مسيرة مجلس التعاون.. الملكية الفكرية مثالاً
حققت المسيرة المباركة لمجلس التعاون منذ انطلاقتها الميمونة بتأسيس مجلس التعاون وإقرار نظامه الأساسي في 1981، الكثير من الإنجازات والمكتسبات المهمة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وصلت معها تلك المسيرة إلى نقطة أضحت مثالاً يحتذى للكثير من المشاريع والمقترحات الوحدوية التي يتم طرحها بين وقت وآخر، ومكنت مجلس التعاون من أن يصبح بعداً مهما ويكتسب حضوراً مؤثراً في الكثير من القضايا والأحداث الدولية والإقليمية.
لقد استندت الإنجازات والمكتسبات التي حققها مجلس التعاون ويسعى إلى تحقيق المزيد منها في إطار مسيرته الخيرة، إلى كثير من الأسس الصلبة والقواسم المشتركة بين شعوب دول المجلس مثل اللغة والدين والتاريخ والبناء الاجتماعي الواحد والمصير المشترك، فضلاً مرجعيات راسخة لهذه المكتسبات، تتمثل في نظام أساسي أقره أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، حفظهم الله، والاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس، إضافة إلى القرارات المتعاقبة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون.
لقد شملت الإنجازات والأهداف التي حققها مجلس التعاون الكثير من المجالات والشؤون الحياتية المهمة، فمن النواحي السياسية وشؤون الدفاع والأمن، كتبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية المعاصرة، وإبرام اتفاقية الدفاع المشترك في 2000، والاتفاقية الأمنية بين دول المجلس، إلى مجالات التعاون الاقتصادي بكافة مساراته ومراحله، بدءا من إقامة منطقة للتجارة الحرة في 1983 التي قادت إلى حرية انتقال السلع الوطنية بين دول المجلس دون أية رسوم جمركية، ومروراً بقيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس اعتباراً من كانون الثاني (يناير) من عام 2003 الذي يعني توحيد التعرفة الجمركية وتحرير انتقال السلع والخدمات بين دول المجلس دون أية قيود أو عوائق، ووصولاً إلى قيام السوق الخليجية المشتركة ابتداءً من يناير من العام 2008 والتي تهدف إلى تحقيق المواطنة الاقتصادية، أي تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس، سواء كانوا طبيعيين أو اعتباريين، في كافة المجالات الاقتصادية في جميع الدول الأعضاء، وهذه المجالات ورد ذكرها، على سبيل المثال لا الحصر، في المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لعام 2001، وهي: مجالات التنقل والإقامة، والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد، وممارسة المهن والحرف، ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملك العقار، وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. يشار إلى أن الشأن الاقتصادي كان ضمن أهم المجالات التي حظيت بالكثير من المكتسبات والإنجازات المهمة والأهداف المتحققة، وذلك للطبيعة الخاصة له وارتباطه المباشر برفاهية ورخاء المواطن الخليجي.
كما يندرج ضمن ما تحقق من مكتسبات، تبني دول المجلس استراتيجيات وسياسات عامة في مجالات مختلفة مثل الاستراتيجية الأمنية الشاملة، والاستراتيجية طويلة المدى بشأن علاقات ومفاوضات دول المجلس مع الأطراف الأخرى، وتوحيد القوانين والأنظمة والإجراءات في كثير من المجالات الحياتية، فضلاً عن بناء المؤسسات الخليجية المشتركة مثل مكتب براءات الاختراع، ومكتب الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق، وهيئة التقييس لدول مجلس التعاون، ومركز التحكيم التجاري، وغيرها من المؤسسات الخليجية، يضاف إلى ذلك تنسيق المواقف على الساحة الدولية، والتفاوض الجماعي مع الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى، والتعاون والتنسيق وإقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل المشتركة في مختلف الموضوعات التي تهم دول المجلس، إضافة إلى الدراسات المتخصصة والمسوحات الإحصائية والتنبؤات الوقائية المشتركة، والكثير من الانجازات الأخرى في مختلف ميادين العمل المشترك.
ويلمس المواطن في دول المجلس بكل فخر، أن مسيرة مجلس التعاون قد شهدت في السنوات الأخيرة زخماً وتسارعاً ملموساً، ونقلات نوعية مهمة في كافة المجالات، دخلت معها تلك المسيرة مرحلة متقدمة من التكامل والترابط والتوحد، كان آخرها قيام السوق الخليجية المشتركة في مطلع عام 2008، والهدف القادم المنتظر، بإذن الله، هو قيام الاتحاد النقدي وإصدار العملة الخليجية الموحدة، بيد أن طموح قادة وشعوب دول المجلس ودعمهم لهذه المسيرة الخيرة للوصول إلى الوحدة الكاملة يظل الهدف الأسمى المنشود.