الجهود الحكومية تعزز صناعة التمويل العقاري وتجني ثمارها في 2010
لعل أبرز ما حمله قطاع التمويل العقاري في 2009 هو الدعم الحكومي الرامي إلى رفع كفاءته التمويلية وتعزيز البيئة التشريعية والتنظيمية، للوصول بصناعة التمويل العقاري إلى آفاق أوسع. فالإعلان عن قرب إطلاق المنظومة التمويلية، وتأسيس شركة على غرار «فاني ماي» الأمريكية لشراء القروض العقارية من المؤسسات المالية، ومساهمة صندوق التنمية العقاري في تمويل بناء أكثر من 41 ألف وحدة سكنية، وتوصية مجلس الوزراء رفع رأس مال الصندوق المدفوع إلى 200 مليار ريال، وزيادة قيمة القرض المقدم للمواطن إلى 500 ألف بدلاً من 300 ألف، تعد أبرز مكاسب قطاع التمويل العقاري العام الماضي، فيما كان للأزمة المالية العالمية انعكاس سلبي في إحجام البنوك عن تمويل شركات التطوير العقاري لإنشاء مشاريع سكنية وتجارية كانت تنوي تنفيذها، الأمر الذي أدى إلى إضعاف القدرة الإنتاجية للقطاع العقاري لعاملين أساسيين هما: الخوف من الأزمة وضعف التسهيلات المالية.
ويمثل التمويل العقاري أهمية كبيرة للمواطن والمجتمع لمساعدته في توفير مساكن للمواطنين، في ظل الأزمة السكانية التي يعانيها المجتمع وتزايد أعداد المستأجرين في مقابل المتملكين.
وفي ظل ضعف مستويات الدخل وعدم قدرة شريحة كبيرة من المواطنين على الحصول على مساكن دون تمويل، فإن المطلب المنطقي الرئيس لمعالجة الأزمة السكانية هو إيجاد سوق تمويلية تتسم بالكبر والاتساع.
وفيما يلي نقدم عرضاً لأبرز الأحداث التي شهدها قطاع التمويل العقاري في 2009.
المنظومة التمويلية
ربما يكون أهم خبر في 2009 هو الإعلان الحكومي بأن المنظومة التمويلية تستعد للصدور قريباً، وأنها تنتظر موافقة المقام السامي لإقرارها بشكل نهائي.
وتتشكل المنظومة التمويلية من خمسة أنظمة هي «الرهن العقاري، التمويل العقاري، التأجير التمويلي، مراقبة شركات التمويل، التنفيذ».
وتعد المنظومة مهمة لكونها تتيح بيئة تشريعية وتنظيمية ما زال القطاع التمويلي يفتقدها، فصدورها يمثل انطلاقة حقيقية لدخول القطاع الخاص في الاستثمار في التمويل السكني - وبحسب بعض المختصين - فإن إطلاق المنظومة التمويلية يمثل الرهن العقاري جوهرها، سيزيد من حجم صناعة التمويل العقاري لتغطية حاجة شريحة كبيرة من المواطنين إلى الحصول على تمويل لاقتناء منازل خاصة بهم.
إن أكبر المعوقات التي تواجه التمويل العقاري هو افتقاده بيئة تنظيمية وتشريعية ترفع أداءه وتدفع القطاع الخاص إلى الاستثمار القوي فيه، ويمكن القول إن هذه الثغرة بدأت بالانسداد قليلاً، خاصة مع قرب صدور المنظومة التمويلية التي سترسم مستقبلا قويا لصناعة التمويل العقاري، الأمر الذي سيمهد لدخول شركات تمويلية برساميل عالية لزيادة حجم الإنفاق فيه.
شركة إعادة شراء الرهون
بعد الإعلان عن قرب صدور المنظومة التمويلية، أعلن وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أن المملكة تعتزم تأسيس شركة على غرار شركة «فاني ماي» الأمريكية لشراء القروض العقارية من المؤسسات المالية والمساعدة في تطوير أسواق محلية للسندات والصكوك، بالتزامن مع سن أول قانون للتمويل العقاري في المملكة، ومن المنتظر أن يبدأ سريانه قبل نهاية العام.
وتهتم الشركة الجديدة في إصدار الصكوك بضمان الرهون العقارية (الأصول العقارية)، ليكون بذلك اللبنة الأولى لتأسيس السوق الثانوية للسندات والصكوك.
وقال العساف إن قانون التمويل العقاري سيمكن المقترضين من الحصول على تمويل بتكاليف أقل بفضل المساندة القانونية.
وأكد العساف أن أحد عناصر قوانين التمويل العقاري إقامة هذه المؤسسة، واصفا الشركة بأنها أحد «المكونات»، وقال: «من المنتظر تأسيس الشركة التي ستصمم بحيث تناسب احتياجات السوق المحلية قبل نهاية العام».
إلا أنه لم يتم إصدار المنظومة التمويلية وشركة شراء القروض العقارية مع نهاية عام 2009 ومن المتوقع أن يتم إصدارها قريباً في 2010 في ظل عزم الحكومة سن الأنظمة والتشريعات المساندة لانطلاق صناعة التمويل العقاري.
صندوق التنمية العقاري
حقق الصندوق قفزات جيدة في 2009 حيث بلغ إجمالي القروض التي تمت الموافقة عليها خلال العام المالي 1430/1431هــــ (33804) قرضاً قيمتها الإجمالية (9466) مليون ريال، ساهمت في بناء أكثر من (41463) وحدة سكنية.
وصندوق التنمية العقاري هو المصدر الأساس للتمويل العقاري منذ 34 سنة إلا أن برامجه في الوقت الحالي لا تلبي قيمة البناء الفعلية، وطالب عقاريون أن يستثمر الصندوق مباشرة في القطاع الإسكاني، وأن يطور من برامجه التمويلية تلبية لمتطلبات المرحلة بتقديم منتج نهائي للمواطن، بدلا من قيمة التمويل الحالية البالغة 300 ألف التي لا تفي بقيمة الأرض فضلاً عن قيمة البناء الفعلية.
وأمام ذلك رفع مجلس الشورى إلى المقام السامي بعدد من التوصيات منها:
أولاً: قيام صندوق التنمية العقارية بتوحيد مبلغ القرض المقدم للمواطنين في مختلف مناطق المملكة.
ثانياً: تحديث نظام صندوق التنمية العقارية بما ينسجم مع تنظيم الهيئة العامة للإسكان والأنظمة ذات العلاقة.
ثالثاً: رفع رأس مال صندوق التنمية العقارية المدفوع ليصبح 200 مليار ريال.
رابعا: دراسة وضع آلية للتعاون بين صندوق التنمية العقارية والمؤسسات المالية التجارية لمنح تمويل إضافي لمن يرغب من مقترضي صندوق التنمية العقارية تحقيقاً لمصلحة المقترض والصندوق والمؤسسات المالية والتجارية.
خامسا: إلغاء شرط تقديم صورة من صك تملك الأرض مع الأساس للمطابقة عند التقدم لطلب قرض من صندوق التنمية العقارية.
سابعاً: تكليف جهة محايدة «متخصصة» بدراسة أداء صندوق التنمية العقارية السابق، وصولاً إلى ما يجب عمله في المستقبل.
شح تمويل المطورين العقاريين
لعل أبرز سلبيات العام الماضي هو ضعف تمويل شركات التطوير العقاري، وذلك بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية التي جعلت البنوك والمؤسسات المالية تتحوط من تقديم تسهيلات تمويلية طويلة الأجل، ما دعا بعض شركات التطوير العقاري إلى تأجل البدء بمشاريعها المعلنة حتى انقشاع الأزمة، أو البحث عن التمويل من الخارج، أو استبدال المشاريع الكبيرة بمشاريع أقل حجماً وتكلفة، الأمر الذي أدى إلى إضعاف القدرة الإنتاجية لشركات التطوير العقاري، بسبب إحجام البنوك عن التمويل.
تمويل الأفراد
استمرت البنوك والشركات التمويلية وشركات التقسيط في تقديم برامج تمويلية للمواطنين لغرض بناء وتملك مساكن وأراض وبرغم توجه البنوك التجارية والقنوات التمويلية الأخرى لزيادة حصتها في سوق التمويل العقاري، إلا أنها لم تفلح في زيادة أعداد المتمولين المستفيدين من تلك البرامج، لأن اشتراطات الحصول على تلك القروض صعبة ومعقدة، ويتذمر المواطنون من أن الفائدة التمويلية عالية، ربما تصل في فترات السداد الطويلة خلال 20 و30 سنة إلى نصف قيمة التمويل.
قلة شركات التمويل العقاري
ما زال قطاع التمويل العقاري يعاني قلة الشركات التمويلية المتخصصة في تقديم التمويل السكني للمواطنين، حيث لا يوجد في السوق سوى خمس شركات هي دار التمليك وأملاك العالمية ومُلاك والشركة السعودية لتمويل المساكن «سهل» ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي التي تعتبر أول شركة تعنى بتقديم برامج إسلامية لتمويل شراء مساكن في السعودية.
وشهد بداية العام الماضي إطلاق شركة للتمويل العقاري برأسمال 600 مليون ريال بمشاركة عدد من رجال الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، بهدف أن تصبح شركة متخصصة في توفير منتجات التمويل العقاري، بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية إلا أنها لم تبدأ العمل فعلياً.
ومع إقرار المنظومة التمويلية فإنه من المتوقع أن تدخل القطاع التمويلي شركات مماثلة متخصصة في تقديم التمويل السكني للمواطنين بعد أن أبدى عدد من المستثمرين ورجال الأعمال تطلعهم للاستثمار فيه.