وسائل قانونية لتخفيف حدة صراع التيارات

لا يخفى على أي قارئ فضلاً عن أي متابع للإعلام السعودي بجميع أشكاله من صحافة وتلفاز ومواقع الإنترنت، حدة صراع التيارات الموجود لدينا، والذي في أحيان كثيرة يتهم بعضهم الآخر بتعطيل «عجلة التنمية»، «صناعة الكوابيس»، «السبب الرئيس للتخلف الحضاري»، وغير ذلك من المصطلحات المستخدمة في صراع جدلي نتائجه على أرض الواقع إضاعة المال والوقت وأخبار الإثارة الصحافية وكسب جولات قصيرة المدى لطرف على آخر وفي نهاية المطاف انشغالنا عن القضايا الرئيسة لتطوير بلادنا ودعم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي فيها.
من التناقضات العجيبة لدينا أحدهم يطالب بتحجيم مؤسسات المجتمع المدني بينما ممارساته وطرح توجهاته في صميم عمل المجتمع المدني ، آخر يطالب بالحرية وفي الوقت نفسه يطالب بحجب آراء من يخالفه في الرأي!
لا شك أنه في جميع دول العالم توجد صراعات للتيارات واختلافات في وجهات النظر حول قضايا جوهرية وشكلية ولكن في عدد كبير من هذه الدول يكون هناك دستور يحتكم إليه وقضاء مستقل ينظر في بعض هذه الاختلافات التي تتعلق باختصاصاته بناء على آليات محددة قانوناً ويفصل فيها بناء على ذلك.
في دولة مثل الولايات المتحدة يتم تعيين قضاة المحكمة العليا لمدى الحياة وقد يكون القاضي من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي ولكن عندما تصدر المحكمة حكماً يتم احترامه من الجميع، فليس من المقبول أن نشكك في حكم قاض لدينا لأنه من تيار يخالف توجهاتنا وإنما المطلوب في ظني دعم استقلال القضاء وتطوير مناهج الكليات التي تخرج القضاة.
بعض الوسائل المقترحة:
1) دستورنا هو الكتاب والسنة، نحن بحاجة إلى محكمة يكون لها اختصاص دستوري، حيث تفصل إذا كان هناك خلاف في دستورية أي من القوانين الصادرة لدينا، وقد يكون من المناسب إسناد مهام الاختصاص الدستوري للمحكمة العليا.
2) إيجاد آليات تمكن جمعا من المواطنين عن طريق محام لرفع دعوى في القضاء متعلقة بالمصلحة العامة، وقد يكون ذلك بتعديل ما هو منصوص عليه في المادة (5) من نظام المرافعات، التي تنص على أن «تقبل الدعوى من ثلاثة - على الأقل - من المواطنين في كل ما فيه مصلحة عامة، إذا لم يكن في البلد جهة رسمية مسؤولة عن تلك المصلحة»، وقد نصت اللائحة التنفيذية للنظام على أن يكون المواطنون من أعيان البلد، فعبارة أعيان البلد، إضافة إلى مسألة جهة رسمية مسؤولة عن تلك المصلحة تقيد قد يفقد فائدة هذه المادة، لذلك من الأحرى إعادة النظر فيها.
3) دعم حرية الكلمة ودعم التشريعات التي تحمى ذلك وفي الوقت نفسه إخضاع الجميع لسلطة القضاء المستقل.
4) إخضاع جميع قرارات الأجهزة التنفيذية لرقابة القضاء الإداري وتحديد وتقليص الدعاوى المتعلقة بأعمال السيادة المذكورة في المادة (14) من نظام ديوان المظالم.
هذه بعض المقترحات القانونية لتخفيف حدة الصراع، وليس المطلوب بل من المستحيل الاتفاق في وجهات النظر، ولكن ما دام هناك دستور واضح يحكمنا فليكن اختلافنا مصدرا لتطوير وتنمية بلادنا وليس أمرا لشغلنا عن أولويتنا، وليكن هدفنا الحق بغض النظر عن مصدره.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي