عالم الغرب وأجيال الغباء

ظهرت مجموعة من المفكرين التربويين، تنتقد بشدة أوضاع التعليم في العالم الغربيّ، ومن رأيها أنّ معظم ما يتعلمه التلاميذ ويستفيدون به ويبقى معهم، يتعلمونه خارج المدرسة. كما يشكو بعض المعلمين الأمريكيين من ازدياد نسبة الأمّيّة بين خريجي التعليم الإلزامي الذي يصل إلى المرحلة الثانوية. وكان الحلّ في رأيهم أن يتمّ التعليم بواسطة مؤسسات اجتماعية أخرى غير المدرسة، ويتمّ على أساس التعليم الذاتي، كلّ ينتقي ما يريد أن يتعلّمه، فالخطوة الأولى من تعليم المستقبل هي إلغاء التعليم النظاميّ الذي يكبّل ويقتل القدرة على التعلّم الذاتي الإبداعي!
لكنهم في المقابل يجيبون عن التساؤل الذي يطرح نفسه في تلك المنطقة، وهي كيف استطاع الغرب أن يتقدم في علومه؟ وكمثال على ذلك ما نراه في أمريكا! والإجابة هي في أنهم بارعون في استجلاب الأدمغة من كل بلدان العالم وإغرائها بالكثير من المحفزات لتنخرط ضمن منظومة مؤسساتهم.
ويشير رئيس جامعة هوبكنز بل برودي أن ما يربو على 60 في المائة من الطلاب المتخرجين في العلوم داخل الأراضي الأمريكية هم طلاب أجانب. معظمهم آسيويون وغالبية الطلاب المتخرجين من الرياضيات كانوا من الصين ويتم استخدامهم كأساتذة مساعدين, حتى لو أن بعضهم لا يتكلم الإنجليزية بشكل جيد.
كما أن معظم الشركات الكبيرة في العالم بدأت الاستثمار في البحث والتطوير في الخارج. تحت شعارات مختلفة لا يتعلق أهمها بكسب الأموال بل بكسب العقول.
تقول تريسي كون مديرة إنتل لشؤون التعاون والأبحاث: أن العلوم والرياضيات هما لغة التكنولوجيا الكونية فهما تقودان خريطة المستقبل والتقدم للشعوب.
وتضيف كون: "إن صناعة الرقائق تتطلب شيئين الرمل والعقل، وفي الوقت الحاضر المشكلة في العقل، وسنحتاج إلى نظام هجرة أقوى وأكثر دعما إذا أردنا أن نستخدم الطلاب الذين يريدون البقاء هنا أو سنذهب إلى حيث يكونون".
وكمثال على تفوق بعض الشعوب الآسيوية أشارت إينا موليس الأستاذ المساعد في جامعة بوسطن أن 44 في المائة من طلاب الصف الثامن في سنغافورة حققوا مستويات استيعاب عالية لعلوم الرياضيات. وفي تايوان كانت النسبة 38 في المائة في تايوان، أما الطلاب الأمريكيين فاقتصرت النسبة على 7 في المائة. إضافة إلى أن أعمار الـ 15 في بلاد العام سام، تتمتع بأدنى المعدلات الدولية في مستويات الذكاء عندما يأتي الأمر إلى التطبيقات الرياضية والفيزيائية.
في الطرف المقابل من الكرة الأرضية، يبدو أن عقول العالم الثالث لا تزال وستبقى فريسة إغراءات المنح الدراسيّة والحصول على الجنسية، كما أنّ ثلث طلاب الدراسات العليا في جامعات أمريكا هم من طلاب الدول الفقيرة، وأنّ اليونسكو أعلنت أنّ الثمانينيات شهدت يوميا هجرة ألف عالم وخبير وتقني محترف من العالم النامي باتجاه الغرب.
ونعود إلى تصريح آخر لتريسي كون من "إنتل" جاء فيه: "إذا ما شعرت إحدى شركات التكنولوجيا الرئيسة في أمريكا أنها مضطرة لتلبية حاجتها إلى الهندسة فعليها أن تذهب إلى روسيا، حيث هناك فقط يوجد المدرسة الرياضية القديمة وتعليم العلوم".
كما أشارت: "إلى أنه بمقدار ما يبقى الطلاب في المدارس الثانوية الأمريكية بمقدار ما يزداد غباؤهم".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي