دول الخليج في تقرير الشفافية لعام 2010
باستثناء قطر لا يزال أداء دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة موحدة غير مقنع فيما يخص محاربة الفساد في المعاملات الرسمية, كما تبين من تقرير مدركات الفساد لعام 2010, الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية قبل أيام. في المحصلة، كشف التقرير عن تباين الأداء الخليجي ما بين المرتبة 19 لقطر والمركز 54 للكويت.
تحسن الأداء
من جملة الأمور اللافتة، حافظت قطر على موقع الصدارة بين الدول العربية قاطبة بعد أن حلت في المركز رقم 19 عالميا, أي مرتبة واحدة أفضل من ترتيب المملكة المتحدة، فضلا عن ثلاث مراتب أفضل من الولايات المتحدة. وتعني هذه النتيجة استمرار قطر في تحسين ترتيبها، حيث تقدمت ست مراتب في تقرير 2009, فضلا عن أربع مراتب في تقرير 2008. وجمعت قطر 7.7 من النقاط على المؤشر المكون من عشر نقاط, الأمر الذي يجعلها في مصاف الدول غير المطالبة بإجراء تغييرات نوعية في أطرها التشريعية.
بدورها نالت الإمارات المرتبة 28 عالميا, ما يعني تحسين ترتيبها مرتبتين في سنة واحدة, لكن لا يعد هذا التقدم كافيا لاستعادة الإمارات موقعها في عام 2006 عندما حلت في المرتبة الأولى خليجيا وعربيا، وهو المنصب الذي أصبح في متناول قطر في السنوات القليلة الماضية.
من جهة أخرى، تراجع ترتيب عمان مرتبتين للمركز 41 دوليا. وبالنتيجة نفسها تأخرت البحرين للمرتبة 48 عالميا، نظرا لنجاح بعض الدول الأخرى في تحسين ترتيبها الدولي. في المقابل، واصلت السعودية مسلسل تقدمها, حيث حسنت ترتيبها بواقع 13 مرتبة أي الأفضل تقدما بين مجلس التعاون الخليجي. بدورها، تقدمت الكويت 12 مرتبة للمركز 54 عالميا ما يعد إنجازا.
مصادر المعلومات
غطى تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2010 مستويات الشفافية في 178 بلدا وإقليما في العالم، مقارنة بـ 180 دولة في تقرير 2009 ربما بسبب صعوبة الحصول على بعض المعلومات الحيوية. اعتمد المؤشر على 13 استطلاعاً ومسحاً بتنفيذ عشر مؤسسات مستقلة بينها وحدة المعلومات في مجموعة الإيكونومست البريطانية والبنك الدولي ودار الحرية ومؤسسة البصيرة العالمية وبنك التنمية الآسيوي وبنك التنمية الإفريقي. وشملت عمليات الاستطلاع وجهات نظر الخبراء عن الدول المختلفة المقيمين منهم وغير المقيمين, فضلا عن رجال الأعمال الأجانب للوقوف على مسألة مدى تقبل السياسيين وموظفي القطاع العام للرشا، تشترط المنظمة توافر ثلاث دراسات على الأقل حتى يتم شمول أي بلد في التقرير.
تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية. ولا تميز المنظمة بين الفساد الإداري والفساد السياسي أو بين الفساد الصغير والفساد الكبير. وترى المنظمة أن عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها، وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية. يعود تاريخ تأسيس منظمة الشفافية الدولية لعام 1993 وتتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا وتحصل على تمويل من الجهات الرسمية والأهلية.
إصلاحات إدارية
كما هو الحال مع السنوات السابقة، واصلت الدول الاسكندنافية احتفاظها بأفضل سجل، فيما يخص محاربة مختلف أنواع الفساد في المعاملات الرسمية. فحسب تقرير 2010، شاركت الدنمارك كلا من نيوزيلندا وسنغافورة في المرتبة الأولى عالميا في محاربة الفساد في المعاملات الرسمية عن طريق جمع 9.3 من النقاط. وحلت كل من السويد وفنلندا والنرويج في المراتب الرابعة والخامسة والعاشرة على التوالي. تشترك الدول الحاصلة على مراتب متقدمة في بعض صفات إيجابية تتمثل في محدودية قبول أصحاب القرارات, خصوصا في الدوائر الرسمية, إغراءات تجارية أو شخصية.
تعتقد منظمة الشفافية الدولية بأن الإصلاحات الإدارية ضرورية لأي دولة لم تسجل سبعا من عشر نقاط على المقياس. وكشف تقرير عام 2010 عن أن 22 دولة فقط في العالم تمكنت من جمع سبع نقاط أو أكثر. وتبين أن قطر هي الوحيدة بين الدول العربية كافة التي جمعت عددا كافيا من النقاط لتفادي تنفيذ إصلاحات إدارية شاملة. كما كشفت النتائج أن نحو ثلاثة أرباع الدول المشمولة في التقرير بينها ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي جمعت أقل من خمس نقاط على المؤشر, ما يعني أنها تعاني معضلة الفساد المالي والإداري.
من جملة الأمور التي تطالب بها منظمة الشفافية الدولية إلزام الحكومات نفسها بنشر إحصاءات دورية دون تدخل من السلطات للتأثير في الأرقام أو تاريخ النشر لأغراض سياسية. يشار إلى أن المستثمرين الدوليين يعتمدون جزئيا على تقرير منظمة الشفافية كمتغير أثناء اتخاذ قرارات الاستثمار.
ويمكن تفهم محور تقرير مدركات الفساد لعام 2010, الذي يؤكد أهمية وجود الشفافية والمحاسبة, وذلك بالنظر إلى التحديات الصعبة التي تواجه العالم, التي تشمل حالة عدم الاستقرار في أسواق المال, فضلا عن التغيرات المناخية إضافة إلى الفقر. ونؤيد ما ذهب إليه التقرير بأن الفشل سيكون نصيب أي سياسة تفتقر إلى الشفافية والمحاسبة.