أزمة الإسكان .. الحلول بيد الحكومة فقط
التدخل الحكومي الأخير لمعالجة أزمة الإسكان في المملكة، جاء استكمالا لفرض كلمة الدولة على إيجاد حلول لهذه الأزمة التي يعانيها السعوديون، خصوصا أن التقديرات تشير إلى أن 70 في المائة من المواطنين لا يملكون مساكن، وهؤلاء بينهم عدد كبير يواجهون صعوبة في دفع قيمة الإيجارات التي تزداد سنويا.
لقد برهنت حلول الدولة التي طرحتها على مدى السنوات القليلة الماضية أنه بالإمكان مواجهة المقاومة الشديدة لإبقاء القطاع العقاري بأيدي التجار «طويلي البال» والمضاربين بالأراضي التي وصلت إلى أسعار خيالية دون مبررات لذلك.
فقد تمثلت الخطوة الأولى للحكومة في دعم صندوق التنمية العقارية بمخصصات كبيرة، بعد أن ظل الصندوق لعقود طويلة يعاني شحا في المخصصات وضعفا في التسديد من المقترضين، فقد أنهى صندوق التنمية العقارية عام 2009 بصرف أكثر من 33 ألف قرض لبناء 41 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق السعودية بقيمة تتجاوز تسعة مليارات ريال، وذلك من خلال ست دفعات متتالية بمعدل دفعة كل شهرين.
وهذا يعني أن مدة الانتظار الطويلة التي يعيشها المواطنون للحصول على القرض انخفضت إلى النصف، مما أسهم في تخفيف أزمة المساكن.
ثم جاءت الخطوة الثانية والمهمة، عندما أقرت الحكومة الأسبوع الماضي، ضوابط جديدة تستهدف تسهيل الحصول على المسكن للمواطنين من خلال توفير السبل كافة لتحقيق ذلك، حيث نصت الضوابط الجديدة على ربط المنح التي توزعها وزارة الشؤون البلدية والقروية ببرنامج سكني يضمن حصول المواطنين على مساكن، وتخصيص أراض للهيئة العامة للإسكان في المدن المختلفة بحيث تؤدي أعمالها وفق الخطط المعدة لهذا الغرض، لتتولى الهيئة بناء وحدات سكنية مناسبة عليها توزع على المواطنين بحسب الضوابط والإجراءات التي تضعها الهيئة.
وشدد القرار على أن تراعي وزارة الشؤون البلدية والقروية عند تخصيص أراض للهيئة أن تكون ضمن المخططات الحكومية المعتمدة، وتوفر فيها الخدمات من المبالغ المعتمدة في الميزانية أو وفقاً للائحة التصرف في العقارات البلدية، على أن توزع تلك الأراضي في مختلف أنحاء المدينة التي تخصص فيها لما يؤدي إليه ذلك من اندماج المستفيدين من مشاريع الإسكان مع باقي أفراد المجتمع.
طبعا هذا القرار جاء لمصلحة الإسكان مباشرة، بما يمنع تحويل المنح إلى منتجات تجارية القصد منها البحث عن عائد على الاستثمار من قبل التجار أو صغار المستثمرين من خلال شرائها بأسعار زهيدة، ومن ثم التمسك بها وعدم عرضها للبيع لسنوات طويلة، مما يؤدي حتما إلى ارتفاع أسعارها لصالح التجار والمضاربين بالأراضي، وبالتالي انعدام فائدة منح الأراضي.
هناك عديد من الخطوات بيد الحكومة يمكن طرحها لحماية المواطنين من ذوي الدخل المحدود الذين يحلمون بالمساكن، ومن ذلك معالجة تأخر فسح المخططات السكنية حتى يزداد المعروض من الأراضي المخصصة للإسكان الذي يعد من العوامل التي تحد من تضخم الأسعار.
الواقع الذي أمامنا يثبت أن التدخل الحكومي لمعالجة قضايا الإسكان دون مساعدة القطاع الخاص، سيقضي على المشكلة التي رأى الأغلبية صعوبة في حلها، الأمر الذي يجعلنا ننتظر مزيدا من التدخلات الحكومية.