عقاريون: ارتجالية التثمين السمة الأقوى في السوق .. والمتخصصون غير منتظمين
أكد أكاديميون وعقاريون أن إصدار نظام للتثمين العقاري في السعودية من شأنه التقليل والحد من المضاربات في الأراضي في القطاع العقاري، والقضاء على السلبيات الموجودة في الوقت الراهن من المبالغة في الأسعار.
وتوقعوا أن تحدث الأنظمة الجديدة للرهن العقاري ونظام التثمين العقاري طفرة اقتصادية جديدة في السوق بحيث ستكون الحركة إيجابية في السوق لأنها ستعتمد على بيانات وأرقام دقيقة وصحيحة، كما سيصحح التثمين كثيراً من الأخطاء ويساعد بتفعيل تملك المواطنين والمقيمين المساكن وفقاً لقيمها الواقعية.
وشدد العقاريون على أهمية إيجاد نظام فاعل ودقيق للتثمين العقاري للوحدات السكنية وتمويلها بطرق التثمين القانونية والموحدة والقياسية التي تحدد قيمتها السوقية، وإلزام جهات التمويل العقاري باعتمادها.
وقال لـ «الاقتصادية» المهندس عبدالمنعم مراد نيازي الرئيس التنفيذي لشركة إيواء الديرة للتطوير العقاري إن معظم ما يحدث اليوم في القطاع العقاري السعودي لا يعدو كونه تثميناً ارتجالياً تقوم به المكاتب العقارية المنتشرة، إلا أنه أكد وجود خبرات في التثمين لكنها غير منظمة وليس لها غطاء رسمي.
وأوضح نيازي أن مهنة التقييم العقاري أصبحت مهنة من لا مهنة له في المملكة حيث إن كل مكتب عقاري يقوم بهذه العملية الأمر الذي ينتج عنه سلبيات خطيرة على الاقتصاد السعودي على حد قوله، وأضاف «أعتقد أن إصدار نظام رسمي للتثمين سيؤدي إلى حركة إيجابية في السوق العقارية، لأن التحرك سيكون دقيقاً وصحيحاً، الارتفاع أو الانخفاض في الأسعار كذلك سيكون على أساس علمي موحد يضمن نزاهة العمل أمام الرأي العام، التثمين العقاري سوف يصحح عديداً من الأخطاء ويوضح القيمة العقارية الصحيحة».
وقال نيازي:» في ظل اعتماد حزمة الأنظمة الجديدة الرهن العقاري، التثمين، الوساطة والأحكام العقارية، المنازعات العقارية التجارية، نتوقع أن تشهد المملكة طفرة اقتصادية تجارية ولا نبشر بارتفاع سعر العقار وإنما تحديد وتقنين أسعار العقار بما يتوافق مع انتعاش وصحة القطاع العقاري، لافتا إلى أن نسبة الجهات التي تقوم بعملية التثمين في السعودية لا تتجاوز 7 في المائة فقط».
وأشار إلى أن التثمين هو تخمين قيمة عين العقار في وقت معين ولغرض محدد، وقد يكون للعقار عدة قيم باعتبار غرض التثمين، والتثمين يأخذ في الاعتبار المصلحة القانونية لتشمل نوعية الملكية مواصفات العقار، والقيمة له، وتابع «العقارات لها مخاطر بالنسبة للمستثمرين، لأن فيها سلبيات لأنها مكلفة وباهظة الثمن، ومن الصعب تحويلها إلى سيولة نقدية، العقارات غير متجانسة أو متشابهة في عناصرها، وهنا يأتي دور التثمين العقاري لإزالة السلبيات، السعر العالي، معرفة الموقع وأهمية الموقع حالياً ومستقبلا، وكيفية تحويله إلى سيولة مالية».
ويبيّن مراد أن أهمية التثمين العقاري تتمحور في عملية تنظيم وتخطيط المدن، يوفر للشركات قيمة أصولها التي يتم تضمينها في تقريرها المالي، والمساعدة في تحليل أداء الاستثمارات العقارية.
وقال إن التثمين يعتمد على أساس ومعايير دولية متفق عليها بين هيئات عالمية، تختص بالتثمين العقاري، وتحدد هذه الأنظمة آلية وطرق التثمين في شروط المثمن العقاري.
ويشير الرئيس التنفيذي لشركة إيواء الديرة إلى أن المثمن العقاري هو الشخص المسؤول الذي يمتلك المؤهلات والقدرة والخبرة اللازمة لإنجاز التثمين وهو المسؤول عن حساب المبلغ المالي لأي قيمة تتعلق بالعقار وفقاً لمعايير وطرق تحليل علمية ومنظمة يؤدي استخدامها إلى الوصول إلى نتائج متوافقة مع هذه المعايير.
وفيما يخص شروط المثمن العقاري، بين نيازي أن أهمها الحصول على شهادة علمية ملائمة من المراكز العلمية المعترف بها أو مؤهلات أكاديمية مساوية، إضافة إلى إلمام المثمن بعلوم الجغرافيا والهندسة والمحاسبة والمساحة والاقتصاد والإدارة المالية والتمويل، يتمتع بخبرة مناسبة وأنه قادر على إجراء التثمين في السوق العقارية بعكس ما يحدث لدينا، وأن يكون واعياً وفاهماً وقادراً على الاستخدام الصحيح لطرق وفنون التثمين المعترف بها اللازمة لإنتاج تثمين قابل للتصديق.
كما ينبغي أن يكون عضواً في منظمة مهنية وطنية معترف بها، وأن يتبع برامج تعليم مهنية طوال حياته العملية، لديه معرفة بالتشريع والقوانين الرسمية في السوق العقاري، حياديته تجاه العقارات التي يثمنها، الالتزام بمراعاة المقاييس العليا للأخلاقيات وميثاق شرف المهنة، واشتراطات أداء أعمال الخبرة والقواعد العامة لممارسة المهنة سواء كان فردا، أو مجموعة أو منظمة.
إلى ذلك، يرى الدكتور علي باهمام أستاذ العمارة والإسكان أن ظهور مشروع الرهن العقاري، وأنظمة التمويل، والتنظيمات الخاصة بها، وتفعيلها، سيعمل على خفض مصاريف المؤسسات المالية والحد من مخاطرها، لأن تمكينها من رهن المساكن مقابل القروض التي تقدّمها، ضمن إطار ضوابط الشريعة، من أهم العوامل المشجعة على ظهور برامج التمويل الإسكاني الميسرة، ومن ثم تمكين أعداد أكبر من المواطنين من امتلاك المساكن بالتقسيط، وتنشيط سوق الإسكان.
ويضيف باهمام «يجب التنبه إلى أن تيسير توفير القروض العقارية للمواطنين الراغبين في امتلاك المساكن لن يحصل من دون ظهور بعض السلبيات نتيجة لزيادة السيولة النقدية المصاحبة لتوافر فرص التمويل، ويتوقع أن تكون بمبالغ تفوق حجم المعروض من الوحدات السكنية، وهو ما سيدفع بسوق الإسكان إلى التضخم، وسيعمل على رفع أسعار المنتجات الإسكانية المعروضة للبيع، كما قد تسعى المصارف ومؤسسات التمويل إلى تشجيع المواطنين واستقطابهم للحصول على قروض لشراء مساكن حتى لو كانت بأكثر من قيمتها الحقيقية».
ولضمان تجنب مثل هذه السلبيات يلزم العمل على إيجاد نظام فاعل ودقيق للتثمين العقاري للوحدات السكنية المطلوب وتمويلها بطرائق تثمين قانونية موحدة وقياسية تحدد قيمتها السوقية، وإلزام جهات التمويل العقاري باعتمادها.
ويواصل «يعتمد التثمين العقاري على تطوير رأي عن (قيمة العقار السوقية) أو (سعره العادل) بشكل مستقل ونزيه لمصلحة العقار فقط، وهنا يلزم التنبيه إلى الفرق بين (القيمة السوقية للعقار) و(السعر المدفوع له) (فالسعر المدفوع للعقار قد لا يمثل القيمة الحقيقية، لأنه قد يكون نتيجة لصفقة بين الأقارب، أو لأنه تم ضمن مجموعة من الصفقات المتداخلة، أو ضمن معاوضة على عقار آخر، أو بهدف ضم العقار إلى عقار مجاور من أجل تعظيم قيمة العقارَيْن معاً، أو غيرها من الأسباب التي تجعل السعر المدفوع مخالفاً للقيمة السوقية».
وتظهر الحاجة إلى التثمين العقاري نظراً للطبيعة غير المتماثلة للعقارات بوصفها نوعاً من أنواع المنتجات الاستثمارية، فلا يوجد عقاران متماثلان تماماً، فالعقارات تختلف باختلاف تصميمها، ومواقعها، وعمرها، وجودة تنفيذها، وهي من أهم المحددات لقيمتها، وهو ما يتطلب وجود خبراء محترفين في التثمين العقاري، معتمدين ومرخصين، لذا يتعين إيجاد معاهد تقدم دورات متخصصة لتدريب المثمنين العقاريين، وتمنحهم بعد اجتياز المتطلبات الشهادات والتراخيص التي تؤهلهم لممارسة مهنة التثمين العقاري.
ويؤكد أستاذ العمارة والإسكان أن تطوير استمارة موحدة لإعداد تقارير تثمين العقارات السكنية مطلب أساسي ومُلح لكونها من أكثر الأدوات أهمية في التثمين العقاري القياسي، حيث يلزم لإعداد التقرير الكشف على العقار من الداخل والخارج، وتوضيح موقع العقار، وتقديم وصف توضيحي له يحدد مساحته وأبعاده، مع صور تصف العقار بوضوح. ويجب أن يغطي التقرير على الأقل المعلومات التالية: معلومات أساسية عن موقع العقار، المنطقة أو الحي الموجود فيه، الشوارع التي يقع عليها، خصائصها، الوصف القانوني للملكية، اسم المالك، إضافة إلى معلومات عن عقد البيع إذا كان للعقار مالك سابق، معلومات عن مساحة العقار وأبعاده، شكله، طريقة الوصول إليه، ومدى توافر مرافق البنية التحتية، إضافة إلى رصد الخصائص الاجتماعية والاقتصادية الأخرى للحي، وخصائص العقار مثل عمره، والمواد المنفذ منها، وحالته، ومستوى جودته، وغيرها، إضافة إلى ضرورة مقارنة الثمن المحدد للعقار مع أحدث سعر لبيع عقار مماثل.