إرادة ملك
تعيش المملكة العربية السعودية منذ بداية عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عصر العلم الذهبي المتميز، الذي أشاد به الكثير وشهد على تميزه أهل الاختصاص والدراية، والأدلة على هذا التميز كثيرة وذات فصول متعددة، ولعل من بينها زيادة عدد الجامعات من ثمان متمركزة في المدن الكبرى المعروفة إلى أربع وعشرين جامعة منتشرة في جميع مناطق المملكة وعدد من المحافظات خلال فترة وجيزة وبجودة عالية ودعم سخي لا تخطئه عين مبصرة منصفة، هذا غير الجامعات الخاصة التي تلقى هي الأخرى الرعاية والاهتمام والدعم من لدن القيادة الحكيمة ووزارة التعليم العالي ورجال الأعمال، كما أن برنامج خادم الحرمين الملك عبد الله للتدريب والابتعاث برهان ساطع وحجة واضحة على أننا نعيش عصر العلم وزمن المعرفة المتميز في وطننا المبارك، والفضل في ذلك يعود بعد توفيق الله وعونه إلى وجود قيادة راشدة تقدر العلم وتبجل العلماء وتولي التعليم عموما، والعالي على وجه الخصوص، العناية والرعاية والاهتمام الشخصي والرسمي، ليس هذا فحسب بل إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - يتطلع إلى قيادة علمية عالمية تنطلق من بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية لتشرّق وتغرّب وتمطر أنّى شاءت فخراجها سوف يأتي بإذن الله، ولذا كان ميلاد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، التي قال عنها خادم الحرمين - وفقه الله - إنها كانت حلما يراوده منذ خمسة وعشرين عاما، وجزماً فإن هذا الحدث العلمي المهم سيكون نقطة تحول في المكانة العلمية التي يحتلها بلدنا المعطاء، وستعزز هذه الجامعة المرموقة حركة البحث العلمي وستقوي مشاريع الاختراعات والابتكارات في جامعاتنا السعودية، وكذا العربية بل أيضا الإسلامية، وسيجد العلماء في هذا الصرح العلمي الشامخ مكانهم الذي كانوا يتطلعون لقيامه منذ سنوات، إن مكانة المملكة العربية السعودية السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية في المنطقة الشرق أوسطية تكتمل بمثل هذا المشروع العملاق الذي يمنحها الريادة والقيادة العلمية والفكرية في منطقة الشرق الوسط، وهذه القيادة سيمتد أثرها إلى مختلف مجالات التنمية المستدامة، وسيصل شعاعها إلى كل عالم مسلم يعيش في بلد المهجر ويتطلع إلى العيش في بلد مسلم يحتضن أولاده منذ الصغر، وكم كانت النفوس العربية تواقة إلى أن يأتي اليوم لتعود العقول المهاجرة إلى بلادنا العربية والإسلامية لتعلم الجيل وتبني العقل وتقيم جسور التواصل مع العالم المتقدم، فكيف وقد جاء اليوم لتكون العودة إلى قلب العرب النابض وبلد الإسلام الأول المملكة العربية السعودية، إنني على يقين أن مثل هذه الإنجازات التاريخية لا يمكن أن تنمحي من الذاكرة وستبقى علامة فارقة وحدثا لا يجيد صياغته، ولا يحسن إخراجه إلى الوجود وبهذه القوة إلا القادة الحقيقيون العارفون سر تقدم الأمم ومنهج بناء الإنسان في عصر التحديات الصعب، وجزماً عبد الله بن عبد العزيز أولهم وعلى رأسهم، وهذا ما شهد به الكثير ممن يرصدون حركة التاريخ ويقرأون المواقف ويحللون الأحداث، ومع أنني أعرف أن كلمات الشكر تتقازم أمام هذا الحدث العالمي العلمي الضخم، وعبارات الثناء لا تفي في مثل هذا المقام إلا أنني لا أملك في مقام الاعتراف بالجميل لأهله إلا الشكر والثناء والدعاء بأن يكون هذا الإنجاز الذي هو بحق مفخرة كل سعودي في موازين أعمال عبد الله بن عبد العزيز، ينضم إلى سجل أعماله الصالحة التي نفع الله بها البلاد والعباد، وأن يكون علما ينتفع به وصدقة جارية له ولوالديه - رحمهما الله - وألا يحرمه الأجر والمثوبة، كما أسأله سبحانه أن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين والنائب الثاني والدوحة المباركة الوارفة ظلالها «آل سعود»، وأن يكون ما يقدمونه في موازين أعمالهم، وأن يجزيهم عنا خير الجزاء إنه قريب مجيب الدعاء.