انتعاش الاستثمار في تأجير الوحدات العقارية
من المعلوم أن الكثير من المستثمرين يعزفون عن الاستثمار في تأجير الوحدات العقارية بكل أنواعها سواء كانت أراضي خام أو وحدات سكنية أو تجارية , إلا أن خشية المستثمرين من تأجير الوحدات السكنية أظهر وذلك لأن المخاطرة في الاستثمار في هذا الوعاء كبيرة, من جهة حجم الشريحة التي يتعاملون معها وتفاوت التزامها وإدراكها, ومن جهة عدم وجود الضمانات المُقنعة في كفاءة هذا الاستثمار والتي تتمثل في مماطلة الكثير من المستأجرين في دفع الأقساط وامتناعهم من إخلاء الوحدة, والحاجة إلى وقت طويل لإخراج المستأجر كون الأمر يتطلب صدور حكم نهائي من محكمة الموضوع وقد يتطلب الأمر الرفع لمحكمة التمييز لتأييده؛ إضافة إلى عدم وجود آليات كافية للتحقق من ملاءة المستأجرين وحسن سلوكهم في الالتزام بإنفاذ العقود؛ وأما الخسائر الناجمة عن الأضرار التي تلحق بالوحدات العقارية المؤجرة فقد يتغاضى عنها المؤجرون في مقابل المصائب الأخرى الأشد؛ وليس الحديث هنا في تحليل هذا الوضع وبيان مواطن الخلل لكن لا بأس من الإشارة إلى أن من أظهر الأسباب هو أن تصميم حل المشكلة يتجه إلى افتراض أن الحل هو للجوء إلى القضاء, وبهذا تم إقحام المحاكم بقضايا لم تُنشأ لها أصلا فأثّرت في الوقت والجهد المُخصص لنظر القضايا الأهم, ومن جهة ثانية تعاملت معها المحاكم كأي قضية مما تسبب في طول أمد الفصل فيها.
هذا هو الوضع الحالي لهذا النشاط إلا أن هذا الوضع سيتغير – إن شاء الله- إلى الأحسن , وذلك بصدور أنظمة – حسب ما تناقلته الصحف- تتضمن أحكاماً تمنع وقوع المشكلة أصلاً أو تُقللّ، منها بدرجةٍ كبيرةٍ, وهي منظومة من الأحكام في أنظمةٍ متعددةٍ تُؤدي إلى تحقيق هذا الهدف , وبهذا فقد تنبّه المعنيُّ إلى سبب الخلل الأكبر - المتمثل في السماح بحصول المشكلة ومعالجتها قضاء ومن ثم تنفيذ حكم القضاء, إلى السعي لمنع المشكلة أو التقليل منها -, وكما لا يخفى فالأمر في هذين القطاعين يتطلب وقتا طويلا كما سبق.
وأول هذه الأحكام التي أشرت إليها هو تنظيم سجلات لكل مستأجر تكشف عن تاريخه الائتماني وحسن سلوكه وبذل هذه المعلومات للمستثمرين , وذلك من خلال آليات وأدوات مرنة – وقد بدأ العمل في هذه الآلية في بعض الشركات -, والحكم الثاني: ما تضمنه مشروع نظام التوثيق من الترخيص لموثقين خاصين يعملون على توثيق العقود بعد التحقق من توافقها مع القواعد الشرعية والنظامية, والحكم الثالث: هو ما أشير إليه في مشروع نظام التنفيذ من اعتبار هذه العقود بعد توثيقها سنداتٍ تنفيذية كالأحكام النهائية قابلة للتنفيذ أمام قاضي التنفيذ مباشرة من دون الحاجة إلى الذهاب إلى محكمة الموضوع , فهذه الأحكام الثلاثة بعد صدورها والعمل بها سُتغيّر من نظر المستثمرين في هذا النشاط وستكون عامل جذب للكثير ولاسيما مع الحديث الذي لا ينتهي عن الحاجة إلى توفير آلاف الوحدات السكنية في السنوات القادمة.