الكليات الصحية.. مطالب وشكاوى
لا ألوم ولا أنكر على كل من سدت جميع الأبواب في وجهه، ووجد حاضره ومستقبله أمام حائط مسدود، في أن يلجأ لكل الطرق والوسائل المشروعة بالطبع، لكي يجد مخرجا وتحل ما تعترضه من مشكلات وصعاب وتعقيدات بيروقراطية أحياناً، ولن يكون مستغرباً في أن يتوسم مثل هؤلاء في الكتاب خيراً في إيصال صوتهم، وعرض مطالبهم وشكاواهم ومعاناتهم لمن يعنيه الأمر، ولهذا يجد الكتاب من يراسلهم عارضاً عليهم ما يرونه مظلمتهم، طالبين منه عرضها لعل وعسى أن تجد أذاناً صاغية وحلولاً لدى من في يده الحل.
قبل ما يقارب الأسبوعين تلقيت على بريدي الإلكتروني رسالتين ممن عرفوا أنفسهم بخريجي الكليات الصحية المتوسطة وخاصة من قسمي الصيدلة والأشعة، والتي يشكون فيها مما سموه تجاهل توظيفهم والاستفادة من تخصصاتهم، ويقولون إنه قد مر على تخرجهم عام كامل وهم ما زالوا على قائمة الانتظار لدى وزارة الصحة، وما يزيد من ألم هؤلاء والذين يشيرون إلى أن عددهم أكثر من 1700 شخص من كافة التخصصات الطبية، أن كل المستشفيات والمستوصفات الصحية الحكومية والخاصة تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية الوطنية، وأنه ما زال يستعان من الخارج وبأعداد كبيرة لسده، أي أنهم يرون أن هناك فرص عمل متوفرة في القطاعين الحكومي والخاص، ولكنهم يعانون الانتظار الطويل، ويكتوون بما يرونه تعقيدات لا لزوم لها.
قد تكون هناك ملاحظات على أداء الكليات الصحية الأهلية وجودة مخرجاتها، ونعرف ما أثير حولها من لغط حين كان الإشراف عليها من قبل مؤسسة التدريب التقني والمهني قبل أن ينقل الإشراف عليها للهيئة السعودية للتخصصات الطبية، بسبب عدم وجود قدرة إشرافية لمؤسسة التدريب التقني والمهني على تخصصات طبية لعدم وجود مثل هذه التخصصات لديها، وحين أصبح الإشراف عليها من قبل جهة متخصصة، وأعيد الأمر لأصحابه من ذوي الاختصاص، كان لا بد وأن يتم التعامل مع خريجي هذا المسار التعليمي الطبي المطلوب بقدر كامل من الاهتمام، وأن يتم توظيفهم في مختلف القطاعات الصحية التي لن تغطيها الدفعات السابقة ولا حتى اللاحقة لعدة سنوات قادمة، ولكن في المقابل من حق وزارة الصحة التدقيق في مدى أهلية وجودة من سوف يمارس مثل هذه المهن المرتبطة بحياة وصحة الناس، وهذا لن يتم إلا من خلال معايير علمية دقيقة لا تتدخل فيها لا محسوبيات ولا وساطات، ولهذا يمكن لوزارة الصحة أن تشارك الهيئة السعودية للتخصصات الطبية في وضع «التصنيف والتسجيل المهني للممارسين الصحيين»، وهو التصنيف الذي تحدد من خلاله صلاحية طالب العمل كممارس طبي طبيباً أو متخصصاً في الصيدلة والأشعة وغيرها من الأعمال المساندة للعمل الطبي المباشر، وهي أعمال ليست فقط مكملة لعمل الطبيب، بل أساسية ومهمة في العمل الطبي اليوم، ومن لا يتجاوز مثل هذا التصنيف، الذي لا بد وأن يكون دقيقاً ومحكماً ودالاً بما لا يدع مجالاً للشك على جودة وتمكن الممارس، يعاد تأهيله من جديد خاصة فيما يكشف التصنيف ضعفه فيه أو عدم حصوله على تدريب كاف ولازم، فهؤلاء يسدون عجزاً مهماً في قطاع مهم مثل القطاع الطبي، ويمثلون ثروة بشرية يمكن الاستفادة منها.
ما يؤلم هؤلاء المتخرجين من الكليات الصحية والذين يواجهون صعوبة في التوظيف خصوصا وهم يحملون، حسب وجهة نظرهم، مؤهلاً يؤهلهم لشغل الوظائف الطبية، أن مستشفيات ومستوصفات وزارة الصحة تعاني عجزا كبيرا في المهن الطبية، وتستعين بقوى بشرية أجنبية، وذلك يحدث كما يقولون في ظل أضخم ميزانية لوزارة الصحة.
أنا هنا أعرض وجهة نظر وجدتها منطقية ولا أحكم فيها، وأتوجه بالفعل لمعالي وزير الصحة بوضع حل لهؤلاء الشباب من خريجي الكليات الصحية، والتدخل لحلحلة كل ما يعترض توظيفهم في المهن الطبية التي تخرجوا فيها، بعد التأكد وفق المقاييس والمعايير العلمية من مدى الجودة العلمية والتدريبية الحاصلين عليهما، وليس فقط لمجرد حملهم مؤهلاً.
ما أريد الوصول إليه من هذا العرض هو أننا لا زلنا لا نعي ولا ندرك كيف نحصل على حقوقنا بدلا من استجدائها، فبلدنا ولله الحمد توجد فيه جهات معنية بذلك مثل ديوان المظالم وهيئة الرقابة والتحقيق والمحاكم العامة، وهي جهات فيها الخير إن شاء الله، وعلى كل صاحب مظلمة وحق أن يتوجه إليها، فهي المعنية والؤتمنة على حفظ الحقوق ورد الظلم.