الامتناع عن الجواب في المحكمة

هل يُفيد امتناع الخصم- مدعياً أو مدعى عليه- عن الجواب على طلبات وأسئلة المحكمة ؟ هذه من المسائل التي قد ترد في المحاكم مع قلتها، وقد أورد لها نظام المرافعات الشرعية أكثر من صورة، فمن ذلك : الامتناع عن تحرير الدعوى، ومن المعلوم أن تحرير الدعوى هو أحد أركان قبولها في الفقه والنظام لكي يتسنى للقاضي إدارة القضية وتوجيه الطلبات وإصدار الحكم الملاقي للدعوى، ويكون التحرير بأن يذكر المدعي ما يبين دعواه ويميزها ويجعلها معلومة وصالحة للحكم، فإذا لم تكن الدعوى كذلك – أي محررة- فقد قررت المادة الثالثة والستون: «أن على القاضي أن يسأل المدعي عما هو لازم لتحرير دعواه قبل استجواب المدعى عليه ، وليس له ردها لتحريرها ولا السير فيها قبل ذلك «, وفي حال امتنع المدعي عن التحرير فما الحكم ؟، جاء في اللائحة التنفيذية أنه إذا امتنع المدعي عن تحرير دعواه أو عجز عنه فعلى القاضي أن يحكم بصرف النظر عن الدعوى حتى تحريرها ويعامل من لم يقنع بتعليمات التمييز.
ومن الصور الأخرى للامتناع ما يحصل من البعض حيث لا يكون مقتنعا بطلبات المحكمة أو يظن أن عدم جوابه سيُعقِّد القضية على القضاء ويَمنعه من الحكم فيها وهو ظن خاطئ, والامتناع قد يكون صريحا أو بالإجابة بجواب لا يتفق والسؤال الموجه إليه. وقد ورد في النظام ما يعالج هذا الموضوع حيث ورد في المادة الرابعة والستون أنه « إذا امتنع المدعى عليه عن الجواب كلياً ، أو أجاب بجواب غير ملاقٍ للدعوى ، كرر عليه القاضي طلب الجواب الصحيح ثلاثاً في الجلسة نفسها فإذا أصر على ذلك عَدّه ناكلاً بعد إنذاره ، وأجرى في القضية ما يقتضيه الوجه الشرعي «، والإنذار- كما نصت اللائحة- هو أن يقول القاضي للمدعى عليه إذا لم تجب على دعوى المدعي جعلتك ناكلاً وقضيت عليك ويكرر ذلك عليه ثلاثاً ، ويدونه في ضبط القضية، ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الأحكام تتعلق بالامتناع عن الجواب في القضايا الحقوقية ـ المدنية - أما في القضايا الجنائية فهي محكومة بأحكام خاصة معلومة في مظانها.
وفي سياق الحديث عن الامتناع: فهناك من يمتنع عن التوقيع على محضر القضية، وهذا بدوره لا أثر له حيث نصت المادة الثامنة والستون على أنه «..إذا امتنع أحدهم عن التوقيع أثبت القاضي ذلك في ضبط الجلسة « ، وورد في اللائحة تفصيل لذلك فإذا كان الامتناع عن التوقيع في غير جلسة الحكم فيدون القاضي ذلك في الضبط ويُشهد عليه ويستمر في سير الإجراءات، وإذا امتنع المحكوم عليه عن التوقيع في الضبط على القناعة بالحكم أو عدمها فيدون القاضي ذلك في الضبط ، ويُشهد عليه ، وإذا حضر قبل انتهاء المدة المنصوص عليها في المادة ( 178 ) فيُمكّن من التوقيع على القناعة أو عدمها في الضبط وفي حال عدم القناعة يُعطى صورة من صك الحكم لتقديم اللائحة الاعتراضية خلال المدة المتبقية من مدة الاعتراض ، وإلا سقط حقه في طلب التمييز واكتسب الحكم القطعية ، ويلحق ذلك في الضبط وصك الحكم.
... والخلاصة: لا بد من الاستجابة لطلبات المحكمة ولا فائدة من الامتناع .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي