أعضاء مجلس الإدارة .. أرجوكم استقيلوا!!
يعد مجلس الإدارة المسؤول الأول والأخير أمام المساهمين عن مدى نجاح الشركة في تحقيق أهدافها التي تم إنشاؤها من أجلها، ولذا يوجد اتفاق بين خبراء الإدارة على أن نجاح وفاعلية أداء الشركة يعد انعكاسا طبيعيا لمدى كفاءة وأداء مجلس الإدارة ذاته. وفي الفترات الأخيرة سمعنا وقرأنا عن كثير من الشركات التي تعرضت للإفلاس أو للمشكلات المالية الحادة، والسبب في كثير من الأحيان كان قصور مجلس الإدارة في تأدية مسؤولياته والقيام بالدور المنوط به أو بسبب تجاوزات تمت من خلال بعض الأعضاء الذين يلجأون لبعض طرق الاحتيال من أجل الإثراء على حساب المساهمين، وللأسف أنه حتى عندما تكشف الحقائق ويثبت التجاوز والتقصير، فإنه غالبا ما يفلت المجلس من المساءلة، وبالتالي تضييع حقوق المساهمين ومقدراتهم. هناك عديد من مجالس الإدارة في شركتنا المحلية ما زالت تعمل بالطريقة التقليدية وتمارس مهامها بطريقة خاطئة وتعاني نقصا كبيرا في الأنظمة والقواعد التي تحكم وتقيم أداءها. فمثلا لا يوجد هناك معايير واضحة وأسس فنية معتبرة تحكم عملية طرق تعيين أعضاء مجلس الإدارة، وفي كثير من الأحيان يكون معيار المكافأة هو المعيار الأساسي في التعيين بدلا من الكفاءة خاصة في المرشحين من قبل الحكومة في الشركات التي تسهم فيها الدولة، حيث يكون الهدف توزيع هذه المجالس على كبار الموظفين لتحسين وزيادة دخلهم بغض النظر عن خبرتهم ومقدرتهم على أداء الواجبات المنوطة بهم. الغريب أنك أحيانا تجد بعض الشركات تمارس سياسات للتعيين جيدة وتحرص على توافر شروط وضوابط محددة عند الرغبة في تعيين محاسب أو مبرمج أو حتى مراسل، أما عند تعيين عضو مجلس الإدارة فإن المسألة تعتمد بشكل أساسي على العلاقات الشخصية وعلى توصيات تأتي من هنا وهناك ومن ثم تصدر قرارات التعيين الإدارية..!
إن كثيرا من مجالس الإدارة في بيئتنا العربية تائهة بين أعضاء مجلس يدسون أنوفهم في عمل الإدارة اليومي ومنغمسون حتى آذانهم في القيام بمهمة الإدارة التنفيذية المتمثلة في إدارة أعمال الشركة والانشغال في تفاصيل الأمور والأنشطة التنفيذية ما يشكل إعاقة لعمل الإدارة مهملين التركيز على دورهم الحقيقي والقيام بمسؤولياتهم الاستراتيجية المتمثلة في رسم سياسات الشركة وتحديد أهدافها والعمل على ازدهار ونمو أرباحها ومشاريعها، إضافة إلى الرقابة والإشراف على الإدارة التنفيذية. في المقابل هناك مجالس إدارة مهمشة شبيهة بمجالس الآباء في المدارس أو مجالس الإدارات في الأندية تسيرها الإدارة التنفيذية كيفما تشاء، ويقتصر دورها على تسجيل حضور الجلسات والتوقيع على محاضر الاجتماعات وأخذ الصور الجماعية وتغليب المجاملات واستلام المكافآت المجزية في نهاية العام. أيضا يعاب على مجالس الإدارة في شركتنا عدم وجود نظام لتقييم أداء المجلس ومدى كفاءة قيامه بالدور المطلوب منه خلال الدورة التي عمل بها، وغالبا ما يكتفي بالحصول على صك براءة ذمة المجلس في الجلسة العمومية دون أن يتم مناقشة الإنجازات ودراسة الأخطاء وتحديد مدى القيام بالأدوار المطلوبة منه. مكافآت أعضاء مجلس الإدارة أيضا دائما ما تكون محل نظر وتساؤل واستغراب، وفي العادة يكون هناك مبالغة كبيرة في تقديرها وكرم حاتمي في تقديمها لا يتناسب والنتائج المحققة من المجلس ولا الجهود المبذولة ولا تتناغم مع أداء الشركة المالي؛ وقد قامت إحدى الشركات المساهمة السعودية في العام الماضي بتوزيع مكافآت على أعضاء المجلس بقيمة ثلاثة ملايين و300 ألف على الرغم من تحقيق الشركة خسائر في تلك السنة مخالفة لنظام الشركات الذي ينص على أنه لا يجوز صرف مكافأة لأعضاء مجلس الإدارة ما لم توزع ربحا لا يقل عن 5 في المائة من رأسمال الشركة. هنا تذكرت وارين بافيت رئيس مجلس إدارة شركة بيركشاير هيثواي والرئيس التنفيذي للشركة، والذي أشارت الشركة إلى أنّه وكعادته يدفع قيمة المكالمات التي يقوم بها لمصالحه الخاصة وتكاليف الطوابع البريدية التي يستخدمها في رسائله الشخصية، وأنه لا يستخدم سيارة تابعة للشركة كما أنّه غير منخرط في نوادٍ تدفع الشركة اشتراكاتها. وأضافت الشركة أن بافيت لم يتلق مكافآة bonus عن عام 2009، كما لم يتلق أسهما بدلا عن ذلك على الرغم من دوره الكبير في جعل صافي دخل الشركة عام 2009 يرتفع بـ 61 في المائة إلى 8.06 مليار دولار.