13 هدفا لـ «التنمية التاسعة» .. إذاً لا عذر لعدم تنفيذها!

جاء إعلان مجلس الوزراء في جلسته عن خطة التنمية التاسعة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - أهداف خطة التنمية التاسعة حاملا في مضامينه معاني وتوجهات عدة، فقد أكدت مجمل الأهداف سعي الدولة لتوفير واستمرار الحياة الكريمة لجميع المواطنين والبحث عن رفاهيتهم, انطلاقا من تحقيق الاستقرار في النواحي كافة, بدءا من تعزيز الوحدة الوطنية والأمن الوطني الشامل والاستقرار الاجتماعي, حتى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة ورفع مستويات المعيشة وتحسين نوعية الحياة لجميع المواطنين.
ومن الملاحظات التي يجب علينا أن نقف عندها كثيرا ونتمعن فيها باستمرار, وأيضاً نشكر قياداتنا الرشيدة على التأكيد الدائم عليها وإبرازها ضمن الأولويات والهموم والبرامج التي تبرز دائما حتى جاء الوقت الذي صارت فيه ضمن خططه التنموية كبرنامج للدولة, هو ما جاء في شأن الاهتمام المتزايد بالإنسان السعودي من خلال ما أكدت عليه الخطة في جانب التوجه نحو ضمان حقوق الإنسان في المملكة وتعزيز التنمية البشرية وتوسيع الخيارات المتاحة للمواطنين في اكتساب المعارف والمهارات والخبرات وتمكينهم من الانتفاع بهذه القدرات المكتسبة وتوفير مستوى لائق من الخدمات الصحية.
ويصعب أن تمر هذه الأهداف الخاصة بخطة التنمية التاسعة دون المرور على الجوانب التعليمية, وهنا لا بد من القول إن جامعة الملك سعود بوصفها مؤسسة تعليمية رائدة ولها دورها البارز تجاه المجتمع وأفراده من خلال أنشطتها الأكاديمية وإسهامها في الحراك الاجتماعي؛ استطاعت أن تضع منذ وقت طويل بصمتها في العمل العام من خلال رؤى وخطط استراتيجية وبرامج تطويرية تأتي منسجمة مع توجهات الدولة, حيث وضعت الجامعة رؤيتها إلى عام 2030 في خطتها الاستراتيجية الجديدة, وهي ''تحقيق ريادة عالمية وتميز في بناء مجتمع المعرفة''.
وعملت على تحقيق هذه الرؤية من خلال تسعة أهداف استراتيجية, تنفذ من خلال عدد من المبادرات والبرامج التطويرية مثل: السنة التحضيرية لردم فجوة مخرجات التعليم العام وتحسين مدخلات الجامعة, التوأمة العلمية العالمية مع عدد من الجامعات الرائدة للاستفادة من التجارب العالمية والارتقاء بالبحث العلمي والتعليم العالي إلى مستويات عالمية عن طريق توأمة وشراكة علمية, استقطاب العلماء والباحثين المتميزين, برامج مراقبة وتحسين الجودة في عمليات ومخرجات الجامعة, برامج الاعتمادات الوطنية والعالمية, معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية ومركز الأمير سلمان لريادة الأعمال, ومعهد الملك عبد الله لتقنية النانو, وبرامج تطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس وقدراتهم وأوقاف الجامعة التي تحقق الاستقرار المادي للموارد المالية للجامعة, ما يساعد على إيجاد مصدر دخل ثابت ودائم لدعم البحث العلمي وتطوير التقنية, وشركة وادي الرياض للتقنية, التي تشرفت الجامعة قبل أيام بموافقة خادم الحرمين الشريفين على تأسيسها, حيث سيكون لهذه الشركة إسهامات وطنية نحو تنمية مستدامة وإيجاد فرص وظيفية لكثير من المواطنين, إضافة إلى مركز الابتكارات الذي يشجع المبتكرين على الإسهام في خدمة المجتمع وتحويل الأفكار إلى اختراعات ومنتجات ذات قيمة اقتصادية.
ويمكننا قراءة هذه التوجهات التطويرية من خلال سعى الجامعة المتواصل عبر قنوات اتصال متعددة في تسخير الإمكانات العلمية المتعددة ومن بينها الأبحاث والدراسات المتخصصة والبرامج العلمية المتنوعة والعلاقات الأكاديمية الواسعة داخليا وخارجيا للإسهام في إيجاد أرضيات صلبة تساعد على بناء اقتصاد وطني ناهض متعدد الجوانب مع جهات أخرى وطنية. ولعل المتابع لجهود الجامعة خلال الفترة القليلة الماضية يستشعر توجهاتها التي تتلاقى مع بند مهم من بنود خطة التنمية الجديدة، ويتمثل في التوجه نحو الاقتصاد المبني على المعرفة وتعزيز مقومات مجتمع المعلومات .. ولجامعة الملك سعود سبق واضح في المساهمة والتأسيس لبناء اقتصاد معرفي يستند إلى خلفية تنطلق من مجتمع معرفي، وهو الذي يدعم بشكل مباشر ويوسع الطاقات الاستيعابية والإنتاجية للاقتصاد الوطني وتعزيز قدراته التنافسية وتعظيم العائد من ميزاته النسبية. وبتركيز جامعة الملك سعود على اقتصاد المعرفة تكون خطة التنمية التاسعة قد واكبت ما يشهده العالم اليوم من تطورات متسارعة ومتلاحقة في هذه المجالات الحيوية, وأبرزها أن الدول المتقدمة ستكون معتمدة بشكل أساس على ثروتها المعرفية.
إن جامعة الملك سعود بوصفها الجامعة الأم في المملكة العربية السعودية أدركت الدور الكبير المُلقى على عاتقها لتطوير وبناء مجتمع معرفي من خلال شراكة مجتمعية, وذلك عن طريق رؤى وخطط استراتيجية وبرامج تطويرية متعددة جاءت منسجمة مع توجهات الخطة التاسعة للتنمية, فالمشاريع والتوجهات التطويرية في الجامعة جاءت لتجسّد رؤية خادم الحرمين الشريفين في تأسيس وتطوير اقتصاد معرفي, وبناء مجتمع المعرفة والمشاركة العلمية والبحثية بين قطاعات الدولة والقطاعين الخاص والعام وتوفير البيئة المناسبة للمبتكرين والمخترعين وإيجاد فرص وظيفية مناسبة في مجالات صناعة المعرفة, لذلك وجهت الدولة سياستها للاستثمار في العقول البشرية وصناعة الأبحاث وتوفير اللازم لتتبوأ المملكة مكانة عالمية تمكنها من التأثير والتغيير في التطور التقني والمعرفي إيمانا منها بأن قوة الشعوب والدول لم تعد تقاس بالقدرة العسكرية فقط, فالتطور العلمي والتقني هو القوة التنافسية القادمة, لذا فالجامعة سخرت طاقاتها وقدراتها وإمكاناتها العلمية من أبحاث ودراسات لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والتطويرية لبناء اقتصاد معرفي يستند إلى خلفية تنطلق من مجتمع معرفي, وبالتالي المشاركة الفاعلة في تحقيق أهداف الخطة التاسعة للتنمية وتحقيق رؤى قيادة المملكة وطموحاتها.
إن الأهداف الـ 13 لخطة التنمية التاسعة تفوق في مضامينها مئات الأهداف التي يسهل سردها ويصعب تنفيذها! واقتصار الأهداف على هذا العدد لا يعني - في رأيي - إلا الجدة في تنفيذها, وهي أهداف عكست ما توليه قيادة المملكة من اهتمام لترسيخ وتأسيس متطلبات معينة لجيل المستقبل يستطيعون بها العيش بكرامة وبناء المجتمع المعرفي الذي يمكننا من خلاله جميعا إنتاج المعارف والمعلومات والتقنيات المتطورة والوصول إليها واستيعاب تدفقها واستخدامها, وأيضاً يعزز الاستفادة منها والتفاعل معها.
إن الدعم اللامحدود من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني للجامعة وبرامجها التطويرية ولكل جامعات المملكة يعكس الإرادة الجادة من ولاة الأمر -حفظهم الله - لبناء مجتمع المعرفة ورفع كفاءة الأداء وتحسين نوعية المخرجات من منتجات وخدمات.
والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي