اقتصادنا «يستغيث» مفاهيم جديدة للتمويل
يقف تحدي بناء منظومة تمويل متنوعة ومتعددة كواحدة من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي على مر العقود ولكنه بات ملحا في 2011، لسببين الأول هو استمرار اعتماد المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بشكل شبه كامل على الإنفاق الحكومي من جانب وعلى القروض البنكية بصورة أساسية لتنفيذ نشاطاتهم الاقتصادية، دون أي انتشار فعال لطرق التمويل الأخرى المنتشرة في العالم كالسندات والصكوك والطروحات الأولية، أو حتى أنظمة التمويل العقاري، وغيرها من اشكال التمويل المبتكرة.
هذا الخلل والذي عطل مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة في التنمية، إلى جانب عدد آخر من الأضرار، أكده البنك الدولي في تقريره الصادر قبل أيام تحت عنوان ''التقرير الرئيسي عن القطاع المالي'' في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي أشار من خلاله إلى أنه وعلى الرغم من أن تأثير الأزمة المالية على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان متواضعا مقارنة بمناطق أخرى من العالم، إلا أن ذلك كشف عن الضعف النسبي لاندماجها في الاقتصاد العالمي وعدم اشتمال القطاع المالي لشرائح المجتمع كافة، ومحدودية عمق واتساع أنشطة الوساطة المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أتصور أن الاقتصاد السعودي بات اليوم وبعد أن نجح بحسب البنك الدولي في تجاوز الأزمة المالية العالمية، واستفاد من دروسها العظيمة بات ''يستغيث'' من أجل تطوير الأنظمة المالية في المملكة ذات الصلة والتي منها تعزيز البنية الأساسية للقطاع المالي، والمؤسسات المالية، وتطوير الأدوات المالية، واللوائح المالية، والتمويل الإسلامي، ومحاور التركيز الخاصة بالحصول على الائتمان مثل التمويل الأصغر، وتمويل مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، والتمويل العقاري.
باستطاعة خطط الائتمان الجزئي في حال فعلت في السعودية كما قال البنك الدولي وهي رؤية أتفق معها تماما أن تلعب دورا مهما في تشجيع حصول الشركات المنعزلة عن القطاع المالي على التمويل، فبالإضافة إلى إنشاء سجلات للمعلومات الائتمانية ومكاتب استعلام ائتماني أفضل، وتعزيز حقوق الدائنين، يجب أن تعمد المملكة إلى وضع خطط ائتمان جزئية تغطي بكفاءة عددا كبيرا من الشركات مع الحفاظ على السلامة المالية.
لقد أصبحت مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة تحظى بأولوية حكومية كما قال ذلك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في ندوة عقدت بهذا الشأن مطلع نوفمبر الماضي، على اعتبار أنها أصبحت تمثل عنصرا أساسيا للتصدي للتحدي المتمثل في تحسين القدرة على المنافسة، وزيادة مستوى الدخل، وتهيئة فرص العمل للمواطنين.
التقرير الذي طرحه البنك الدولي وطالب من خلاله حكومات منطقة الشرق الأوسط والمهتمين بالجوانب التمويلية المشاركة في التعليق عليه علينا أن نتبناه كنصيحة ملائمة لما هو عليه شكل التمويل في المملكة، والذي لا يساعد أبدا في توسيع النشاط الاقتصادي والتجاري في المملكة وبما يتوافق مع الميزانيات القياسية والمشاريع الضخمة التي أقرتها وتقرها المملكة عاما بعد عام.