إسرائيل بين الحرب والسلم
الحراك المجتمعي الذي يعيشه المجتمع العربي بشكل خاص وشعوب العالم بشكل عام يجعل فكرة الحديث عن الأسباب والدوافع التي جعلتهم، خصوصا الشباب العربي يتحركون للخروج في مظاهرات عارمة شاملة يمثل الشباب روحها وقيادتها وصرختها التي تقول كفى.
كفى التي يقولها الشباب حتى وإن لم يظهروها بشكل واضح إلا أنها صرخة ألم وغيظ وحرقة عاشت داخلهم منذ أكثر من 50 عاما حتى وإن كانت أعمارهم لم تتجاوز الـ20 ولكنها وراثة ألم وحسرة وإحساس بالدونية والاحتقار والاضطهاد
والتهميش، كل هذه الأحاسيس منبعها وبدون مبالغة وجود الجرثومة الإسرائيلية داخل مجتمعنا العربي.
إسرائيل أوجدت نوعا من الإحباط والقهر والظلم والاستنزاف للقيم والكرامة والعطاء العربي، يقابلها تدمير للقوة الاقتصادية والعسكرية العربية نتيجة الخوف من أن تبرز دولة عربية ذات إمكانات اقتصادية وعسكرية فتصبح خطرا على إسرائيل وأمنها، وأصبح محيطنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني تحكمه إسرائيل من خلال البعبع الأمريكي والأوروبي ومن يعيش في فلكهم، فكل شيء ممنوع من التطوير أو التقدم لأنه خطر على إسرائيل وأمنها وبهذا السبب يجب أن تعيش المجتمعات العربية والإسلامية في ليلة لهذا التسلط الإسرائيلي وللدول الداعمة له وخصوصا الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة أصبحت الكرة رقم واحد لأغلب شعوب العالم وخصوصا العالم العربي والإسلامي لأنهم يرونها تدعو لكل القيم الإنسانية واحترام الحريات وتأصيل الديمقراطية ولكنها في الوقت نفسه تضرب بكل ذلك عرض الحائط عندما يأتي الأمر حول مصالح إسرائيل، فإسرائيل مسموح لها أن تقتل ما تشاء ومتى ما تشاء وكيفما تشاء من الفلسطينيين أو غيرهم داخل فلسطين أو خارجها وأن تحيك المؤامرات والاغتيالات وأن تهدم المدن والقرى وتبني المستوطنات وتضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية والأعراف الدولية وأن تعيش البلطجة بكل أشكالها وأنواعها وهو ما يحدث الآن في ظل الأوضاع العربية الحالية ثم تجد الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عنها وعن بلطجتها بدون أدنى حد للأدب واحترام الشعوب، والفيتو الأمريكي الأخير خير دليل.
إن هذا الإحساس المولود والمتولد مع الشباب العربي دفعه للخروج من عنق الزجاجة للتعبير عن سخطه على أنظمة وطنه التي لم تحرك ساكنا لرفع الظلم والمهانة على مجتمعه، حتى إن أحداث مصر وما تم تداوله من أسباب وهي عديدة إلا أن الغضب المخنوق داخل الصدور دفعه للخروج مرة واحدة بعد عقود من الزمن ودفعه للقول إن إسرائيل لا تريد سلاما فلماذا لا نريد نحن الحرب وننتهي من هذه المشكلة العصيبة على أوطاننا وسياستنا وبرامجنا وتطويرها وحياتنا واستقرارها وأن نخرج أيضا من الإحساس بالظلم والقهر والغطرسة الإسرائيلية الأمريكية، وأذكر أن أحد المتحدثين ذكر أن السلام مع إسرائيل بالنسبة لمصر ودول أخرى نوع من الذلة وقال إن مصر غير مسموح لها بإدخال جندي واحد إلى سيناء المصرية إلا بإذن من إسرائيل وعندما اضطرت مصر إلى إدخال بعض عناصر الجيش لحفظ النظام في سيناء تحركت إسرائيل وطالبتها بسرعة إخراج الجيش منها وهذا ينطبق على بقية الحدود والمحافظات المواجهة لإسرائيل، وغيرها كثير من تلك الغطرسة الإسرائيلية التي تقول أنا ومن بعدي الطوفان على جميع الدول المجاورة وغير المجاورة، كما أنها وفي السياق نفسه تحرص على نشر الرذيلة والمخدرات بين المجتمعات العربية بكل الوسائل دون نظر لما يكلفها ذلك من تكاليف مادية عالية.
لقد أكد المتحدث أن إسرائيل لا تريد سلاما حقيقيا مع العرب وهي داخلهم ولكنها تريد المزيد من القلاقل والفتن والضغط على المجتمع العربي المعزول من كل الإمكانات، ولهذا فإن السؤال الأهم إذا كانت إسرائيل لا تريد السلام ولا تحرص عليه فلماذا لا تكون الحرب ونخلص من هذا الهم، بمعنى إنهاء إسرائيل بسلام ينهي الأزمة أو بحرب تنهي الإحباط، لقد تأملت في هذه المقولة وحقيقة الشعور خلفها وقدرتها على إعادة الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي ونعود مثلنا مثل بقية الشعوب نفكر في المستقبل وبناء الإنسان وتنمية المكان وفقا لما نريد لأنفسنا ودولنا وليس وفقا لما يراد لنا، خاطرة في زحمة الأحداث، والله الموفق.
وقفة تأمل:
إذا اشتملت على البؤس القلوب
وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت
وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها
ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث
يمن به اللطيف المستجيب