حظ موظفي الجمعيات الخيرية من الفرحة الوطنية
كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن دور شركات القطاع الخاص في إضفاء الفرحة على موظفيها (المواطنين) بالأوامر الملكية الكريمة والتمشي مع الإرادة الملكية في جعل الفرحة فرحة لجميع (المواطنين), وسرنا كثيرا التفاعل من عدد كبير من الشركات بصرف راتب شهرين لموظفيها أسوة بإخوانهم في القطاعات الحكومية, وما زلنا نأمل في أن تكون ردة الفعل تشمل جميع شركات القطاع الخاص, لتشمل الفرحة جميع المواطنين.
واليوم أجدني مجبراً للبحث عن فئات أخرى من (المواطنين) ليست في القطاع العام وليست في القطاع الخاص، ولكنهم مواطنون في نهاية المطاف، والفرحة التي أرادها خادم الحرمين يجب أن تشمل جميع أفراد الشعب بلا استثناء وبلا حياء من الحديث عنها.
نتحدث عن أحد أهم القطاعات, من وجهة نظري, الضلع الثالث المكمل لمثلث الدولة الحديثة, وهي مؤسسات المجتمع المدني, ونسميها القطاعات غير الحكومية وغير الهادفة إلى الربح, ونسميها الجمعيات الخيرية, ونسميها ما شئنا, فهي تصل إلى نحو 600 جمعية في مناطق الملكة المختلفة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها, وهي موجودة وفاعلة, بغض النظر عن هيكلها التنظيمي أو شكلها القانوني, الجمعيات في المملكة (بحكم انتظارنا نظام مؤسسات المجتمع المدني الكامل) تأتي على أشكال مختلفة وأسماء مختلفة وحوكمة مختلفة ومرجعيات مختلفة, لكنهم في الآخر مواطنون, وإن كنت أظن أنهم أقل حظا ونصيبا من ناحية الموارد المالية للمنشآت بطبيعتها وما يتبع ذلك من تحديات إيجاد موارد مالية لتنفيذ المشاريع الخيرية ناهيك عن إيجاد مورد مالي لصرف الرواتب, وعليه, فإن تلك المنشآت تعتبر من الأقل في سلم رواتب موظفيها ومكافآتهم, وهذا بلا شك يعكس لنا جانبين عن طبيعة وشخصية الموظفين في تلك القطاعات.
إما أن يكون دافعهم الأساسي عمل الخير بدرجة اهتمام أكبر من العائد المادي, فتجدهم يعملون بهدف خدمة الدين والوطن وإخوانهم المواطنين المحتاجين, وقد لا تكون أحوالهم المادية جيدة أو ضعيفة بشكل أكثر وضوحاً, لكن المادة تمثل خيارا أقل بالنسبة لهم مقارنة بالأجر والثواب. وإما أن يكونوا لا يملكون فرصا وظيفية أفضل في القطاع الخاص تحديدا لأسباب كثيرة. لكن أهم الأهم, أنهم أهم فئة من الموظفين في المملكة التي يجب أن تكون في قائمة الأولوية عند الحديث عن مكافآت مالية, خصوصا للأسباب التي ذكرناها.
اليوم الحديث عن اتخاذ قرار بمنح موظفي الجمعيات الخيرية راتب شهرين, هو قرار قيادة عليا ـــ من وجهة نظري ـــ وليس قرار رؤساء تلك الجمعيات أو مرجعيات تلك الجمعيات, لأن اتخاذ القرار في مثل تلك المنشآت يحتاج إلى وقت طويل وإلى تفكير كثير في الموارد المالية, لذلك فإن قيادات ومرجعيات تلك المنشآت يجب ألا تجد حرجا في الحديث عن هذا التحدي, أنا على يقين أن القيادة العليا لهذا البلد الكريم, لن تدرس هذه الحالة أبدا, بل إن الأمر سيكون بأن تتم مساواتهم بإخوانهم المواطنين في القطاعات الحكومية, وأن آلية الصرف لا تمثل عائقا. فهم إخوان وأخوات موظفي وزارة الشؤون الاجتماعية مثلاً, والعشم كبير في وزير الشؤون الاجتماعية وهو المرجعية الرئيسة والقانونية للجمعيات الخيرية في أن يتبنى هذا الموضوع, وأن يجد الحل سريعاً، خصوصا إذا ما افترضنا أن تكلفة مكافأة جميع العاملين في الجمعيات الخيرية لن تكون بتلك التكلفة العالية بناء على انخفاض رواتب العاملين في تلك الجهات للأسباب التي ذكرناها سلفاً, فقد يكون الحل من ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية أو مخصصا من وزارة المالية.
لا نريد أن نجزئ فرحة الوطن والمواطن بالأوامر الملكية, ولا نريد أن ننسى قطاعا أراه من أهم القطاعات الفاعلة في المحافظة على الكثير من المكتسبات الاجتماعية التي أساسها تعاليم الدين الحنيف ودافعها طيبة وحب أبناء هذا الوطن لعمل الخير.