تكاليف السكن .. هل من حلول؟
يدرك الكثير أن تكلفة السكن في الاقتصاد السعودي (سواء تملكا أو إيجارا) هي من أكبر مكونات التكاليف الرأسمالية التي يتحملها من يقيم على تراب الوطن. ولانعدام الإحصاءات الموثقة والدقيقة ، التي يمكن الاطلاع عليها في نسبة هذه التكاليف إلى الدخل للفرد إلا أنها تقدر بما بين 20 و40 في المائة من الدخل بحسب فئات التصنيف في دخول الفرد من متدن إلى مرتفع مرورا بالمتوسط . وعلى أي حال فهذه النسب التي أعتبرها استرشادية تقع في أدناها من جملة النسب المرتفعة مقارنة بحجم الاقتصاد السعودي وخصوصيته. ولن نتحدث عن السكن هنا ومحددات العرض والطلب من الوحدات السكنية المطلوبة أو تلك التي يعلن عنها في الخطط التنموية السعودية ، التي من آخرها ما جاء في الخطة التاسعة باستهداف بناء مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس القادمة إلا أن جانب التكلفة لجزء من موضوع الإسكان ـــ وهو الإيجار ــــ هو ما نرمي إلى الحديث عنه.
فالإيجار السكني ومن مشاهدات تعيشها كمواطن حين تأخذ معدلاته في مدن المملكة ومحافظاتها فأنت لا تحتاج إلى إحصاءات لكي تصل إلى قناعة ارتفاع تكاليفه وأنه يشكل نسبة ذات بال من ميزانية الفرد. والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى أبجديات الاقتصاد في فرض قوى العرض والطلب للأسعار مقرونا بتدني الدخل مقارنة بمستويات تكاليف المعيشة الإجمالية. هذا كما أضاف أيضا طبيعة نسيج السوق العقاري في السعودية إجمالا وتاريخيته وبنيته الأساسية بما في ذلك المؤسسات ذات العلاقة كمؤسسات الإقراض الحكومية والبنوك وغيرها إلى تردي العوامل التي زادت من ارتفاع التكاليف بدلا من تخفيضها.
فمثلا حين يفرض إيجار محدد لشقة أو سكن ما فصاحبها وبوجه حق يريد ضمان دفع الإيجار في الوقت المحدد ومن حقه ذلك إلا أن توثيق مثل هذه المعلومة بطريقة حضارية غير موجود في السوق لذلك من المؤكد أن هناك زيادة توضع في الحسبان نظير إمكانية عدم السداد. طبعا هذا واحد من الجوانب فقط علما بأن المستأجر يحضر شهادة تعريف من عمل أو توثيق لمصدر دخله بمستويات معينة. وفي ذلك مقارنة بما يتكبده المقترض من البنوك في فرضها نسب تكاليف على الإقراض بمستويات مخاطر لملاءة المقترض بفرضيات غير واقع الحال فهو يحضر شهادة تعريف بالراتب مثلا ويتعهد بتحويل راتبه للبنك إلا أن الرسوم التي يتقاضاها البنك لا تنقص كثيرا بنفس حجم المخاطر المفترض تطبيقها على المستدين. وبنفس المنهجية أيضا في الإيجارات خصوصا في غياب قاعدة بيانات موحدة تثبت سجله في الإيجارات على غرار ما تأخذ به البنوك الآن في معرفة السجل الائتماني للشركات والأفراد.
بالطبع ليس هذا الإجراء هو ما سيدفع بالإيجارات أو سيؤدي إلى النزول لتصل إلى نسب مقبولة في تكاليفها وليس حلا جذريا لأزمة الإسكان، ولكنه واحدة من الخطوات التي ترمي إلى التخفيف من هذه التكاليف وعلى وجه التحديد نظرا لأن دواعيه ليست اقتصادية صرفة فهي لم تدخل في محددات العرض والطلب أو حتى في مؤثرات مستويات الدخل بل هي غياب معلوماتي عن صاحب الشأن وهو تطبيق عملي للمقولة الشعبية (اللي ما يعرفك ما يثمنك).