قطار الحرمين قرار تنموي لمكاسب اقتصادية

إن مشروع قطار الحرمين السريع, الذي سيربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة, يعد من أهم المشاريع الحيوية التي ستشهدها بلادنا العزيزة في العهد الزاهر, عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - حيث سيسهم هذا المشروع في نقلة نوعية في وسائل النقل في المملكة, كيف لا وهو سيخدم الحاج والمعتمر في تسهيل تنقله بين أقدس بقعتين مكة والمدينة.
يقوم على إنشاء هذا المشروع ائتلاف من مجموعة شركات أنجزت - على حد علمي - جميع التصاميم التفصيلية للمشروع, إضافة إلى تنفيذ جزء كبير من أعمال المشروع المدنية بالنسبة للمسار الذي يربط بين جدة والمدينة.
إن ما يعكر صفو سير هذا المشروع هذه الأيام هو الأصوات التي تنادي بترحيل المسار من طريق الحرمين إلى شرق مدينة جدة, وذلك بحجة تأثيره في حركة المرور أثناء فترة الإنشاء, وفصله أجزاء المدينة شرقها عن غربها, إضافة إلى تأثيره في رؤية أصحاب المركبات مرتادي طريق الحرمين أثناء مرور القطار بسرعة عالية, وغيرها من الأسباب التي ذكرت بعضها في الصحف المحلية.
إن هذه الأسباب جديرة بلا شك بأن تؤخذ في الاعتبار, ولا أظن أن القائمين على المشروع قد أغفلوها, لكني أستغرب من توقيت هذه المطالبة بتغيير المسار بعد أن قطع المشروع مرحلة كبيرة من الدراسات والنقاشات والاجتماعات, وأنهت الجهات المعنية جميعها إبداء رأيها, فيأتي الآن من يطالب بهذا التغيير الجوهري في مرحلة متقدمة من المشروع وكأنه يريد أن يعود بنا إلى نقطة الصفر.
في رأيي الشخصي, أن هذا التوقيت بالذات ليس مناسبا لتعطيل المشروع أو تقييمه وإبداء الرأي حياله أيا كانت المبررات, وذلك للأسباب التالية:
- تمت - على حد علمي - مشاركة جميع القطاعات الحكومية والخاصة المعنية بهذا المشروع في مراحله الأولى قبل سنتين تقريبا ولم تبرز هذه الأصوات التي تنادي بترحيل المسار إلا هذه الأيام, فهل احتاجت هذه الجهات إلى كل هذه الوقت كي تبدي رأيها حيال المسار؟
- أنهت معظم الشركات التي لديها خدمات على طريق الحرمين تقديم تصورها للاستشاري فيما يتعلق بالمواصفات اللازمة لحماية خدماتها من خطوط أنابيب وكيابل حسب المواصفات المعمول بها في جميع دول العالم لحماية الخدمات والمرافق التي تقع عادة في تقاطعات مشاريع سكك الحديد أو الطرق السريعة أو الجسور والأنفاق وغيرها, ولم نسمع بوجود عوائق جوهرية من قبل تلك الجهات تمنع استخدام طريق الحرمين مسارا للقطار.
- جميع قطارات العالم تمر بأواسط المدن, ولم نسمع بوجود محطات قطار خارج المدينة!
- لن يكون هناك تأثير في حركة المرور أثناء تعديل الكباري والجسور على طريق الحرمين إذا ما أحسن ''مرور جدة'' ـ وهو جدير بذلك - التعامل بالتنسيق مع المقاول المنفذ للكباري والجسور على جدولة العمل على مراحل, وأحسن تصميم المداخل والمخارج البديلة المؤقتة.
أخيرا, أتمنى أن ينجز هذا المشروع الحيوي في وقته المحدد دون تأخير, وأن نبتعد عن التكهنات والنظرة الضيقة, وألا ندع هذه التكهنات تؤثر في رؤيتنا وقراراتنا التنموية, لأن عامل الوقت مهم جدا بالنسبة لنا كمواطنين نعيش مرحلة تنموية غير مسبوقة حتى وإن أنجزنا مشاريعنا بأخطاء بسيطة, فمن الأخطاء نتعلم, وجل من لا يخطئ .

والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي