لم لا نسوِّق لبلادنا؟
عندما زار المملكة قبل أيام وفد لمنظمة الشباب العالمية،مكون من 64 شخصا يمثلون 22 دولة من مختلف جهات العالم ،وبحكم مرافقتي لهم في هذه الزيارة التي تضمنت مدن المملكة الرئيسية،لفت نظري اندهاشهم الشديد لما رأوه من تطور ونمو كبير في مختلف مناطق المملكة ،وهذا التطور الذي وصفه البعض بأنه يضاهي كبريات الدول الاستثمارية والصناعية في العالم. في بادئ الأمر أخذت خلال فترة زيارتهم للمملكة ومرافقتي لهم، أتساءل لم هذا الاندهاش والاستغراب مما رأوه، إلى أن حانت لي الفرصة وسألت مجموعة منهم عن هذا الاندهاش، الذي إن لم يكن باللفظ كان على تعابير المحيا، فقال أحدهم لي إننا لا نعرف عن المملكة العربية السعودية، إلا أنها دولة تصدر النفط بكميات كبيرة لدول العالم،ولم نتوقع أن تكون بهذا التطور من الناحية الصناعية أو الجاذبية للاستثمار، إضافة إلى أن ما أدهشنا كثيرا هو أن جميع المرافق الصناعية التي زرناها ،أو الشركات الكبيرة، كان أغلب العاملين فيها هم شباب سعوديون، ومن خلال تقديم العروض عند لقائهم واستعراضهم لبرامج وأنشطة جهاتهم ،وجدناهم على قدر كبير من العلم والتعلم،ويضاهون بخبراتهم الكثير من مديري الشركات العالمية على مستوى العالم.
من هنا تبادر إلى ذهني تساؤل كبير لماذا نحن الوحيدين الذين لا نسوق لبلادنا على الرغم من تطورها ؟ لماذا هذا الوفد لا يعرف شيئا عن ما وصلنا إليه من تطور وتقدم في شتى المجالات؟ ولماذا؟ وغيرها.
جميع هذه التساؤلات اختصرها وأتوجه بنداء من القلب إلى وزير التجارة والصناعة، ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار، إلى جانب الغرف التجارية الصناعية في المملكة ،بتبني برنامج وطني مشترك بين هذه الجهات لتعريف المستثمرين من خارج المملكة والوفود الزائرة وما تحتويه من فرص استثمارية متعددة عل مختلف مجالات الاستثمار،إضافة إلى التعريف بالميز النسبية لجميع مناطق المملكة ،التي منها ما يتميز بالصناعة كالمنطقة الشرقية،ومنها ما يتميز بالسياحة كمنطقة مكة المكرمة وأبها،ومنها ما يتميز بالزراعة كتبوك وحائل والجوف وجازان، وما يتميز بالآثار كمحافظة العلا، وغيرها من محافظات ومدن بلادي ولابد لهذا البرنامج أن يكون كخطة طويلة المدى تتضمن آليات مركزة، لتعريف المستثمرين في جميع دول العالم ، على فرص الاستثمار وميز مناطقنا النسبية، وإمكانيتنا ومدى التطور الذي وصلنا إليه في شتى المجالات،إلى جانب التسويق لقيمنا الدينية والثقافية وعادتنا الأصيلة ،التي هي مصدر فخر وعز لنا.
إن الوفود الأجنبية الزائرة لبلادنا ،عندما تجد من يعرفهم بالفرص الاستثمارية، وآليات الاستثمار،في ظل مثل هذا البرنامج المشترك يفتح أمامهم أفق واسع لوضع استثماراتهم في البلاد ،وبالتالي استغلال الميز النسبية لمناطق المملكة المختلفة ومن ثم توظيف شبابنا السعودي في تلك المناطق ،وعدم هجرتهم إلى مدن معينة طلبا للعمل ،واستقرارهم في مناطقهم التي نشأوا فيها.