه فور خروجه من البرنامج ونقيم عليه حد القتل.. ونستدعي معارفه ونلحقهم به؟! وهل سيقتنع العالم بأن مجتمعنا أصبح مجتمع قتلة ومقتولين لمجرد ثرثرة غير مسؤولة في برنامج عابر؟!
ثم دعوني اسألكم أنتم أيها القراء الذين تقرأون هذه الكلمات الآن.. ألا تعرفون أشخاصاً ابتلاهم الله بالثرثرة والكذب وخلق القصص الغرامية والمغامرات اللا أخلاقية في المجالس والمقاهي والأسواق وأماكن العمل؟
وإن كنتم تعرفون مثل هذه النماذج فلماذا لم تتقدموا للادعاء عليها حتى الآن في المحاكم بتهمة المجاهرة بالمعصية وتشويه سمعة المجتمع ؟!