العقار .. وما كان من حفلات المعارض الصاخبة

(تألق .. تراجع .. توازن .. تعاف ..) يمكن بهذه المصطلحات تشخيص وتوصيف المراحل التي مر بها السوق العقاري في المملكة ودول الخليج .. وإن كان لسوق المملكة خصوصية اتسمت دائماً في الداخل ''وأقول في الداخل'' .. بالهدوء والتروي والحذر المفيد في إطلاق المشاريع العقارية بأنواعها وأحجامها وأغراضها المختلفة..!!
فقد كان ما يمكن تسميته التألق مبهراً ومندفعاً وكأن لا سقف للأموال ولا حد للتوقف .. كالمطر تدفقت الأموال وتعددت الشركات العقارية والمشاريع والكيانات في الخليج .. وازدادت وتيرة التفاخر بالأرقام المستثمرة في العقار .. وتنوعت أحجام وأسماء المشاريع ورفاهية وحتى غرابة الأفكار المستخدمة .. وكأن هذا الخليج الصغير ولايات متحدة لا تغيب عن عقاراتها وسكانها الشمس .. وبحكم منطق الأشياء والأرقام والأرض والجغرافيا والسكان كان لا بد من التوقف ..؟؟ وللأسف كان التوقف مؤلماً وموجعاً ..!! ومع هذا التوقف بدأت مرحلة التراجع الذي أعاد للأشياء منطقها وحجمها الحقيقي وانكشف المستور من تحت غمامة الألوان والأرقام وأتضح أنهم ''باعونا الوهم'' والأحلام وشيئا كثيرا من الفساد والسرقة وخدعونا بالعرض المزخرف للعقارات والمشاريع في بعض المعارض العقارية ''اللامعة'' ولسنوات عكست هذه ''المعارض'' بحجمها واسمها ما شهدته مرحلة التألق الخادعة .. وكان ما حملته هذه المرحلة وما قدمته هذه المعارض من فوضى محبباً ومرغوباً .. أقبل عليه البعض الكثير استثمارا وحضوراً وأيضاً شراكة وتوظيفاً للأموال والأحلام والإعلام..!
والآن وقد أعادت الأرقام والحقائق بجبروتها ومصداقيتها العقول تحت العمائم وأهدت الإفلاس إلى كثير من الجيوب ودفاتر المحاسبة وكواليس معظم البنوك فإننا بدأنا نلمس مرحلة عودة التوازن للسوق .. وبالطبع منطق التوازن لا يرحم وستكون له كلمته الحادة والجادة في طرد الغثاء والوهم من السوق العقاري وتثبيت ما ينفع الناس والمنطقة وأهلها وبنوكها وأجيالها القادمة .. وقد كانت المملكة - بفضل الله - بأجهزتها الحكومية ومستثمريها العقاريين ومؤسساتها وبنوكها أقل من الآخرين في الحضور الاستثماري لما كان من الحفلات العقارية الصاخبة في الخليج التي مرت بما حملته من بهرجة وتفاخر شهدتها لسنوات بعض المعارض العقارية المبهرة وعرضت مشاريع عقارية يمكن أن يقال إن ''أباها من الخليج وأمها من هونولولو''..!! وتقدم في المعارض بفخامة وسط مظاهر من الجمال والإغراء ..؟! ولكن للأسف كانت النتيجة أنها قادت عددا ليس بالقليل من أهل الخليج إلى الكوارث في البيوت والبنوك .. ''ولا حول ولا قوة إلا بالله''.
واليوم في معرض الرياض للعقارات والتطوير العمراني تتبادر لنا بوضوح مرحلة التعافي للسوق العقاري .. ولعل من المناسب أن نستعيد ما قلناه سابقاً ونكرره دائماً بأن الرياض عاصمة المال والاستثمار والخير .. تتميز بالحكمة والنظرة البعيدة للأمور ولا تنساق بسهولة إلى دعوات الحفلات الصاخبة بأوهامها ومعارضها ومشاريعها الورقية والمجسمات المذهبة..! ولحسن الحظ انتهت هذه الحفلات والمعارض بمراحلها وأحداثها السابقة رغم حزننا وأسفنا على بعض الضحايا من أهلنا! وسيظهر ويبين معرض الرياض للعقارات هذا العام أن مرحلة التوازن العقاري الحالية في سوق الاستثمار العقاري والتسويق والعرض للمشاريع والأفكار والمنتجات ستقود - إن شاء الله - إلى تأكيد وتعزيز مرحلة وحالة التعافي للعقار السعودي التي تؤسس وتثبت على الأرض ما يفيد وينفع الناس من مشاريع إسكان وتطوير وتمويل ليستعيد هذا القطاع الاقتصادي الضخم والحيوي ازدهاره ومكانته الرائدة في الاقتصاد الوطني ويلبي متطلبات واحتياجات المجتمع بكل شرائحه بعيداً عن الهزات ومنطق التفاخر وصخب معارض عقارية في الخليج أظهرت وقدمت للأسف ما ليس له ثوابت حقيقية في الأصول والجدوى والمنطق! والدليل أن معظم دول الخليج تعاني حتى الآن أزمات حادة في الإسكان!
كما أن هذه المعارض العقارية ''طيبة الذكر'' هي الأخرى يجب أن تستعيد توازنها وتدرك أن (الرياض غير) في ثقلها ومنطقها ووجود الرجال العقلاء الأوفياء في مواقع اتخاذ القرار بها مقتدين بشيخها وأميرها ''سيدي سلمان بن عبد العزيز'' - حفظه الله .. وهذا ما كان (مع كل الامتنان لوفائهم) من المسؤولين في وزارة التجارة والصناعة ومجلس إدارة مركز معارض الرياض وقيادات أمانة غرفة الرياض التجارية الصناعية .. من خلال تأييد وحماية مكانة ومكتسبات معرض الرياض للعقارات الذي يستمد مكانته ومصداقيته من أهمية ومكانة الرياض الكبيرة .. وسيكون هذا العام وكل عام - إن شاء الله - في حجمه وتنظيمه وتطويره ناقلاً صادقاً للمرحلة الحالية والمستقبلية الواعدة - إن شاء الله - بكل خير وتألق للعقار وأهله والمتعاملين معه من كل فئات المجتمع.
رسالة عن الملتقى: في السنوات الماضية لم يكن مكان إقامة المعرض ولا الظروف ولا حتى وتيرة السوق السريعة تسمح بإقامة أو تنظيم أي فعالية علمية جادة تصاحب هذه المناسبة العقارية السنوية المهمة في العاصمة .. ولكن بعد أن أهدت الغرفة التجارية الصناعية بالرياض مشكورة الرياض العزيزة هذه التحفة المتمثلة في مركز المعارض وما قدمه وسيقدمه هذا المركز - إن شاء الله - من نقلة حضارية وعملية للمناسبات والمعارض في المملكة عموماً .. يأتي ملتقى الرياض الدولي عن مستقبل وآفاق الاستثمار العقاري في المملكة والخليج متزامناً مع معرض هذا العام ليكون إضافة علمية (تعقد كل عام) تتناول ما يدور في السوق السعودي والخليج العزيز من تبدلات في المفاهيم والأنظمة والمتغيرات العقارية الواعدة! مقدرين للجنة العقارية بغرفة الرياض مساهمتهم ودعمهم لهذا الملتقى الذي سيناقش موضوعات وقضايا تمس حاضر ومستقبل السوق والقطاع العقاري السعودي والخليجي.. وتم اختيار هذه الموضوعات والمتحدثين على طريقة ..''أهل مكة أدرى بشعابها'' وطرح الحلول العلمية وليس بزخرفة مثل هذه الملتقيات والمناسبات والمعارض العقارية بمتحدثين وأسماء رنانة لو كانت ستقدم حلولاً مفيدة لنا لإفادة بلدانها أولاً!.. أي ليس على طريقة ''طيب الذكر حسني البرزاني'' إذا أردت أن تعرف ماذا يحدث في الشام عليك أن تعرف ماذا يحدث في البرازيل .. وفي فهمكم كفاية!

والله الموفق،،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي