دور مؤسسة النقد في تحقيق الاستقرار المالي للبنوك
إلى جانب الدور الكبير الذي تلعبه مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، على مستوى الاقتصاد الكلي، والمتمثل في إدارة السياسة النقدية للبلاد، من خلال التأثير في عرض النقود باستخدام عدد من الأدوات والسياسات النقدية، مثل تغيير (تخفيض أو رفع) سعر اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو)، أو اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو المعاكس)، وسياسة نسبة الاحتياطي القانوني، إلا أنها ـ أي مؤسسة النقد، تضطلع بأدوار أخرى لا تقل أهمية عن دورها المرتبط بإدارة السياسة النقدية في البلاد، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الرقابة والإشراف على القطاع البنكي في المملكة.
تهدف مؤسسة النقد، من خلال الرقابة على النشاط المصرفي في المملكة، إلى التأكد من أن المصارف العاملة في المملكة، تتعامل مع إدارة ما يعرف بالمخاطر المحسوبة Calculated Risks، بالشكل السليم، الذي يكفل للمصارف المحافظة على سلامة مركزاها المالية، وبالذات في ظل تداعيات وتبعات الأزمات المالية والاقتصادية، التي تحل بالعالم بين الحين والآخر، والتي من بينها الأزمة المالية العالمية الأخيرة، التي حلت بالعالم وتفجرت تداعياتها في منتصف عام 2008.
إن استمرار مؤسسة النقد خلال عام 2009، في تطبيق وتعزيز طريقتها للرقابة على أساس المخاطر، والتي بدأت تطبيقها لأول مرة في عام 2005، ساعد على تجنيب المصارف وتحملها لمخاطر غير مبررة وغير مدروسة، كما أن تصميم المؤسسة، لبرامج فحص متخصصة لبعض الأنشطة والعمليات المصرفية، التي من بينها فحص منتجات التأجير التمويلي وفحص القروض الشخصية للبنوك العاملة في المملكة، قد أسهم بشكل كبير في التزام البنوك بالأنظمة والتعليمات الصادرة عن المؤسسة، ولاسيما أن المؤسسة، تقوم بممارسة الرقابة الميدانية للبنوك، للتأكد من سلامة النظام البنكي وفاعليته أو ما يعرف ببرنامج الفحص الميداني الشامل Full Scope On ite Examination.
بالنسبة لالتزام البنوك بمعايير الملاءة المالية، أو ما يعرف بكفاية رأس المال (بازل1)، والتعديلات التي أدخلت عليها (بازل2)، لتكون أكثر حساسية تجاه مختلف المخاطر، التي تشمل المخاطر التشغيلية، ومخاطر الائتمان، ومخاطر السوق، ومخاطر أخرى مثل مخاطر السيولة، ومخاطر سعر الفائدة، والمخاطر المرتبطة بالشهرة، قد أسهم في تحقيق القطاع المصرفي نسبة 16.5 في المائة في عام 2009 بالنسبة لمعيار (بازل2)، في حين أن الحد الأدنى المطلوب لكفاية رأس المال هو 8 في المائة. وفي سياق تطبيق معيار (بازل2)، ركزت المؤسسة خلال السنوات القليلة الماضية على تشجيع المصارف السعودية على القيام بإجراء اختبارات الضغط أو ما يعرف بالجهد المصرفي، لتحديد الآثار السلبية للسيناريوهات الاقتصادية المتنوعة، حول تعرضها للمخاطر الائتمانية المختلفة، ومقارنة ذلك بمدى كفاية رأس المال الكلي للتعامل مع تلك المخاطر.
إن ممارسة مؤسسة النقد العربي السعودية للدور الرقابي والإشرافي المناط بها على النشاط المصرفي في السعودية، بأسلوب مدروس، لا يتسبب في إعاقة المصارف والحد من قدرتها على القيام بالدور التنموي المطلوب منها، قد عزز من قدرتها على مواجهة مختلف أنواع الأزمات المالية والاقتصادية التي حلت بالعالم، بما في ذلك تداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية الأخيرة، كما أن ذلك مكّنها من التوسع في جميع أنواع الأنشطة المصرفية، مثل النشاط الائتماني والاستثماري، الذي على سبيل المثال قد شهد خلال الربع الرابع من عام 2010، ارتفاعاً ملموساً بلغت نسبته السنوية نحو 8.0 مليار ليبلغ 990,1 مليار ريال، مقارنة بعام 2009، كما قد بلغت نسبة مطلوبات المصارف التجارية من القطاعين الخاص والحكومي، 100.5 في المائة من إجمالي الودائع المصرفية مقارنة بنسبة 102.0 في المائة بنهاية الربع الرابع من عام 2009.