الشباب ومحاربة المخدرات
في إطار الحملة الوطنية والعالمية التي تستهدف التوعية بأضرار المخدرات وأثرها السلبي في الفرد والأسرة والمجتمع، واستقرار النظام الاجتماعي والأمني والسياسي, وحيث أوضحت في المقال السابق أن المخدرات سلعة تعتمد على الطلب حتى تحقق ارتفاع نسبة العرض, وأن القضاء عليها يتطلب وضع رؤية اقتصادية تنطلق من القضاء على الطلب, بحيث يجد المروجون والمهربون لهذه السلعة الفاسدة أنفسهم مخنوقين ببضاعتهم وتكدسها في مخازنهم السرية, وتصبح السوق السعودية سوقا طاردة لسلعة المخدرات وغير قابلة للتعامل معها أو الترحيب بها في أسواقها.
الفكرة الاقتصادية المضادة للعرض من خلال تقليل الطلب ثم القضاء عليه يحتاج إلى جهود جميع أبناء وبنات ومؤسسات المملكة والمقيمين فيها في تظاهرة مشتركة تفعل الدور الإيجابي لكل مواطن ومقيم وفق استراتيجية طويلة المدى, هذه الاستراتيجية يجب أن تعتمد على الشباب من الجنسين في تحقيقها من خلال التواصل معهم وحضهم على تبني الاستراتيجية وتفعيل مفهوم ''خلها في نحورهم'', بمعنى أن يكون الشباب هم المتبنون والمفعّلون لهذه الحملة، لأنهم الأقدر على التواصل مع أقرانهم.
إن دور الشباب من الجنسين في الحملة الوطنية للقضاء على المخدرات ومروجيها ومهربيها سيكون ــ بإذن الله ــ دورا فاعلا، ولعل التجارب التطوعية التي أبرزت الحضور القوي والفاعل للشباب السعودي والمقيم في المملكة خير دليل على قدرتهم على تحقيق التأثير المباشر في هذه الحملة الوطنية الإنسانية التنموية في محاربة المخدرات.
مروجو المخدرات يعملون اليوم ومن خلال منظومة إدارية مالية منظمة لنشر المخدرات بين الشباب, مستغلين كل فرصة لتحقيق ذلك, ويعملون على جعل استخدام المخدرات أسلوبا للسعادة والحد من الاكتئاب, خصوصا في أوقات الامتحانات, بحيث يطلقون على تلك المخدرات حبوب السعادة، ويعطون الإيحاء للزبائن المتوقعين بأنها لا تؤثر في المخ، ولا تسبب الإدمان, يساعدهم على هذه الحملة الخبيثة المستخدمون من المدمنين الذين علقت حياتهم بالمخدرات فيطلبون منهم نشرها بين زملائهم في مقابل توفيرها لهم بأسعار مخفضة, وبهذا يحققون سلسلة من العملاء المروجين للمخدرات.
وبهذا الأسلوب استطاعوا أن يصلوا إلى أغلبية الأسر وجر أبنائهم من الجنسين نحو المخدرات, وهو ما نعانيه اليوم مع كل الضوابط والإجراءات الإدارية والأمنية والشرعية التي تطبقها المملكة, ومنها قتل المهربين والمروجين, ومع كل هذه الجهود إلا أن المخدرات تشتعل في أبنائنا مثل اشتعال النار في الهشيم.
إن دور الشباب من الجنسين في تفعيل حملة محاربة ومكافحة المخدرات واستمرارها بشكل دائم ومستمر في مختلف الأماكن العامة مثل الأسواق والطرق والمدارس وتنفيذ البرامج التلفزيونية والإذاعية واستخدام المواقع الإلكترونية ورسائل الجوال وغيرها من وسائل التواصل بين الشباب سيترك الأثر المباشر والعظيم ــ بإذن الله سبحانه وتعالى ــ في الأسرة والمجتمع والدولة.
إن تنظيم مثل هذه الحملة الوطنية لمحاربة المخدرات والعمل على القضاء عليها, تتطلب إضافة إلى جهود الشباب وعملهم, جهود مؤسسات الدولة المختلفة، سواء في القطاع الحكومي من خلال عديد من المؤسسات وعلى رأسها وزارة الداخلية وإمارات المناطق والإدارات العامة للمخدرات، وكذلك مؤسسات القطاع الخاص، ومنها الدور الإيجابي للغرف التجارية الصناعية ورجال الأعمال وأيضا الجمعيات الخيرية والاجتماعية الرجالية والنسائية, كما أن القطاع التعليمي العام والجامعي سيستفاد منه في دعم هذه الحملة, ويأتي الإعلام مساندا أساسيا وحقيقيا لتحقيق أهداف الحملة.
إن تضافر الجهود جميعها ومن خلال دور الشباب في محاربة المخدرات أصبح مطلبا أسريا اجتماعيا أمنيا وطنيا, ومتى ما وضعنا الرؤية والخطة فإننا ــ بإذن الله ــ سنرى النتائج المباشرة لخير هذا العمل الإنساني العظيم المتمثل في تفعيل دور الشباب في محاربة المخدرات.
وقفة تأمل
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع
فربَّ مخمصة شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت
من المحارم والزم حمية الندم
وخالف النفس والشيطان واعصهما
وإن هما محضاك النصح فاتهم
ولا تطع منهما خصما ولا حكما
فأنت تعرف كيد الخصم والحكم