فاجعة جدة تنظم التملكات
بعد أحداث الفاجعة المؤلمة في محافظة جدة صدر أمر ملكي بتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أسباب الفاجعة وإعطائها صلاحيات كاملة في التقصي والتحقيق مع كل من له علاقة بها كائناً من كان، وبعد انتهاء أعمالها ورفعها تقريرها للملك صدر أمره رقم أ/66 وتاريخ 26/5/1431هـ، وقد تضمن عدداً من التوجيهات تتعلق بالفاجعة تعالج مواطن الخلل وتحمل المسؤولية للمخالف وتحاسب المقصر والمستهتر. ولأن من أسباب الفاجعة وجود تملكات في بطون الأودية ومجاري السيول فقد اشتمل الأمر على عددٍ من التوجيهات المتعلقة بالتملكات وتنظيمها، ومنها: ''إيقاف تطبيق المنح والبيع والتعويض وحجج الاستحكام على الأراضي الواقعة في مجاري السيول وبطون الأودية''. ويأتي هذا التوجيه مؤكداً لأوامر سابقة تمنع المنح والاستحكام في بطون الأدوية وهو المتقرر في كلام الفقهاء وقد فصّلت الحديث فيه في مقالة بعنوان :''التملك في الأودية إحياءً وإقطاعاً''، والنصّ على منع البيع والتعويض قد يكون جديداً في النصوص النظامية الأمر الذي يستدعي من الجهات المعنية التحقق عند القيام بهذه التصرفات من طبيعة العقار ومكانه.
كما نص الأمر على أن ''تقوم وزارة العدل بالعمل على استصدار نظام متكامل للتوثيق يشمل الشروط اللازمة في كتاب العدل وبقية الموثقين وتحديد اختصاصاتهم ومسؤولياتهم وإجراءات عملهم وطريقة محاسبتهم والعقوبات عن مخالفاتهم''، ويهدف هذا التوجيه إلى ضبط أعمال التوثيق والعناية بحسن اختيار الموثقين ومراقبة أعمالهم سواء كانوا موظفين رسميين أو أهليين، ولا شك أن النظام سيكون رافداً مهماً في تنظيم أعمال التوثيق بعامة وتوثيق التملكات بخاصة. وأما أهم ما ورد في الأمر مما يتعلق بالتملكات فهو التوجيه بأن ''تقوم كل من وزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية بالتنسيق حيال إصدار نظام ينظم تملك ومنح العقارات لتلافي السلبيات السابقة والتي أدت إلى التعدي على الأراضي والتملك بطرق غير مشروعة بالمخالفة للأنظمة والتعليمات ''، وهو توجيه عام لتنظيم التملكات سواء كانت منحاً أو حجج استحكام بحيث يشمل هذا النظام كل أحكامها ويلغي الأحكام السابقة المُبعثرة في عددٍ من الأنظمة واللوائح والأوامر والتعاميم والقرارات، ولا بد أن يُحقق هذا النظام المقصد المشار إليه في التوجيه وهو القضاء على السلبيات السابقة وهي كثيرة، ولأن البعض قد يسعى إلى استباق صدور هذا النظام بالتقدم إلى المحكمة بطلبات حجج استحكام مما يتعارض مع مقصد التوجيه والذي يهدف إلى تنظيم التملكات، لاسيما أن الوقت قد يطول إلى حين صدوره فقد يكون من المناسب أن يتم إيقاف استقبال طلبات الحجج وضبطها إلى حين صدور النظام، وأما ما كان منها مضبوطاً- أي مسجلاً في ضبط القضية - فيتم إنهاؤه وفقاً للإجراءات المعمول بها مع التأكيد على الالتزام بالأنظمة والتعليمات وعدم التساهل فيها.