تقرير: فرص الأزمات تدعم عودة الصناديق السيادية إلى أسواقها المحلية

تقرير: فرص الأزمات تدعم عودة الصناديق السيادية إلى أسواقها المحلية

ذكر تقرير عقاري أن عشرات المليارات من الدولارات التي ذهبت لدعم ميزانيات مؤسسات وشركات في قطاعات، تضررت كثيرا من أزمة الرهن العقاري مثل البنوك وشركات التأمين ومن شركات اقتربت من الإفلاس بسبب أزمة السيولة وتباطؤ الاقتصاد، بدأت بالرجوع للاستثمار في مشاريع كبرى خليجية ومحلية تعرضت هي الأخرى لأزمة محلية وإقليمية بدأت تظهر تبعاتها على الاقتصاد الخليجي.
وقال تقرير شركة المزايا القابضة إن صناديق الثروة السيادية بدأت في التحرك استجابة لضغوط محلية وإقليمية، للانسحاب من استثماراتها التي قامت بها خلال الشهور الـ 18 الأخيرة خصوصا تلك التي ارتبطت بحزم إنقاذ لشركات ومؤسسات عالمية، إثر تفجر أزمة الرهن العقاري الأمريكي وما تبعها من أزمة مالية تحولت سريعا إلى أزمة اقتصادية عالمية.
وأخيرا، قامت هيئة الاستثمار الكويتية ببيع حصتها في بنك سيتي جروب، وقبل ذلك، باعت قطر نصف أسهمها الممتازة في «فولكس فاجن»، وتخلصت من نحو نصف السندات التي تمتلكها في مصرف باركليز البريطاني في تشرين الأول (أكتوبر)، فيما أعلنت شركة الاستثمارات الدولية البترولية «أيبيك» بيع سنداتها القابلة للتحويل في المصرف البريطاني في حزيران (يونيو) الماضي. وفي هذا ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الهيئة العامة للاستثمار في الكويت كانت قد قامت بخفض استثماراتها العالمية في خطوة تعكس الضغوط السياسية التي تتعرض لها الصناديق السيادية للاستثمار في السوق المحلية.
ونقل التقرير عن صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية قولها إن الصناديق السيادية تواجه ضغوطاً للاستثمار في السوق المحلية، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تسعى فيه دول الخليج إلى التعافي من الأزمة المالية العالمية، فإن بعض الصناديق السيادية تبدي اهتماماً بالقيام بمزيد من الاستثمارات المحلية لدعم المؤسسات والشركات المتعثرة العاملة في البلاد.
وفي السياق ذاته، قالت الهيئة العامة للاستثمار الكويتية في بيان إنها حولت أسهمها الممتازة في «سيتي جروب» إلى أسهم عادية، ثم باعتها كلها مقابل 4.1 مليار دولار، وحققت ربحاً من عملية البيع قدره 1.1 مليار دولار، أي ما يساوي العائد على استثمارها الأصلي نسبته 37 في المائة. وكانت الهيئة قد استثمرت مبلغ ثلاثة مليارات دولار في «سيتي جروب» على شكل أسهم ممتازة في كانون الثاني (يناير) 2008، ضمن برنامج استثمار يراوح بين 30 و40 مليار دولار ضخته في الأسواق العالمية. وكان الأمير الوليد بن طلال قد أعلن مطلع العام أنه ومجموعة من المستثمرين العالميين استثمروا في اكتتاب خاص بمبلغ 47 مليار ريال (12.5 مليار دولار)، وهي عبارة عن سندات قابلة للتحويل إلى أسهم في سيتي بنك.

لكن تقرير «المزايا القابضة» الذي يرصد تطورات الأسواق الخليجية حذر من مغبة الاستثمارات «غير المحسوبة» وتلك التي يختلط فيها العامل السياسي مع الاستثماري وهو تماما ما حدث مع جهاز أبوظبي للاستثمار الذي تعرض استثماره في «سيتي جروب» إلى خسائر كبيره دفعته إلى المطالبة بتعويضات من عملاق المصارف الأمريكي. وكان «سيتي جروب»، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من 2007، حصلت على تمويل فوري من أبوظبي بعد التوصل مع جهاز أبوظبي للاستثمار، وهو الصندوق الذي يدير ثروة سيادية للإمارة، لصفقة بقيمة 7.5 مليار دولار مقابل منح أبوظبي وحدات ملكية القابلة للتحويل إلى أسهم عادية.
إلى ذلك، رصد التقرير محاولة جهاز أبوظبي للاستثمار تقليل خسائره في صفقة «سيتي جروب» بعد أن تقدم بدعوى تحكيم في الولايات المتحدة الأسبوع الفائت لإلغاء الصفقة التي سيخسر من ورائها أكثر من 6.69 مليار دولار لو تمت عملية التبادل تبعا للإطار الزمني والأسعار المتفق عليها، حيث يرى الجهاز أنه تعرض لتضليل من البنك الأمريكي عبر الادعاء الكاذب، ويطالبه بإلغاء الصفقة أو دفع تعويض بأكثر من أربعة مليارات دولار. وقال جهاز أبوظبي للاستثمار إنه تقدم بـ «دعوى تحكيم» بشأن نزاع على استثمار بقيمة 7.5 مليار دولار، وإنه يطالب «بحقوقه الكاملة» وسيقوم بالدفاع عنها في دعوى التحكيم، دون أن يعطي تفصيلات إضافية متذرعا بسرية التقاضي.
ورصد تقرير شركة المزايا القابضة تناميا في اهتمام بعض المستثمرين بالأصول المتعثرة والديون التي تواجه إعسارا في سدادها في مواعيدها، معتبرين أن كثيرا من الأصول والديون هي في الواقع ذات قيمة مؤجلة وكل ما تحتاج إليه هو تغطية مدة زمنية من خلل التدفقات النقدية والسيولة المتوافرة. وقال التقرير إن الشركات التي تواجه مشاكل في تسديد التزاماتها ستسعى إلى بيع أصولها الأفضل لأن الأسواق لن تعير الأصول الأقل جودة أي اهتمام وبالتالي يمكن أن ينتهز المستثمرون أصحاب السيولة العالية مثل صناديق الثروة السيادية والمؤسسات المدعومة حكوميا، بالإضافة إلى شركات الاستثمار في الملكيات الخاصة، وتحقق من وراء صفقات مماثلة عوائد رأسمالية وربعية جيدة خلال الشهور المقبلة التي يتوقع أن تشهد تحسن الاقتصاد.
وكان تقرير مجموعة «بنك أوف أميركا ميريل لينش جلوبال ريسيرتش» حول آفاق الاقتصاد الكلي في عام 2010، قد توقع انتعاشاً اقتصادياً عالمياً بطيئاً و ثابتاً ولكن بمعدلات تفوق توقعات جمهرة المحللين، وبقيادة اقتصادات دول الأسواق الصاعدة خلال العام المقبل. وتوقع التقرير نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي بمعدل 4.4 في المائة، وتصدر اقتصادات دول الأسواق الصاعدة موجة النمو بمعدل سيبلغ 6.3 في المائة، بينما يتوقع خروج اقتصادات الدول المتقدمة من نفق الركود لتنمو بمعدل 2.7 في المائة. ومن بين القطاعات المستفيدة من التفاؤل الجديد بانتعاش الاقتصاد العالمي، قطاعات المواد الكيماوية والموارد الأساسية والبناء.
وفي هذا المجال، كان بنك إنفستكورب الاستثماري، ومقره البحرين قد أعلن عن نيته إنشاء صندوق برأسمال مليار دولار للاستفادة من خلال شراء الديون متعثرة السداد. كما يسعى عدد من صناديق التحوط إلى الاستفادة من الفرص المتاحة في الأصول والديون الخليجية الممتازة.
ويرى التقرير أن الأصول التي تملكها شركات مثل «دبي العالمية» والتي طلبت إعادة هيكلة ديونها ستغري كثيرا من الشركات لشرائها إن عرضت للبيع خصوصا إن وصلت الأمور إلى تسييل تلك الاستثمارات في حال فشل مفاوضات إعادة الهيكلة مع الدائنين.
ولفت التقرير الأسبوعي للمزايا إلى أن معهد حوكمة الشركات «حوكمة» نشر نتائج استبيان شدد على أهمية إصلاح أنظمة الإعسار وحقوق المقترضين والدائنين في رفع الكفاءات الاقتصادية إقليمياً وتعزيز قدرة أسواق المنطقة على مواجهة الأزمات. ويشير الاستبيان إلى أن قوانين المنطقة تعد بين الأقل تطوراً في العالم على صعيد إعادة هيكلة الشركات التي تواجه مشكلات، وهو ما عكس مخاوف حقيقية دفعت معهد حوكمة الشركات (حوكمة) وشركاه إلى الاتفاق على تأسيس منتدى إقليمي للمضي قدماً في إصلاح أنظمة الإعسار وحقوق المقترضين والدائنين.

الأكثر قراءة