السوق العقارية بحاجة لتنويع المنتجات التمويلية الإسلامية وتعزيز دور الرقابة الشرعية

السوق العقارية بحاجة لتنويع المنتجات التمويلية الإسلامية وتعزيز دور الرقابة الشرعية
السوق العقارية بحاجة لتنويع المنتجات التمويلية الإسلامية وتعزيز دور الرقابة الشرعية
السوق العقارية بحاجة لتنويع المنتجات التمويلية الإسلامية وتعزيز دور الرقابة الشرعية

طالب عدد من المختصين والاقتصاديين أن تقوم البنوك والمؤسسات المالية والأكاديمية بدورها في تقديم منتجات إسلامية موجهة للقطاع العقاري تكون أكثر قرباً من قيم وروح الإسلام وتحقيقا للتنمية الحقيقية، وتعزيز دور رقابة الهيئات الشرعية أو «المهندسين الماليين».
وأشاروا إلى أن هناك عدة صيغ تمويلية متفقة مع الشريعة الإسلامية يمكن الانتفاع منها في برامج التمويل العقاري كالتمويل بصيغة المشاركة والتمويل بنظام البيع الآجل أو بالتقسيط والتمويل بصيغة بيع المرابحة والتمويل بصيغة بيع الاستصناع. من جانبه طالب الدكتور محمد عبد الله أبا الخيل أستاذ التمويل والاستثمار العقاري رئيس قسم الاقتصاد والتمويل في جامعة القصيم، المصارف الإسلامية ومقدمو الخدمات المصرفية الإسلامية، بأن يتحركوا لهندسة عدد أكبر وخيارات أكثر للأفراد، وقال: عليها أيضاً أن تترك لمهندسيها الماليين أن يبدعوا منتجات قائمة على المشاركة، إضافة إلى المنتجات القائمة على الدين، ونظام التمويل، مؤكداً أن نظام الرهن العقاري المقبل سيكون من أهم المحفزات للتوسع في هذه المنتجات.
وقال أستاذ التمويل والاستثمار العقاري: من المهم التأكيد على أن أي حكم شرعي اتفقنا على تأصيله شرعا، علينا أن نؤمن بأن فيه الخير للناس، فالله بعباده لطيف خبير وهو أعلم بما يحقق مصالحهم حتى وإن خفيت الحكمة علينا، ولا يمكن للبشر أن يشرعوا لأنفسهم، ومع ذلك لا بأس في البحث عن حكم التشريع من أجل بيان عظمة هذا الدين وزيادة في إيمان القلب.
ولعل أسهل طريقة في تتبع بعض الحكم التشريعية في تحريم الربا أو التمويل النقدي الربوي هو النظر لعقود التمويل الإسلامية، حيث نلاحظ أن كلها مربوطة بشكل واضح بتمويل النشاط الحقيقي سواء عقود المشاركة أو الدين وهذا هو الهدف من عملية التمويل، حيث إن فصل التمويل عن النشاط الاقتصادي سيجعل المديونية تزيد بمعدل أسرع من نمو الأصول الحقيقية في الاقتصاد، حيث نلاحظ في النظام المالي العالمي اليوم فصلا خطيرا بين الاقتصاد المالي والاقتصاد الحقيقي، وهذا ربما هو السبب وراء العمق الذي أحدثته الأزمة المالية العالمية، ولهذا نعتقد أن القروض العقارية لضعيفي الائتمان لم ولن تحدث هذه الأزمة العالمية بهذا العمق لو استمر الربط بين القرض والأصل الحقيقي، ولو نظرنا لرقم المديونية العالمية وحجم التمويل مقارنة بالتجارة الفعلية لوجدنا الفرق كبيرا جدا، فهذا الرقم الكبير من التمويلات يؤكد أن هدفها المجازفة غير المنتجة في المشتقات المالية والعملات والذهب والأوراق المالية، وكثير من علماء الغرب يشير إلى مثل هذه الثغرات في النظام المالي العالمي الذي جرنا لمأساة مالية يعيشها العالم إلى اليوم.

#2#

وتطرق أبا الخيل أستاذ التمويل والاستثمار العقاري إلى دراسة أعدها مركز أبحاث الكونجرس الأمريكي عن «التمويل الإسلامي» قائلاً: يشير هذا التقرير إلى الضوء الإيجابي الذي سلط على صناعة التمويل الإسلامي خلال الأزمة الاقتصادية الراهنة نظرا لتجنب البنوك الإسلامية المضاربة على المشتقات المالية التي أدت إلى الأزمة المالية الراهنة.
وقال أبا الخيل: يقول أحد الاقتصاديين الأوروبيين في مقدمة أحد كتبه عن التمويل «حينما أنظر إلى الوضع الذي وصل إليه النظام المالي العالمي فإنني أرجع إلى الوراء وأتمنى أن تحريم الربا في أوروبا لم يتقوض».
وأضاف رئيس قسم الاقتصاد والتمويل في جامعة القصيم: الاقتصاد الإسلامي ليس فقط تحريم الربا، هناك مجموعة من القواعد والقيم أهمها ترسيخ مفاهيم العدالة والحرية الاقتصادية المنضبطة، لكن المشكلة أن هناك من يثير قضية دخول الربا على النقود المعاصرة، ومع إيماني بأن آراءهم هامشية في ميزان البحث العلمي حيث يتضح من طرحهم ضعف في التأصيل الشرعي لمثل هذه القضايا الشائكة، والمالية الإسلامية أصبحت اليوم صناعة يتسابق على احتضانها كثيرون مع عمرها القصير الذي لم يتجاوز 40 سنة، وهي تنمو بمعدلات سريعة جدا، وأملنا أن تصبح المملكة ومركز الملك عبد الله المالي في الرياض مركزا عالميا لهذه الصناعة، قبل أن تتجه لشرق آسيا أو لدول الجوار وخاصة صناعة الصكوك الإسلامية، وصناعة الصيرفة الإسلامية في المملكة قضية فرضها الواقع وقيم المجتمع الدينية، ومؤسسة النقد لم يكن لها دور في تحفيز أو توجيه هذه الصناعة، كما أن هيئة السوق المالية ما زالت تتجاهل هذه الصناعة وكأن الأمر لا يعنيها، ولعله من الواجب اليوم إنشاء مراكز أبحاث وتطوير داخل المؤسسة والهيئة وفي الجامعات، حتى نتمكن من تقديم منتجات إسلامية أكثر قربا من قيم وروح الإسلام وتحقيقا للتنمية الحقيقية، بدلا من السعي وراء أهداف ربحية سريعة في التركيز على عقود التورق المنظم الذي ليس بعيدا عن صورة الربا ونتائجه.
من جانبه أشار علي الكاشف محلل اقتصادي إلى أن المنتجات التمويلية الإسلامية تخدم الاقتصاد وتحقق التنمية لعدم وجود زيادة ربوية عليها، وأشار إلى أن مجمع الفقه الإسلامي يرفض أية زيادة ربوية لقيامها على معادلة يتم بموجبها مبادلة مال بمال وزيادة، وهذا هو عين الربا المحرم شرعاً وفقاً للقاعدة الشرعية «كل قرض جر نفعاً فهو ربا».
وبين الكاشف أن الزيادة الربوية على القروض كانت هي سبب الأزمة المالية العالمية التي دخلت جميع الدول شريكة فيها بما فيها دول الخليج، نظراً لاستثماراتها الخارجية، حيث نجحت شركات العقار في أوروبا وأمريكا في تسويق المنازل لمحدودي الدخل، كما نجحت في الالتفاف على قوانين الحد الائتماني، ما نتج عنه ارتفاع في أسعار العقار، وبعد أن ارتفعت أسعار العقار وتضخمت أسعار منازل محدودي الدخل، حينها بدأ محدودو الدخل بأخذ القروض من البنوك بضمان منازلهم التي لم تسدد في الأساس، وكان الاعتماد بصرف هذه القروض على فرق السعر بين الطلب والقيمة في السوق، وبعد أن بدأت تطفو على السطح سلبيات عقود المؤسسات التمويلية أصبحت الأقساط الشهرية لا تطاق، ونتيجة لذلك امتنع كثيرون عن الدفع وبدأت أسعار العقار تهوي للأسفل، وهذا بالطبع ما لا تريده البنوك وشركات العقار فالجميع يبحث عن الفائدة. وأضاف «معظم البنوك وشركات العقار، أحست بالخطر فقامت ببيع ديون المواطنين على شكل سندات بضمان المنازل لمستثمرين عالميين، وبعد أن تفاقمت المشكلة لجأ بعض المستثمرين لشركات التأمين التي وجدت في الأزمة فرصة للربح عبر تأمين المنازل فيما لو امتنع محدودو الدخل عن السداد، فقامت بتصنيف سندات الديوان لفئتين: واحدة قابله للسداد وأخرى لا يمكن سدادها، ومع اتساع بؤرة المشكلة وتعقدها أصبح المواطن محدود الدخل يظن أن المنزل له، وشركات العقار التي لم تتسلم قيمة المنازل كاملة تظن أن المنازل لها، والبنوك تدعي أحقيتها في ملكية المنازل بحكم ما أخذه محدودو الدخل من قروض بضمان المنازل، وشركات التأمين تدعي أن المنازل لها بحكم التزامها بدفع مبالغ السندات للمستثمرين العالميين في حال عدم سداد محدودي الدخل.
وعن الصيغ التمويلية العقارية المتاحة في الشريعة قال المحلل الاقتصادي: إن هناك عدة صيغ أقرتها الشريعة الإسلامية يمكن الاستفادة منها في تغطية الطلب على المنتجات العقارية، وهي صيغة التمويل بالمشاركة والتمويل بنظام البيع الآجل أو بالتقسيط والتمويل بنظام بيع المرابحة والتمويل بصيغة بيع الاستصناع.

#3#

وأوضح الكاشف أن التمويل العقاري بصيغة البيع الآجل أو التقسيط يقصد به شراء العقار وسداد القيمة بعد أجل معين، ويطلق على هذه الصيغة البيع بالآجل أو الشراء بالتقسيط وعادة يكون الثمن الآجل أعلى من الثمن العاجل، وقد أجاز الفقهاء البيع بالآجل أو البيع بالتقسيط ودليلهم في ذلك قول الله تبارك وتعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا( كما أن هناك سلعة أو بضاعة أو شيء وسيط بين الطرفين، كما أجازوا زيادة الثمن الآجل على الثمن الناجز بشرط عدم فصل الزيادة عن الثمن. كما أجاز الفقهاء بيع الموصوف في الذمة وكذلك أجازوا بيع المقدور على تسليمه إذا كان من الأشياء النمطية المتعارف عليها. أما التمويل بصيغة بيع المرابحة فيقول الكاشف: يقصد به أن يطلب أحد العملاء أو الأفراد من جهة تمويلية أن تقوم بشراء عقار ما محدد بمواصفات معينة، على أن تبيعه له بالآجل وسداد ثمنه على أقساط بربح يتفق عليه بين الطرفين مع تقديم وعد بالشراء ودفع مبلغ مقدم لضمان جديته، وما يجب التأكيد عليه في هذا المقام هو ضرورة أن تقوم الجهة الممولة بالشراء الفعلي والتملك الحقيقي والحيازة بأي صورة من صور الحيازة المتعارف عليها قبل نقل الملكية إلى العميل طالب العقار حتى لا تدخل في شبهة بيع ما لا يملك المنهي عنها شرعاً.
وأضاف الكاشف: أما التمويل بصيغة المشاركة فيقوم على اتفاق طرفين على المشاركة في شراء أو تصنيع عقار، حيث يُقِّدم طرف الأرض التي سوف يقام عليها العقار فرضاً، ويقدم طرف آخر التمويل اللازم لبناء العقار، على أن يتفقا على توزيع عائد المشاركة بينهما بالتراضي.
وتابع الكاشف: والتمويل العقاري بصيغة بيع الاستصناع يستفاد منه عندما يحتاج فرد إلى قطعة أرض وليس عنده مال لبنائها، فيذهب إلى جهة تمويل لتقوم ببنائها لحسابه، وتقوم هذه الجهة بدفع تكلفة البناء إلى المقاول على أقساط أو دفعات، وعندما تنتهي عملية البناء، تقوم الجهة الممولة ببيع البناء إلى الفرد على أساس تكلفة البناء مضافا إليها عائد يطلق عليه «ربح الاستصناع»، وقد أجاز جمهور الفقهاء عقد بيع الاستصناع وعقد المقاولة لحاجة الناس إليهما قياساً على بيع السلم الذي أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وضع الفقهاء مجموعة من الضوابط والمعايير الشرعية لضمان تنفيذه بشكل صحيح لا يضر الأطراف المتعاقدة كافة.

الأكثر قراءة