الجامعات والتفكير خارج الميزانية
من حق كل مؤسسة أو منشأة حكومية أن تبرز قوة أنظمتها ونجاحاتها ليس من مبدأ عرض القوى، وإنما لإبراز متانة الأنظمة والثقة العالية التي تتمتع بها وتفوقها الإداري والفني.
وزارة التعليم العالي وتحديداً وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري ونائبه الدكتور علي العطية حرصا يوم الثلاثاء الماضي على إبراز القدرة المالية والأكاديمية والإدارية التي تتمتع بها الوزارة عندما نظمت أكبر تجمع للمؤسسات الأكاديمية بمشاركة 365 مؤسسة عالمية وعربية وسعودية تضم 300 جامعة تمثل 32 دولة في أمريكا وأوروبا وآسيا وأستراليا ومن أشهر جامعاتها.
اعتبره البعض نوعا من الشراكة والمنافسة العربية والإسلامية في اقتصاد المعرفة مع الجامعات العالمية.. وهذا مقبول بين المؤسسات التعليمية وجذوة التحدي والمنافسة هو الوقود الذي لا تعيش دونه الجامعات.. حتى إن فلسفة التعليم تقوم على التحدي والمنافسة.. فما الذي دفع بالدكتور علي العطية نائب وزير التعليم العالي لأن يفكر في مثل هذا العرض للجامعات على غرار المنتديات الاقتصادية والمؤتمرات السياسية بين الدول ذات الشراكة الواحدة.. وأيضاً ما الذي جعل الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي يتبنى مثل هذا المشروع ليس فقط من أجل الابتعاث إنما من أجل الجامعات القائمة حاليا 24 جامعة حكومية وثماني جامعات أهلية. هل كان بدافع الانجذاب إلى مساحة التنافس الجامعي ليصبح جزءاً من التشكل الجامعي العالمي الجديد أم أن هناك متغيراً آخر.
وهنا أتوجه إلى الدكتور علي العطية المحرك المالي والإداري للجامعات هل الوزارة لديها نوايا مستقبلية لاختصار مراحل التنامي لتتطور بصورة أسرع من الجامعات الأوروبية والآسيوية التي تقوم على إرث تاريخي وعراقة زمنية ومنهجية حتى أتمت بناء نفسها وهي التي تعود إلى القرن الـ 18 الميلادي في القدم الحضاري.
اختصار تلك السنوات غير المخل بالمنهجية الأكاديمية يحتاج إلى التوسع في الميزانيات المالية لكل جامعة.. إضافة إلى تحديد فلسفة كل جامعة ما بين التعليمي والبحثي والخدمي، وأيضا تخصصات العلوم التطبيقية والدراسات الإنسانية وتلك التخصصات التي بدأت تدمج بين العلوم لتولف تخصصات تناسب سوق العمل.
الجامعات العالمية التي شاركت في المعرض الدولي للتعليم العالي لها تقاليد مالية وأنظمة عريقة وتتكئ على خبرات السنين من دعم مباشر من دولها ومن الصناديق والهبات والأوقاف والاستثمارات.. وجامعاتنا يا دكتور علي ما زالت تعيش على الدعم المباشر والسخي وغير المحدود من الدولة باستثناء بعض الأفكار والإرهاصات التي بدأت تعلن عن نفسها أخيرا مثل الأوقاف والكرسي وهبات بعض مؤسسات الدولة من الشركات العملاقة.
أليس من المناسب التفكير والتخطيط لإيجاد موارد مالية لجميع الجامعات خارج خزانة الدولة للصرف على مشاريع اقتصادية واستثمارية كما شاهدناه في المعرض الدولي، حيث تحولت الجامعات العالمية المشاركة إلى منتج ومسوق تجاري للمعرفة.