الثقافة التأمينية... مسؤولية من؟
شهدت صناعة التأمين في المملكة خلال الأعوام الخمس الماضية قفزات نمو ضخمة، حيث كان إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها عام 2005 مبلغاً قدره 5,153 مليار ريال، وبلغ عام 2006 مبلغاً قدره 6,937 مليار ريال، وارتفع عام 2007 ليصل إلى 8,583 مليار ريال، وواصل الارتفاع عام 2008 ليصل مبلغا قدره 10,919 مليار ريال، وفي عام 2009 ارتفع إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها بنسبة 33.8 في المائة مقارنة بعام 2008، ليصل إلى 14.6 ريال.
وكان للتأمين الصحي والتأمين على المركبات نصيب الأسد في إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها عام 2009، حيث استحوذ التأمين الصحي على نسبة قدرها 50 في المائة من هذا الإجمالي، واستحوذ تأمين المركبات على نسبة قدرها 21 في المائة من نفس الإجمالي، ليشكلا سوياً نسبة قدرها 71 في المائة من إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها عام 2009، ولا شك في أن إلزامية التأمين الصحي والتأمين على المركبات كانت العجلة المحركة وراء ذلك.
وفي ظل هذا النمو الاقتصادي المتواصل لصناعة التأمين في المملكة، فإننا نتساءل..هل تواكبه الثقافة التأمينية لدينا مع هذا النمو الاقتصادي الضخم للتأمين؟
لا شك في أن مفهوم التأمين في المجتمع قد تطور بشكل عام خلال السنوات الماضية، نظراً إلى إلزامية بعض أنواع التأمين مثل التأمين الصحي والتأمين على المركبات، إلا أننا لا نستطيع الادعاء بأن مستوى الثقافة التأمينية لدينا يتواكب مع النمو الاقتصادي الضخم للتأمين، أو أنه قد وصل إلى المستوى المطلوب والمأمول، فنحن مازلنا بحاجة ماسة إلى تنمية الثقافة التأمينية في المجتمع. وفي رأيي، فإن تنمية الثقافة التأمينية في المجتمع هي مسؤولية يتشاطرها عدد من الجهات الحكومية والخاصة.
ومن أهم الجهات التي يمكنها أن تُحقق أكبر أثر في تنمية مستوى الثقافة التأمينية، وزارة الثقافة والإعلام، الغرف التجارية الصناعية، الإدارة العامة للمرور، المديرية العامة للدفاع المدني، مجلس الضمان الصحي التعاوني، مؤسسة النقد العربي السعودي باعتبارها الجهات التي أسند إليها نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني مهام الإشراف والرقابة على قطاع التأمين في المملكة، ولا ننسى الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه شركات التأمين وإعادة التأمين المرخص لها في هذا المجال.
ويمكن لهذه الجهات أن تُشارك في تنمية الثقافة التأمينية بطرق متعددة، ومن ذلك الإعلان عن مفهوم وأهمية التأمين في الصحف والمجلات المحلية والقنوات الإذاعية والفضائية وعلى الطرقات، كما يمكنها إصدار وتوزيع الكتيبات والمطبوعات التوعوية والتثقيفية في فروع التأمين المختلفة، وكذلك عقد محاضرات ودورات مكثفة في التأمين، ويمكنها أيضاً استغلال مواقعها الإلكترونية على شبكة الإنترنت لتحقيق هذا الهدف.
إننا لا نُنكر أن بعض هذه الجهات، وعلى رأسها مؤسسة النقد العربي السعودي ومجلس الضمان الصحي التعاوني وبعض شركات التأمين، قد سعت وما زالت تسعى جاهدة لتحقيق أعلى مستوى للثقافة التأمينية في المجتمع. فمؤسسة النقد العربي السعودي، على سبيل المثال، وفرت على موقعها الإلكتروني معلومات قيمة عن الأنظمة واللوائح والتعليمات المتعلقة بنشاط التأمين في المملكة، ومعلومات حول سوق التأمين، وكذلك معلومات للمؤمن لهم والجهات ذات العلاقة في السوق حول تقديم الدعاوى المتعلقة بالنزاعات التأمينية، كما أنها أتاحت الفرصة للرد على التساؤلات الواردة إليها والمتعلقة بالتأمين.
إلا أن ما قدمته الجهات المعنية من معلومات تأمينية لا يزال غير كافٍ لإشباع الحاجة ولسد القصور المعرفي الذي يعتري هذه الصناعة الواعدة، فالمسألة تتطلب من هذه الجهات أن تُعيد النظر فيما يُمكنها أن تُقدمه للمجتمع من معرفة وثقافة تأمينية، لتُساهم بذلك في تحقيق التكامـل والتوازن المطلوب بين الثقافة التأمينية للمجتمع والنمو الاقتصادي الضخم الذي تعيشه صناعة التأمين في المملكة.