مأساة فيضانات باكستان .. وهل نحن مستعدون لو أصابتنا؟

التغيرات المناخية التي نعيشها وآخرها مأساة فيضانات باكستان تجعلنا نتساءل عماذا يجب أن نفكر فيه للتصدي لمثل هذه الكوارث لو ـ لا قدر الله ـ وقعت لنا. موسم الأمطار قريب, ونحن عانينا في العام الماضي كوارث الأمطار .. فما عسانا أن نفعل لو فاجأنا الموسم القادم وهو قريب؟ وهل فكرنا في الاستعدادات للتصدي لهذه الظاهرة الحديثة التي لم نشهدها من قبل التي تطالعنا الصحف ووسائل الإعلام بأحداث مفاجئة من الفيضانات وكوارثها الفاجعة في الشرق والغرب؟ وأنها تحدث في دول لم يتوقع أحد أن تصلها. وفيات وخسائر في الأنفس والأموال. وهي في دول لم تتوقع أن يصيبها ذلك أو حتى لم يصبها منذ عقود. وهي ظاهرة حذرنا منها علماء البيئة من أنها ظاهرة جديدة وسببها الاحتباس الحراري والزيادة الكبيرة الملحوظة في نسبة ذوبان الجليد في القطبين وكذلك في قمم الجبال في آسيا وأوروبا, ما يجعلها تفيض على الأنهار والأودية وترفع من مستواها, ومن ثم تفيض على مساكن السكان في المناطق المنخفضة.
هذه الظاهرة خطرة,ويجب أن نحتاط لها‘ وليس من المستغرب أن تأتينا في السنوات القادمة أحداث أكبر منها تستمر أكثر, فتلك الأحداث استمرت ليوم أو يومين وذقنا العذاب والويلات منها, فماذا لو استمرت أكثر من ذلك, فهل فسنبقى متفرجين أم ننتظر أن تصيبنا مرة أخرى لنبدأ في محاسبة المخطئ؟
أعتقد من الأفضل أن نحاول أن نتحسب ونخطط مسبقا لاحتواء مثل هذه الأحداث التي أصبحت متوقعة بدلا من أن ننتظر حتى نقوم بتصفية الحسابات أو توريط بعضنا. وإن لم نفعل فنحن علينا اللوم والمسؤولية لما قد يحدث للسكان الذين قد يعانون. وأقلها أن يتم تكوين لجنة أو هيئة تستعين بخبراء في المساحة والجيولوجيا للقيام بتحديد مستويات ومناسيب الأحياء التي قد تتعرض للغرق من الفيضانات في جميع مدننا, ومن ثم يتم تحذير السكان بخطوة مواقع منازلهم وأنها معرضة وعليها خطر من الفيضانات. وأن يتم توفير مواقع مؤقتة لاحتواء هؤلاء السكان لو فاجأتهم الفيضانات.
وهذا الموضوع يجرني دائما إلى موضوع دائما أكتب وأطالب به.
التغيرات المناخية التي قد تصيبنا الله أعلم بها أكثر منا. ومن الواجب علينا أن ننظم صفوفنا وأن نخطط لتفادي أو التخفيف من تلك الكوارث, وهو السبب الذي يجعل معظم الدول تضع إدارات خاصة لإدارة الأزمات والكوارث.
إدارة الأزمات والكوارث والمخاطر هي إحدى أهم الهيئات التي يجب أن نخطط لوجودها سواء في أوقات المخاطر المناخية والطبيعية والزلازل في أوقات السلم مثل إدارة الأزمات والكوارث (الزلازل والفيضانات وانقطاع الكهرباء أو الماء), وكذلك في أوقات الحرب وما تسببه من إصابات وضحايا وتأثيرات الإشعاعات النووية والذرية والغازات الكيماوية. وقد يكون من المناسب البدء بالتجهيز للحالتين من الآن سواء جاءت الحرب أم لا فهي خطط استراتيجية وتقوم معظم الدول بـتجهيزها والإعداد لها لتكون معروفة للجميع سواء لتوقع الحرب أو لتوقع انتشار غازات كيماوية أو سامة بفعل اعتداءات خارجية أو داخلية بسبب غلطة في بعض المختبرات أو خزانات المواد الكيماوية. وهناك محوران مهمان لإدارة الأزمات: الأول خطة مسبقة لحماية وإنقاذ الأرواح والمنشآت أثناء الأزمات والحروب, والآخر هو إعداد خطة عمل للطوارئ واستمرارية العمل في مؤسسات الدولة في حالة حصول أي ظروف طارئة ـ لا سمح الله ـ مثل الزلازل والفيضانات, وذلك لضمان استمرارية العمل للأجهزة المهمة في الدولة خلال تلك الأزمات Business) Continuity & Contingency Plan). وقد يكون المجلس الأعلى للأمن القومي هو أول المنوطين بذلك بالتنسيق مع وزارة الدفاع ومنشآتها مثل الدفاع المدني والأمن العام ووزارة الصحة.
ويعنى المحور الأول بالتحسب للأزمات قبل وقوعها عن طريق التخطيط المسبق, وهو أمر مهم للغاية, فنحن نسمع عن مؤامرة سبق التخطيط لها لمواجهة إيران وضرب مفاعلها النووي, الذي عجزت الطرق الدبلوماسية عن تحقيقه.
وهذه التصريحات توجب علينا الحذر من قيام حرب طاحنة بينهما, وهذا قد يؤثر فينا, حيث قد نستهدف .. فماذا أعددنا لحماية أنفسنا؟
إننا على الأقل يجب أن نبدأ من الآن بالتوعية والتجهيز لمخاطر الحرب. وأهم الخطوات هي البدء بحماية الأرواح والحد من خسائرنا البشرية عن طريق التخطيط والتجهيز للملاجئ تحت الأرض والمزودة بمياه للشرب وبعض الأطعمة المحفوظة لنسائنا وأطفالنا على الأقل, وإعادة تأهيل نظام الإنذارات من الصواريخ وتجهيز نقاط إسعافات للطوارئ تحت الأرض, وذلك عن طريق خرائط جغرافية بنظام GPS واضحة لمواقع يمكن الاتصال بينها وبسهولة ولتسمح بسرعة توصيل الجرحى إلى المستشفيات أو لحركة الجنود وأفراد الجيش, وأن يتم الإعلان في الصحافة والإنترنت للمواطنين عن تلك الخطط أو على الأقل أن تكون جاهزة ليتم الإعلان عنها وقت الحاجة ـــ لا سمح الله.
وقد يتعدى الأمر ذلك إلى تجهيز ملاجئ تحت الأرض مصممة للحماية من الأشعة النووية والغازات السامة.
الاحتياط واجب, ومثل هذه الاستعدادات يجب أن نبدأ بها سواء حلت الحرب أو لم تحل, فهي ضرورة تبقى للأيام المشؤومة وللأجيال القادمة. ومعرفة العدو بأن لدينا مثل تلك الخطط قد تقلل من عزيمته على القتال.
بينما يعنى المحور الآخر بخطة لاستمرارية العمل BCCP في مؤسسات الدولة المهمة خلال الأزمات, وهي في غاية الأهمية والتعقيد, نظراً لأنها تعنى بأخذ الاحتياطات المطلوبة لمتغيرات أو مخاطر يصعب التنبؤ بها وبمصدرها أو حجمها. وهو أسلوب عمل متشعب ومتكامل مصمم ليمكن تطبيقه على جميع أنواع المخاطر المحتملة التي قد تؤثر في سير العمل في الدولة وتشمل البنية التحتية والأساسية التي تساند عمل الدولة ومؤسساتها المنتشرة في أنحاء المملكة.
وتهدف الخطة بشكل خاص إلى تكوين فريق للعمل وصياغة كتيب أو مرشد للخطة يعنى بما يلي:
• ضمان استمرارية عمل المؤسسات الرئيسة وخطوات المساندة, وذلك بتحديد وتقييم وإدارة ومعالجة المخاطر التشغيلية.
• توفير خدمات غير منقطعة للمواطنين.
• ضمان سلامة وأرواح موظفي تلك المؤسسات من المخاطر.
وعند التفكير في عمليات الطوارئ يجب أن نضع نصب أعيننا ثلاثة عناصر مهمة وهي أن عمليات الطوارئ نادراً ما تسير كما خطط لها, ولذلك فإن تعريف كلمة طارئ يعني فقدان التحكم, لذلك فإن خطة الطوارئ تعطي الإطار العام ونقطة الانطلاق لمواجهة حالات الطوارئ الفعلية, كما أن التعامل مع الحالات الطارئة فريد من نوعه, إذ إنه يتطلب التفكير والعمل بصورة غير طبيعية ومخالفة لظروف العمل الاعتيادية, وأن التدريب هو أساس عمليات مواجهة الطوارئ, حيث إن أي عملية لمواجهة الطوارئ لم يسبقها تدريب جيد سيكون مصيرها الفشل.
ولأجل تنفيذ خطة طوارئ واستمرارية العمل فإن هناك نوعين من حالات الطوارئ: محدودة وهي الحالات التي قد تؤثر في استمرارية العمل بصورة مؤقتة وهي ذات طابع داخلي ويمكن معالجتها ببساطة مثل تعطل الاتصالات المحلية وخطوط الهاتف عالية السرعة للحاسب الآلي Leased Lines أو تعطل البرنامج الحاسوبي الرئيس لشبكات الحاسب Main farme soft ware.
أو عامة وهي حالات توقف العمليات الاعتيادية في مقر العمل وتوجب الانتقال إلى مقر مؤقت خارج المبنى لضمان أو إعادة استمرارية الحد الأدنى من العمل, خاصة في حالات الحرب أو الزلازل, لذلك فإن الموقع البديل حسب المقاييس العالمية لا بد أن يكون بعيداً بمسافة لا تقل عن 250 كيلو مترا أو في مدينة أخرى. أو في حالات انقطاع التيار الكهربائي من المحطات الرئيسة أو امتناع الدخول للمبنى سواء بسبب حريق، انهيار، متفجرات، أو انفجار ماسورة مياه أو مجار, هذه الحالات حتى لو كانت من دون خسائر بشرية فإنها تسبب منع الوصول إلى المنشأة. وهي حالات قد تتطلب إخلاء الموظفين من المبنى, وبالتالي لا بد من تحديد مكان لإخلاء الموظفين ونقاط تجمعهم ويلزم الوضع وجود طبيب.
الموضوع يستوجب منا وضع الاحتياطات والبدء في التخطيط المسبق لتداري الخسائر عن طريق إيجاد فريق بحث علمي لدراسة المتغيرات المناخية العالمية وظاهرة زيادة معدلات الحرارة فقد نتوقع أن يأتي اليوم الذي تصل فيه الحرارة إلى درجات فوق 50 درجة وعندها يجب أن نخطط لملاجئ مكيفة للحماية من الحرارة. أو احتمال زوابع أو ريح صرصر عاتية! حمانا الله من كل شر .. لكن الاحتياط واجب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي