الجهاز الذي غيَّر حياتي

يوم 24 حزيران (يونيو) سيكون يوما محفورا في ذاكرة شركة أبل غير قابل للنسيان. في هذا اليوم شهدت أربع دول هي: أمريكا, فرنسا, اليابان, وبريطانيا, تدشين نسخة جديدة ورشيقة من هاتف الشركة الرائع آيفون 4, حيث توافد عشاق هذا الجهاز على متاجر الشركة ومنافذ التوزيع بشكل يفوق الخيال ليسجل أعلى مستوى من الطلبات على مستوى تاريخ منتجات الشركة, بل يمكن على مستوى أي منتج على مر التاريخ. الطلبات على الجهاز فاقت كل التوقعات, حيث تم بيع أكثر من 600 جهاز في اليوم الأول, وأعلنت الشركة أخيرا أنها باعت خلال الأيام الثلاثة الأولى أكثر من 1.7 مليون جهاز. وشهدت الأيام والساعات السابقة لموعد طرح الجهاز روايات وأحداثا أشبه بالخيال, وكانت هناك حالة من التلهف والشوق لم تحدث لكبار النجوم والأبطال في مجال الرياضة أو الفن أو السياسة .. فالطوابير امتدت لمئات الأمتار, والمصطفون للحصول على الهاتف تجاوزوا المئات, ووصل معدل الانتظار إلى أكثر من 16 ساعة, بل شاهدت مقطعا على «يوتيوب» لأحدهم في مقابلة تلفزيونية وقد نصب خيمته أمام متجر «أبل» قبل ستة أيام من التدشين ليضمن أن يكون أول من يحصل على هذا الجهاز. وفي اليابان هناك أشخاص لم يأخذوا إجازة لأكثر من عشر سنين ولأجل عيون هذا الجهاز اضطروا إلى أخذها حتى يضمنوا الحصول على نسخة منه، وفي فرنسا وبريطانيا توافد عليها بعض من أخذ هذا الجهاز عقولهم وقلوبهم من دول أوروبية وعربية أملا في امتلاك هذا الجهاز. هذا الطلب الخرافي جعل المخزون ينفد في الساعات الأولى من يوم الطرح في كثير من المنافذ وجعل الشركة تعلن تأجيل تنفيذ الطلبيات إلى ما بعد منتصف تموز (يوليو). نقص المعروض من الجهاز أوجد حالة من الاستغلال جعلت بعضهم يعرض الجهاز في منتديات ومواقع البيع الإلكترونية بربح يفوق 300 في المائة. المدهش حقا أن كل هذا النجاح للجهاز لم تصاحبه كالعادة حملات ترويجية ضخمة وميزانيات فلكية تذهب للإعلانات وبرامج العلاقات العامة, حيث استخدمت الشركة استراتيجية تسويقية جديدة تعتمد على السرية والتكتم على الجهاز وتنظيم مؤتمر لرئيس الشركة للإعلان عن مزايا الجهاز وجوانب الإثارة والمتعة والدهشة في الجهاز. الشركة منذ أن دشنت أول نسخة من هذا الجهاز في عام 2007 وهي تحقق نجاحات متوالية جعلت 40 في المائة من عائداتها تأتي من مبيعات الآيفون، وبفضله أصبحت الشركة تسيطر على قرابة 16 في المائة من سوق الهواتف الذكية على مستوى العالم لتكون ثالث أكبر شركة في سوق الاتصالات وبسعر سهم تجاوز 270 دولارا وبأرباح تجاوزت 3.4 مليار دولار خلال الربع الأول من هذا العام. وتشير التوقعات إلى أن إجمالي مبيعات الشركة من جهاز الآيفون من حين طرحه في السوق قبل ثلاث سنوات إلى نهاية هذا العام قد يصل إلى 36 مليون جهاز.
عزيزي القارئ قد تكون من محبي شركة أبل, وقد تكون من حلفاء شركة مايكروسوفت, ومن الممكن أن تكون من مستخدمي الآيفون وقد تكون من عشاق الـ «بي بي» (البلاك بيري), وسواء كنت من المعجبين بالعبقري ستيف جوبز أو من أنصار بيل جيتس في كل الأحوال أنت لا تملك إلا أن تقف مشدوها أمام هذا النجاح المبهر لهذا الجهاز ولمنتجات هذه الشركة, وتشعر بكل مشاعر الاحترام والتقدير والإعجاب لمنتجاتها وبالأخص تحفتها الأخيرة، وأظنك ستكون مثلي متطلعا ومتسائلا إلى متى نكون نحن وشركاتنا فقط مستهلكين ومتفرجين ومشاهدين ومصفقين لتلك الشركات الرائدة؟ ومتى يأتي اليوم الذي يكون لدينا مثل هذه الشركات في نجاحها وتفوقها؟ وهل من المستحيل أن تكون لدينا شركات عملاقة تحول الأحلام إلى واقع وتفرض نفسها في عالم الأعمال وتقود التغيير وتثرى واقعنا المعاصر بمنتجات وإنجازات تجبر الجميع على أن يتحدث ويعجب بها؟ إن قصة نجاح شركة أبل ومنتجاتها تستوجب التأمل والدراسة وتستحق أن تكون نموذجا للاقتداء والمحاكاة، وهي تدعونا إلى أن نفك شفرة التميز والتفوق من خلال التفكير بطريقة مختلفة وبأسلوب مبدع ـ كما يقول شعار الشركة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي