التنمية .. قبل أن تهب رياح اليورو!
الرياح الاقتصادية التي بدأت تهب علينا من دول اليورو تفرض علينا نظرة تنموية اقتصادية تمويلية مختلفة عما تعودناه خلال مراحل التنمية السابقة, خصوصا أسلوب وطريقة إعداد وتمويل الخطط الخمسية التي تعتمد مشاريعها على الدعم الحكومي المالي المباشر الوارد من وزارة المالية فقط, فإذا انخفض سعر النفط (البترول) فإن وزارة المالية توقف جميع أو أغلبية المشاريع المعتمدة أو المطلوبة ضمن الخطط الخمسية أو غيرها من المشاريع, ولعل ما تعرضنا له في المملكة خلال مرحلة الركود الاقتصادي بين عامي 1985 و2005 خير دليل على اعتمادنا على مصدر التمويل الواحد حيث أدى انخفاض أسعار النفط خلالها إلى إيقاف عديد من المشاريع المطلوبة لتحقيق التنمية الحقيقية, التي تأتي البنية التحتية والمشاريع ذات البعد الاقتصادي المنتج لفرص العمل ضمن أهم أولوياتها.
إن بداية رحلة الاهتزاز الاقتصادي الأوروبي تحتاج منا إلى سرعة الإعداد والاستعداد لإيجاد البدائل التموينية خارج إطار دور وزارة المالية, خصوصا إذا عرفنا أن اقتصادنا يستطيع أن يستمر في الوقوف على قدميه متى ما أحسنا اختيار البدائل وجعلناها تحت أيدينا, خصوصا أننا في المملكة اليوم نعيش مرحلة بناء لا تتحمل التأجيل أو التأخير لما يسببه ذلك من أثر سلبي عظيم في مستقبل تحقيق التنمية المستدامة وبما يؤثر سلبا في الاستفادة مما تم استثماره من مشاريع.
وزارة المالية تعد اليوم الممول الوحيد لأغلبية إن لم يكن كل المشاريع الحكومية, ولهذا فإن علاقتها بالمشاريع علاقة تمويلية وليست تنموية, لأنها علاقة تنقطع بانقطاع أو انخفاض المصدر الممول لخزانتها, وفي الوقت نفسه ليست مطالبة بالبحث عن مصادر تمويل لتلك المشاريع, لأنها لا تعنى بالخطة والفترات الزمنية لتنفيذها, ومن هنا تقف مشاريعنا جميعها أو تتأخر بسبب توافر السيولة النقدية في وزارة المالية.
وزارة الاقتصاد والتخطيط الأساس ضمن مسؤولياتها وضع الخطط الخمسية وتحديد المشاريع ضمنها وترجمتها إلى خطط سنوية محددة المشاريع ووضع التوصيات الخاصة بالتمويل بحيث تذهب تلك المشاريع وفقا لأسلوب التمويل الخاص بها, فما كان منه يحتاج إلى تمويل 100 في المائة من وزارة المالية فيذهب لها على أساس أنها مشاريع أساسية تؤسس لمشاريع أخرى, وما كان من مشاريع الخطة يمكن تمويلها من مصادر حكومية أخرى فيتم تمويلها وما يحتاج من تلك المشاريع إلى توفير تمويل لها من القطاع الخاص أو الاقتراض فيتم العمل على توفيره قبل بداية الخطة والفترة الزمنية المطلوبة لطرح المشروع وتمويله, وبهذا الإجراء التمويلي لبدائل الميزانية نضمن أن ما نخطط له يمكن أن ننفذه ضمن الفترة الزمنية للخطة بدلا مما نراه اليوم من ركود اقتصادي تنموي لأغلبية المشاريع بسبب غياب التمويل كما حدث مع فترة الركود الاقتصادي الماضي, أو ازدحام تنموي بسبب عدد المشاريع مع الوفرة المالية التي نعيشها اليوم وما صاحبها من تأخر في تنفيذ تلك المشاريع بسبب غياب المقاولين القادرين على تنفيذها.
إن قراءة متأنية للمرحلتين التنمويتين اللتين مرت بهما المملكة خلال السنوات الماضية يلاحظ أننا مررنا بفترة ركود اقتصادي بسبب انخفاض الدخل الوطني أدى إلى شبه توقف لكل المشاريع الأساسية والاقتصادية ولفترة اقتربت من 20 عاما, ثم مع ارتفاع أسعار النفط عادت عجلة التنمية وتدفقت المشاريع بشكل أدى إلى توقف أغلبيتها وتنفيذ بعضها بشكل غير دقيق نظرا لقلة عدد المقاولين المؤهلين وارتفاع عدد المشاريع, وبهذا خسرنا في المرحلة الأولى تنفيذ مشاريع مهمة نتيجة غياب التمويل وخسرنا في المرحلة الثانية تنفيذ مشاريع لضيق الوقت وزيادة عدد المشاريع وقلة المنفذين لها. لهذا فإن المطلوب هو ارتباط الخطة الخمسية ومشاريعها بمصادر تمويل مختلفة بدلا من مصدر واحد فقط نقف عندما يقف.
وقفة تأمل
علمتني الحياة أن أجعل قلبي مدينة, بيوتها المحبة وطرقها التسامح والعفو, وأن أعطي ولا أنتظر الرد, وأن أصدق مع نفسي وأفهمها وأحترمها قبل أن أطلب من الآخرين ذلك.
وعلمتني ألا أندم على شيء.. وأن أجعل الأمل مصباحا يرافقني في كل مكان, وأن أحفظ أحزاني في قلبي وأن أرسم البسمة على الشفاه.
ولكنها أكدت علي وحذرتني ألا أعاشر الحمقى وألا أجالس الحسدة وألا أتعامل مع الكذابين والأنذال وألا أصاحبهم أو أصادقهم لأنهم شر الوقود للحياة الكريمة.