حكاية مستثمر القرية
قرر أحد المستثمرين السفر إلى إحدى القرى من أجل استثمار أمواله، وعندما وصل تسامع أهل القرية بقدومه فرحبوا به، خاصة عندما سمعوا عمّا يتمتع به من سيرة حسنة وأخلاق عالية، عندها قدم على المستثمر صاحب مزرعة يرغب في الحصول على تمويل لزيادة إنتاج مزرعته وتحسين أدائها. وبعد اطلاع المستثمر على أداء المزرعة ومبيعاتها ومعدلات النمو قرر الموافقة على تمويل صاحب المزرعة بصيغة "السلم" حيث يعطي المزارع مبلغ خمسمائة على أن يردها له بعد سنة إنتاجا زراعيا عبارة عن أعلاف تعادل قيمتها الآن سبعمائة، فوافق صاحب المزرعة على هذه الصيغة حيث سيقوم بزيادة المساحات المزروعة بهذا التمويل مما يساعده على زيادة الانتاج وسداد ما عليه، كما طلب المستثمر من صاحب المزرعة أن يوقع معه عقداً آخر يقوم بموجبه صاحب المزرعة بتسويق الإنتاج الزراعي المملوك للمستثمر مقابل عمولة على ذلك، ففرح صاحب المزرعة حيث سيأتيه تمويل يساعده على زيادة الإنتاج وتأتيه عمولة أيضاً على تسويق المنتج الزراعي.
فكّر المستثمر في مجال استثماري جديد عندها بدأ يلاحظ أن أصحاب القرية يقطعون المسافات الكبيرة مشياً على الأقدام، نظراً لعدم قدرتهم على شراء الدواب، كما لاحظ أن تاجر الماشية يعاني انخفاضا شديدا في مبيعاته، فقرر فتح نشاط تجاري تمويلي بصيغة "التقسيط" حيث افتتح نشاطه بشراء دواب بقيمة خمسمائة من تاجر الماشية وبيعها على أهل القرية بالأجل، فرح صاحب الماشية بهذه الصفقة، وفرح أهل القرية أيضاً حيث سيصبح بإمكانهم تملك دواب بعد أن كانوا يحلمون بذلك.
وبعد مرور السنة أتى المزارع إلى المستثمر ووجهه يتهلل فرحاً حيث أنتجت مزرعته الأعلاف التي دفع قيمتها المستثمر مقدماً، كما استطاع تسويق وبيع الأعلاف كاملة بأرباح عالية حيث ساعده على ذلك شراء الناس الدواب بالتقسيط والذي بدوره جعلهم يقبلون على شراء الأعلاف، فرح المستثمر بهذا الخبر وقرر إعطاء صاحب المزرعة مكافأة على حُسن أدائه.
وبعد توافر المال مع المستثمر فكّر في طريقة استثمارية جديدة، فلاحظ حاجة سكان القرية إلى المساكن، عندها وقع عقد "استصناع" مع أحد المقاولين في القرية بموجبه يبني وحدات سكنية بتمويل من المستثمر، وفعلاً بدأ البناء من المقاول حتى النهاية، عندها وقع المستثمر مع سكان القرية عقد "إجارة" لكل مَن يرغب في السكن مما أسهم في تخفيف أزمة السكن لدى أهل القرية واعتدال أسعار الإيجارات نظراً لتوافر وحدات سكنية للإيجار.
أعجب أهل القرية بالمستثمر وبالأرباح التي يحققها مع أمانة وصدق في التعامل ما دفع بعض أهل القرية إلى الطلب من المستثمر أن يدخلوا معه في عقد "مضاربة" بحيث يعطوه أموالهم وهو يستثمرها لهم في أنشطته المختلفة، وافق المستثمر على الدخول في هذا العقد حيث إن فيه فائدة لأهل القرية وفيه فائدة له أيضاً حيث يحتاج المستثمر إلى سيولة تساعده على استثماراته المختلفة. ومع مرور الوقت حقق المستثمر أرباحاً عالية دفعته إلى إنشاء شركة استثمارية بينه وبين مَن يرغب من أهل القرية تقوم على عقد "المشاركة". زادت أرباح تجار أهل القرية من أعمال المستثمر والذي حرّك العجلة الاقتصادية في القرية وقرروا رفع رواتب الموظفين وإعطاءهم مكافآت إضافية مكّنت أهل القرية من تسديد قيمة ما عليهم من أقساط الدواب وبدأوا في تقسيط المنازل وتملكها حيث ارتفعت مدخولاتهم المادية وعاشوا في رخاء ورغد عيش، كما قرر تجار القرية التوسع في أنشطتهم التجارية وزيادة أعداد الموظفين عندها تسامع أهل القرى المجاورة بالفرص الوظيفية المتاحة وبدأوا بالتوافد للعمل والإنتاج والعيش في الرخاء الذي تعيشه القرية.