العبقرية أن تعرف الإجابة قبل السؤال

يرى العاجز أن الإجابة الحاضرة هي زلة لسان أو أن عدم القدرة على الرد هو الحكمة, ولهذا يقول آدم سميت العالم الاقتصادي: إن العبقري هو من يعرف الإجابة قبل السؤال على أساس معرفته لمن يطرح السؤال في سياق الموضوع المطروح منه السؤال, وهذا العبقري تكون إجابته حاضرة حتى لو كانت قاسية أحيانا, والعرب تُعرف صاحب الإجابة الحاضرة, بحاضر البديهة أو سريع البديهة, وكلا الاثنين سليمان, لكن ما لم يقل في هذا السياق إن سرعة البديهة أو الجواب الحاضر هو أنه بين الملكة والقراءة والتدريب والتعليم والرجوع إلى تجارب الآخرين.
العمق المعرفي ومحالات التجارب القديمة والحديثة تعطي الإنسان القدرة على تقديم الأمور وتقييمها وكيفية التعامل معها, ويجد الإنسان نفسه أحيانا في حسرة مع الذات عندما يقف عاجزا عن الرد على سؤال أو موقف كان يحتاج إلى الرد الواضح والحاسم, ويعاقب نفسه أنه تجاوز الرد نتيجة التردد أو الخوف من النقد لأسلوب رده, يضاف إلى ذلك الاعتقاد والخلط الخاطئ بين سرعة الرد وقوته واتزانه والرد البذيء الذي ينعكس سلبا على صاحبه, وهو ما يتم الاتفاق عليه, أن الرد غير السليم هو ما يسيء إلى الإنسان ويورده مورد الهلاك وليس الرد المتزن القوي, ولهذا نقتل هذه الملكة في أنفسنا وأبنائنا ومن يعمل معنا عندما نعودهم وأنفسنا على عدم التدرب على سرعة البديهة والحضور الذهني المتميز, ونتألم عندما نرى كيف أن أبناءنا من الجنسين في كل الأعمار غير قادرين على المواجهة والحديث الطلق المرتاح, وخير شاهد على هذه الحالة أي لقاء تلفزيوني أو إذاعي معهم, وكيف أنهم يتلعثمون أو لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم. وفي السياق نفسه نرى كيف أن عديدا من المسؤولين لا يجيدون التعبير عما يدور في خلدهم من آراء ومعلومات نتيجة التربية المتسلطة المانعة لطرح الرأي ومنع الكلام والتأكيد على أهمية عدم الحديث أمام الكبار حتى يكبر وعندما يكبر يجد الصعوبة في الحديث والتعبير عن الذات.
آدم سميت عندما أشار في نظريته الاقتصادية إلى أن العبقرية تعني أن تعرف الجواب قبل السؤال, كان يهدف منه, في بعده الاقتصادي, إلى قدرة الاقتصادي المستثمر الناجح على توقع مصادر الاستثمار وفرصته القادرة على تطوير رأس المال, ولهذا فإن قراءة السوق الاقتصادية ومعرفة متطلبات وتوقع مخرجاتها تعطي المستثمر في السوق القدرة على حسن الاستثمار ونموه, ولهذا فإن دخول أشخاص أو مؤسسات غير قادرة على قراءة السوق الاقتصادية أدى إلى الانهيارات التي يعيشها العالم اليوم.
حضور الإجابة عن بعض الأسئلة أو المواقف وسرعة البديهة عملية تحتاج إضافة إلى الملكة, إلى التعلم وتطوير الذات وعدم الاعتقاد أنها ملك لأشخاص دون آخرين, لأن الحياة الواقعية أثبتت أن التجارب والعمل المتواصل يبنيان لدى الإنسان منا القدرة على قوة الحضور الذهني والاستعداد للإجابة أو الرد القوي الحاضر, وملكة حسن الإجابة وسرعتها وقوتها تعطي للشخص ثقة بالنفس لا توازيها ثقة من أحد, وعدم الرد في الوقت المناسب وبالشكل المناسب يضعف ثقة الإنسان بنفسه. ومن هنا دعونا نعطي أبناءنا من الجنسين الفرصة للتعريف بقدراتهم ونحفزهم نحو التعبير الواضح عن قدراتهم وملكاتهم التي يمكنهم تنميتها مع الوقت, وأيضا دعونا ألا نغتال قدراتهم بكثرة التوبيخ والتحقير كما هو مشاهد في بعض مواقفنا الحياتية اليوم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي