أولويات التنمية الاقتصادية في فكر الأمير سُلطان

كبيرةٌ هي الأمة برجالاتها... عظيمةٌ بإخلاص قادتها ومواطنيها.. شامخةٌ بهامتها كشموخ جبال طويق وأجا والسروات، قمتها لا تنثني إلا لخالقها ومدبرها.. ينابيع العطاء فيها كثيرة ومتنوعة.. نهر غرف ويغترف منه أبناء هذا الوطن المِعطاء بلا نضوب وبلا منّة وبلا استكبار.. نهر غمر بفيضه كل الواحات والقفار فارتوت بعد طول الانتظار.. قليلةٌ هي الكلمات بحق من يجب على الكلمات أن تنتشي وتنتثر من الأفواه وتلهج، بحمد الله، على عودته لوطنه سالماً مُعافى تطأ قدماه كل أراضي مملكتنا الحبيبة وهي تهتز نشوى فرحةً بمقدمه الكريم وتحمله بأكفها لتضعه فوق هام السُحب، وُتباهي به كل من خدم ويخدم العمل الإنساني والوطني وتقول: بل هو العمل، وهو الخير.. أجل هذا هو سُلطان الأمير، سُلطان الإنسان، سُلطان البساطة، بل سُلطان الإنسانية جمعاء، فقد اجتمع في سموه ولسموه الحب، العطاء المنقطع النظير، ناهيك عن الحكمة والحنكة اللتين قالتا لسموه وبدون تحفظ: بل أنت هما.
نعم يحق لنا أبناء هذا الوطن الكبير أن نقف احتراما لمن احترف العمل الوطني منهجا وسلوكا، ولمن قدم نفسه رائد منظومة البناء، التطوير، والتحديث لهذا الوطن الغالي.
ما قدمه ويقدمه سموه الكريم على مدى تاريخه الطويل والمجيد لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزاله أو حتى تسطيره بكلمات أو جُمل بسيطة، بل تعجز عن أن تحتويه مجلدات وأسفار كبيرة. شجرة عطاء مثمرة امتدت لتضرب بجذورها عُمق تاريخ وطننا العريق ولتمتد بتواصلها مُعطيةً ثمارها اليانعة في كل اتجاه لتشمل أرجاء مملكتنا الحبيبة بل وتتعداه. جمعة تاريخية نهاية العام الهجري المجيد، من العام 1430هـ، غمرت الفرحة وعم طوفان المحبة كل جزيرة وكل قفر وداخل كل مواطن، لتعم كل شرائح مجتمعنا بل امتدت الفرحة أبعد من وطننا الكريم لتصل كل الأوطان العربية والإسلامية وحتى الأجنبية. وما الاستقبال الذي حظي به سموه الكريم من الجميع وعلى رأسهم مولاي خادم الحرمين الشريفين إلا دليل قوي، وبرهان ناصع على سيرته العطرة وتاريخه الحافل وعطائه اللا منقطع.. أجل عطاء كعطاء الأشجار المُثمرة لتشمل كل الأصقاع والأوطان من أجل تحقيق التنمية للأوطان والتطور والازدهار للإنسان أياً كان، وهذه ليست بمُستغربة على سموه وشمولية عطائه، تفكيره وتحرر مداركه، وعقليته النيرة منذ نعومة أظفاره، حفظه الله، وأعلى مكانته. وقبل متابعة التطور التاريخي لمهام سموه - حفظه الله - التنموية، فقد باشر - رعاه الله - الكثير من المناصب القيادية والإدارية المهمة منذ عهد والده المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود، حيث رأس الحرس الوطني من عام 1362هـ إلى عام 1366هـ، بعدها عُيِّن سموه الكريم أميراً للرياض فوزيراً للزراعة ومن ثم المواصلات إلى أن تعين وزيراً للدفاع في العام 1383هـ. وقد يكون من الموضوعية أن نُشير إلى مباشرة سموه للعديد من اللجان التنموية المتنوعة والتي هدفت في مُجملها إلى إحداث نقلات تنموية نوعية وتطويرية للمملكة منها على سبيل المثال لا الحصر اللجنة العليا لسياسة التعليم، اللجنة العليا للإصلاح الإداري، مجلس القوى العاملة، اللجنة العليا للتوازن الاقتصادي... إلخ، وكلها من اللجان التطويرية الحيوية التي دأبت منذ تأسيسها على تحقيق الإصلاحات المرجوة ضمن الثوابت الوطنية العُليا والتي تهدف إلى تحقيق التغييرات الهيكلية للاقتصاد الوطني الذي ما فتئ ومنذ ذلك الوقت وهو في تطور ونمو دائم ومستمر. ولعل التصدي للمُعضلات الإدارية والعوائق الفنية يتطلب جهداً كبيراً وعقلية نيرة، فقد باشرت اللجنة العليا للإصلاح الإداري برئاسة سموه في محاولات منها لطرح بعض الخيارات التي تتعلق بالتنظيم وإعادة التنظيم للأجهزة والمؤسسات الحكومية للدولة بهدف رفع أداء الأجهزة الحكومية لتواكب المستجدات الإدارية الحديثة والتقنيات الجديدة وزيادة إنتاجيتها مع رفع مستوى خدماتها، حيث طرأ تحسن وتطور ملموس على المستوى التنظيمي والإداري في الأجهزة الحكومية في وقتنا الحاضر وهذا ما نلمسه على المستويات كافة، بالرغم من أنها لم تصل إلى الدرجة التي ترضي ولاة الأمر - حفظهم الله - لا شك أن العوامل الاقتصادية التي تحكم مناحي الحياة لم تغب عن بال سموه، فقد قامت اللجنة العليا للتوازن الاقتصادي والتي يرأسها سموه الكريم بالعمل على إنفاق ما يعادل 35 في المائة من قيمة عقود التسلح والمشروعات الدفاعية التي تعقدها المملكة مع الدول المُصدرة للسلاح والتكنولوجيا الدفاعية على شكل مشروعات صناعية متقدمة مُشتركة تضم الشركات الأم مع شركاء وطنيين، بالإضافة إلى المؤسسة العامة للصناعات الحربية، ويهدف برنامج التوازن الاقتصادي إلى المساعدة على تنويع القاعدة الإنتاجية للمملكة ليكون رافداً مهماً من روافد الدخل الوطني بجانب النفط، توفير فرص العمل للأيدي العاملة الوطنية المدربة لتأخذ مكانها في هذه الصناعات المتطورة، تشجيع الاستثمار داخل المملكة سواء لرؤوس الأموال الوطنية أم الأجنبية، وتطوير وتوسيع القاعدة الصناعية وإيجاد صناعات بديلة متطورة. وقد سعت هذه اللجنة بكل ما أُوتيت من قوة إلى تطوير الكثير من الصناعات التكنولوجية وتوطينها داخل المملكة وقد أثبتت هذه المشاريع نجاحاتها الباهرة في تقديم منتجات تكنولوجية وخدمات راقية تنافس مثيلاتها على المستوى العالمي. يضاف إلى ذلك إشراف سموه على اللجان المتعلق منها بالشأن السياحي وتطوير هذه الصناعة وإحداث هيئات وطنية محلية تتكفل بالمساعدة على تطويرها ونقلها إلى العالمية، مع الحرص الشديد على معالجة الآثار السلبية على البيئة والحرص الشديد على إيجاد السُبل الكفيلة بالمحافظة عليها. بيد أن إحدى الأدوات المهمة التي تستخدم للرفع من معنويات ونفسيات العاملين من أبناء الوطن وأثرها الإيجابي في إنتاجيتهم في كافة القطاعات هو وجود المؤسسات الخيرية التي تهدف إلى تقديم الخدمات الصحية والنقاهية والاجتماعية والثقافية بحيث تهدف بالدرجة الأولى إلى توفير الرعاية الصحية والاجتماعية لمن يحتاج إليها. وهذه لا شك أن لها أبعادا اقتصادية، حيث إن الاستقرار النفسي له آثار إيجابية في زيادة الإنتاجية، كون المواطن يشعر بأنه في وطن واحد وأن ما يجري عليه لا قدر الله سيكون محل الرعاية والاهتمام، وقد يحسن بنا الإشارة في هذا المقام، إلى جوائز وكراسي سموه البحثية في مختلف الجامعات المحلية والأجنبية، ونفقات سموه السخية على تشجيع إكمال الدراسة والعلاج الداخلي والخارجي، ما هي إلا أحد روافد ومحفزات التنمية الاقتصادية حيث مرتكزاتها الرئيسية التعليم والصحة. إن سلطان الأمير هو سلطان ابن الوطن الذي نذر نفسه ووقته وماله ليكون أداة فعّالة من أدوات التنمية لرفعة ورُقي هذا الوطن. حفظ الله سموه الكريم والأسرة المالكة. إنه جواد كريم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي