تعزيز قدرة الإنتاج النفطي للكويت

نرى صواب توجه الكويت لتعزيز قدراتها لإنتاج كمية من النفط تتناسب وحجم احتياطيها من النفط الخام المكتشف. والإشارة هنا إلى تقارير خبرية مفادها نجاح الكويت قبل أيام في تجربة تحقيق القدرة على إنتاج ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام يوميا. كما يرتفع الرقم الكلي للإنتاج في هذه الحالة إلى نحو 3.3 مليون برميل بعد إضافة حصة الكويت من المنطقة المقسومة على حدودها البالغة 270 ألف برميل يوميا.
إحصاءات حيوية
يكتسب موضوع زيادة القدرة الإنتاجية أهمية خاصة بالنظر إلى إحصاءات السنتين الماضيتين، فحسب إحصاءات محدثة منشورة في نشرة متخصصة لشركة بريتيش بتروليوم، بلغ متوسط إنتاج الكويت في عام 2009 مليونين و481 ألف برميل يوميا، بتناقص قدره 11.3 في المائة من عام 2008. وبناء على ذلك، شكل الإنتاج الكويتي 3.2 في المائة و3.5 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي في كل من 2009 و2008 على التوالي.
وعلى هذا الأساس، تخلفت الكويت عن دول أخرى أعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط ''أوبك''، خصوصا إيران، فضلا عن السعودية بالنسبة للإنتاج النفطي، اللتين استحوذتا على 5.3 في المائة و12 في المائة من حجم الإنتاج العالمي للنفط في 2009. يعد هذا الموضوع حيويا مقارنة بحجم الاحتياطي النفطي المكتشف الذي يبلغ 7.6 في المائة و10.3 في المائة و19.8 في المائة بالنسبة للكويت وإيران والسعودية على التوالي حسب الإحصاءات المحدثة لشركة بريتيش بتروليوم التي تعد مرجعا معتبرا. من المؤكد أن الكويت تعاني في الوقت الحاضر من معضلة عدم وجود توافق بين مستويات الإنتاج والاحتياطي.
وهناك أهمية إضافية لمسألة زيادة الإنتاج نظرا للأهداف الاستراتيجية للكويت التي تتمثل في رفع الطاقة الإنتاجية إلى 3.5 برميل يوميا بحلول عام 2015، ومن ثم أربعة ملايين يوميا في 2020، والحفاظ على المستوى نفسه حتى 2030. وربما تعزز القدرة على تعزيز الإنتاج من فرص تحقيق مشروع الكويت الذي يهدف إلى مضاعفة إنتاج أربعة حقول واقعة في شمال البلاد إلى 900 ألف برميل في اليوم بتكلفة تزيد على سبعة مليارات دولار على مدى 20 سنة.
تعزيز فرص مشروع الكويت
من المؤكد أن تطوير القطاع النفطي يتطلب فتح المجال أمام الشركات الأجنبية نظرا إلى الحاجة التقليدية إلى الخبرات الدولية في هذا المجال الحيوي. بيد أن فتح القطاع النفطي أمام الشركات الأجنبية شكّل مشكلة تقليدية مع السلطة التشريعية، كما هو الحال بالنسبة لمشروع الكويت. مرجعية المعارضين مادة دستورية لا تسمح بامتلاك شركات أجنبية بامتلاك حصة في القطاع النفطي. كما يستند المعارضون إلى أمور أخرى من قبيل عدم وجود الحاجة إلى زيادة الإنتاج, وذلك في ضوء عدم وجود عجز في الموازنة العامة.
حققت ميزانية الكويت للسنة المالية 10-2009 المنتهية في آذار (مارس) فائضا قدره 22.4 مليار دولار مقارنة بإيرادات قدرها 61.5 مليار دولار. يعد حجم الفائض للسنة المالية 10-2009 ثالث أكبر فائض في تاريخ الميزانيات العامة للكويت، حيث تم تسجيل فائض قدره 32.3 مليار دولار في السنة المالية 08-2007 وآخر قدره 24 مليار دولار في السنة المالية 06-2005.
ويرى بعض أعضاء السلطة التشريعية أن الخبرات المحلية كفيلة بتنفيذ مشروع كهذا نظرا للخبرة المكتسبة في مختلف مجالات القطاع النفطي. على سبيل المثال، تمتلك الكويت استثمارات نفطية خارج أراضيها بما فيها محطات لبيع البترول في أوروبا، لكن لا يمكن إنكار تميز الشركات الدولية حيث تمتلك الخبرة والتقنية.
عدم إغفال السلبيات
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال النظر لبعض السلبيات الجوهرية المتعلقة بالتوجه الحكومي من حيث زيادة وليس تقليص الاعتماد على القطاع النفطي ما يجعل الاقتصاد الكويتي تحت رحمة التطورات في أسواق النفط بشكل أكثر من ذي قبل. تشير الإحصاءات إلى الاعتماد النسبي الكبير للاقتصاد الكويتي على القطاع النفطي، حيث يسهم في المتوسط بنحو 90 في المائة من مجموع الإيرادات ما يجعل الخزانة العامة للكويت الأكثر اعتمادا على النفط بين شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي. بالمقارنة، يشكل الدخل النفطي نحو ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة في البحرين.
وفي تفاصيل السنة المالية 10-2009 افترضت الميزانية عائدات نفطية بقيمة 24.1 مليار دولار لكنها ارتفعت مع إغلاق الحسابات إلى 57.6 مليار دولار ما يعني عمليا حدوث تغير مادي بسبب متغير سعر النفط. وكانت السلطات الكويتية قد أعدت ميزانية السنة المالية 2009-2010 بافتراض متوسط متدن بشكل نوعي قدره 35 دولارا للبرميل أي أقل بكثير من الأسعار السائدة في السوق، وذلك في إطار سياسية مالية محافظة.
في المحصلة، نؤيد توجه الكويت لزيادة القدرة الإنتاجية للنفط لأسباب مختلفة، منها فرضية تعزيز الحصة المخصصة لها في ''أوبك'' متى ما سنحت الفرصة. المشهور عن الكويت التزامها بحصتها من الإنتاج وقدرها 2.2 مليون. تعتبر الكويت خامس أكبر دولة منتجة في منظمة ''أوبك''، التي تضم 12 عضوا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي