مصطلحات تتردد في المحاكم (1)
التماس إعاة النظر
تنص الأنظمة على أن الحكم يكون نهائيا وقابلا للتنفيذ في حالات محددة , وهي ما إذا كان الحكم غير خاضع للتمييز - وذلك في القضايا البسيطة ويحددها المجلس الأعلى للقضاء - , وفي حال ما إذا قنع المحكوم عليه بالحكم أو فات آخر ميعاد للاعتراض أو تأيّد الحكم من محكمة التمييز , ففي هذه الحالات الأربع يُسمى الحكم نهائياً أو قطعياً , وللمحكوم له أن يتجه إلى قاضي التنفيذ للمطالبة بتنفيذ الحكم , ولا يجوز بحال أن يتم إيقاف التنفيذ أو التأخر فيه سواء من المحكوم ضده أو من القضاء - مع مراعاة أن للقضاء الحق في التحقق من توافر اشتراطات التنفيذ - , فلا يُقبل من المحكوم ضده في هذه المرحلة أن يعترض بعدم قناعته بالحكم أو أنه حصل عليه جورٌ ونحوها من الاعتراضات التي يرددها البعض عند التنفيذ .
إلا أنه ورد في النظام ثلاث صور يمكن فيها التوقف في تنفيذ الحكم ولو كان نهائيا , الأولى: وجود «منازعة تنفيذ» , وسيكون لها مقالة مستقلة - إن شاء الله -, الثانية أن يقع في منطوق الحكم غموضٌ أو لبسٌ , ففي هذه الحالة يتم تفسير الغموض وإزالة اللبس من محكمة الموضوع , ويكون هذا التفسير خاضعا لأحكام التمييز , والثالثة وهي الأهم والمقصودة في هذه المقالة فهي:» التماس إعادة النظر» .
ويُقصد بالتماس إعادة النظر : طلب أحد الخصوم في حالات محددة – ستأتي الإشارة إليها- من المحكمة إعادة النظر في الحكم النهائي , ولا بد من القول إن الأصل هو العمل بما يكفل ويحقق استقرار الأقضية ونفاذها وعدم فتح باب الاعتراض عليها , إلا أن المنظم راعى - استثناء- صوراً وأحوالاً يرَجحُ معها احتمالية تغيّر الحكم في حال ثبوتها , أو أن حسنَ سيرِ العدالة يقتضي مراعاتها لقطع المنازعات بين الخصوم , وعندما نقول «استثناء» فهذا يعني عدم جواز التوسع فيها أو القياس عليها , وقد أسند النظام تقدير قبول الطلب لمحكمة التمييز في القضايا الخاضعة لنظام المرافعات الشرعية فالتقديم يكون لها في نموذجٍ محددٍ متوافر لدى المحكمة .
والصور هي :
1- إذا كان الحكم قد بُني على أوراق ظهر بعد الحكم تزويرها ، أو بُني على شهادة قُضي من الجهة المختصة بعد الحكم بأنها مزورة.
2- إذا حصل الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان قد تعذر عليه إبرازها قبل الحكم.
3- إذا وقع من الخصم غش من شأنه التأثير في الحكم(
4- إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه .
5- إذا كان منطوق الحكم يناقض بعضه بعضاً.
6- إذا كان الحكم غيابياً.
7- إذا صدر الحكم على من لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى.
ولهذا الحكم « التماس إعادة النظر» أصلٌ في الفقه الإسلامي وهو ما يذكره الفقهاء ويعمل به قضاة المحاكم في المملكة: وهو أنه في حال كان الحكم ضد غائب فإنهم ينصّون في الحكم على أن الغائب على حجته متى ما حضر , وهذا يمكنه من الامتناع عن التنفيذ إلى حين إعادة المعاملة إلى قاضي الموضوع للنظر في ما لديه من حجج .
ولا بد من التأكيد أنه لا يجوز بحال أن يتم استغلال أي نص نظامي أو طريق من طرق الاعتراض كفله النظام لتأخير أداء الحقوق لأصحابها وتعطيل تنفيذ الأحكام لأن فيه مخالفة لقوله تعالى :» يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود « , ومن عطل الحكم فقد أخلّ بهذا الوفاء , كما أن فيه أكلا لأموال الناس بالباطل فالمدة التي تمرّ والخصم يعلم أحقية خصمه بما يطالب به فقد أكل حقه واستحق الوعيد , والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :» من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه , ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله» أخرجه البخاري.