تملك المسكن.. بين العدو والصديق

من الطرق التي اعتمدها عديدون لتوفير احتياجاتهم المستمرة سواء كانت أساسية أم ثانوية نجد أن التقسيط أصبح هو الحل الوحيد في نظر الراغبين في توفير مستلزمات حياتهم وأسرهم في ظل ظروف اقتصادية متقلبة، ومن هنا نجد أن النمط المعيشي والنظرة إلى الأمور اختلفت كثيرا عن السابق فقد كان الاقتراض أو (الدين) من أصعب الأمور التي يلجأ إليها الفرد وذلك لأنهم يرون الاستدانة عيباً لا يقوم به إلا المحتاج بشدة حتى إنه -وأعني المدين - يؤكد على الدائن الحرص على السرية لأنه لا يرغب في أن يعلم أحد أنه يستدين.
ولكن مع تغير الظروف الاقتصادية تغيرت النظرة والسؤال هنا: هل تغير النظرة تجاه الدين هو من مصلحتنا أم ضدنا؟ والتساهل الذي يظهره البعض في الاستدانة أو التقسيط حتى لأشياء غير أساسية كالجوال أو التلفاز أو استبدال الأثاث أو غيرها من الأمور غير الضرورية، هل سيعود بفائدة على المسددين أم سيشكل عبئاً أكبر عليهم .
أعلم أن كثيرا منهم يقولون إنهم غير مستدينين ولكنهم في الحقيقة استخدامهم البطاقات الائتمانية بشكل غير عقلاني يجعلهم مستدينين!! وأتساءل مرة أخرى: هل النظام يكفل حقك كمستدين أم أن الحقوق محفوظة للدائن فقط؟
بالطبع فإن كثيرين أو الأغلبية فكروا في الأقساط كحل لتوفير بيت العمر ولكن عند التقسيط عن طريق البنوك نجد المبلغ يتضاعف ويتضاعف! وأستغرب أن نظام التقسيط من الأنظمة الحديثة نسبيا لدينا لكن عديدا من الدول سبقنا في هذا المجال، فلماذا لا نستفيد من خبراتهم؟ فإذا كان المنزل سيبقى باسم البنك أو الممول فلماذا المبالغة في الفائدة التي سيجنونها؟ وهذا ينطبق على شركات التقسيط التي تروج لأسعار الشقق والفلل على أساس أن المشتري سيدفع مقدماً بسيطاً وسيحصل على تسهيلات في الأقساط الشهرية ولكن لم يعلم كم سيستمر التقسيط ؟ وكم الفائدة التي ستجنيها الشركة المقسطة، سنجد أنها تلتقي مع البنوك في الفائدة والمدة.
أعلم أن الفائدة هي من حق أي جهة ممولة وذلك مقابل التسهيلات المقدمة ولكن نجد غالبا أن التسهيلات هي في الحقيقة تعقيدات، فالجهة الممولة تدقق في كل شيء يتعلق بالمبنى سواء صحة البناء أو عمره وغيرها من الأمور، ولكن تسهيلات للمشتري غير متوافرة، مع العلم أن الجهة الممولة هي المستفيدة 100 في المائة من هذه العملية لأنها ستضمن مبالغ تدر عليها من كل جهة لمدة لا تقل عن 18 سنة، فهل من المنطقي أن أسدد أقساطاً أكثر من نصف راتبي لمدة 18 سنة وأين التسهيلات؟!
أنا أرى أنه لو تم إيجاد مكاتب تسليف تابعة للمؤسسات الحكومية تستفيد من رواتب التقاعد المستقطعة بتسليف الموظفين بضمان العمل وفق شروط وأنظمة محددة ومن الممكن تطبيق ذلك على موظفي القطاع الخاص وذلك بإلزام المؤسسات والشركات الأهلية بتسجيل موظفيها السعوديين في التأمينات الاجتماعية بأن يحصل كل موظف سعودي على رقم في التأمينات الاجتماعية، وذلك بحسم مبلغ مقطوع من راتبه شهريا باعتباره مبلغ تقاعد، وهنا يحق له ما يحق للموظف الحكومي سواء كان راتبه 3000 أو أكثر بغض النظر عن كم مقدار الراتب.
وما دامت الجهة الممولة تضمن حقها باسترجاع المنزل في حال عدم استيفاء الأقساط فلماذا التعقيد؟ مع العلم أنه في حال (لا سمح الله) استعاد الممول المنزل لا يرد ما تم دفعه من مبلغ، باعتباره عربوناً غير مسترجع!
فهل نظام التقسيط ناجح أم أن الحاجة اضطرتنا إلى قبول ما لم يقبله من سبقونا؟ وهل نحن بحاجة لإعادة النظر في إدارتنا المالية بالتوفير؟
وهل التقسيط هو العدو أم الصديق؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي