ابن همام والترشح لرئاسة «فيفا» ومنافسة بلاتر
في يوم الجمعة الموافق 18 آذار (مارس) 2011م أعلن محمد بن همام العبدالله رئيس الاتحاد الآسيوي في مؤتمر صحافي في مقر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في كوالالمبور الترشح لخوض انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، التي ستتم في مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم في سويسرا يوم الأربعاء الموافق 1/6/2011م، وبذلك سينافس بلاتر الذي يتبوأ هذا المنصب منذ عام 1998م وحتى الآن. سعدت بسماع هذا الخبر لأن هذا الترشيح له أكثر من مدلول وله أكثر من معنى وله أكثر من هدف، وابن همام الآن لا يمثل قطر ولا يمثل آسيا بل هو في الحقيقة يمثل عزة الإنسان العربي، فهو قد جعل للإنسان العربي معنى آخر.. وشكلاً آخر.. وأملاً آخر.
وعلى الرغم من أن محمد بن همام العبدالله رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قدم للكرة الآسيوية والعربية الكثير وكان واحداً من أهم العوامل في مساعدة قطر على الفوز بشرف تنظيم كأس العالم 2022م، وذلك في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وعلى الرغم من أنه خاض معارك كثيرة في مواقع كثيرة، ولكنه هذه المرة يدخل تحدياً جديداً لا يدخله إلا الكبار يتمثل في إعلانه رسمياً ترشحه لرئاسة (فيفا) ليدخل في صراع قوي مع صديق الأمس ومنافسه اللدود اليوم السويسري جوزيف بلاتر الرئيس الحالي لفيفا الذي ينوي الاستمرار لأربع سنوات قادمة وهو خصم عنيد وشرس وداهية كبيرة متشبث بكرسي رئاسة إمبراطورية فيفا، ولماذا لا يتشبث بهذا الكرسي وهو يعامل أسوة برؤساء الدول خلال جولاته الدولية المتواصلة والمكوكية لمتابعة حركة لكرة القدم ومعالجة تلك الأمور بمرئياته وقراراته الفورية في جميع أنحاء العالم؟.. وعند أي زيارة يفرش له البساط الأحمر على امتداد البهو الفخم وتستقبله بالورد والأزهار، ويحظى باستقبال الملوك والزعماء وأصحاب السيادة، وتجهز له الدواوين من القصور الفاخرة والسيارات الفخمة، والحراسات الأمنية، والمواكب التي لا يحظى بها بعض من رؤساء دول العالم الثالث، ويعاد برمجة برامج ومواعيد رؤساء بعض الدول لمجرد رغبة هذا الإمبراطور في زيارة دولها. والأدهى أن بعض رؤساء الدول لا يستطيعون مقابلة بلاتر لازدحام برنامجه، كيف لا وهو يشرف على مؤسسة دولية تضم في عضويتها 207 دول وهي أغنى من دول كثيرة، بل إنها قادرة بجرة قلم أن تجمد عضوية أكبر الدول تسلحاً بالنووي، وأشدها عتاداً عسكرياً، وأكبرها نهضة صناعية، وأكثرها تعدداً للسكان، بمعنى أن قادة وزعماء هذه الدول يتطلعون لنيل عطف إمبراطور إمبراطورية فيفا بل يحدوهم الأمل في أن يشرفهم بزيارة ولو سريعة، وكم سيكونون سعداء لو استضافت بلدانهم أي مسابقة كروية، حتى الدول الفقيرة المعدمة تتطلع لإرضاء إمبراطور فيفا.
سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم يشعرك بأنه رئيس رؤساء العالم وليس رئيسا لفيفا فهو يقرر ويهدد وينذر بصورة تجعلك تشعر بأنه رئيس قوة عظمي في العالم وليس رئيسا لاتحاد دولي لكرة القدم، بل إن مجلس الأمن قد اتخذ عدة قرارات في حق بعض الدول ولم تنفذ قراراته، ولكن هل يجرؤ أحد ألا ينفذ قرارات فيفا. وهذا بصراحة يعجبني جداً لأنه أعطى للساحرة المستديرة قيمتها ومكانتها.
وتذكرت ذلك الإنذار الصريح لفرنسا بعد تدخل البرلمان وقام بالتحقيق مع دومينيك والفريق إثر فضيحة الخروج المهين للمنتخب الفرنسي في جنوب إفريقيا، الأمر الذي جعل بلاتر يقوم بإنذار ساركوزي بتوقيع عقوبات على فرنسا إذا حدث تدخل حكومي في عمل الاتحاد الفرنسي. والإنذار الثاني وكان أشد لهجة إلى نيجيريا بعد قرار رئيس الجمهورية هناك بإيقاف المنتخب النيجيري عن المشاركة في المسابقات الدولية لمدة عامين بعد العروض الهزيلة للفريق في كأس العالم.
لقد جعلت كرة القدم من سيب بلاتر زعيما للعالم يأمر ويهدد وينذر والكل يعمل له ألف حساب ينفذ تعليماته في أن تبتعد السياسة عن كرة القدم تماما. وهذا أيضاً يعجبني جداً لأن دخول السياسة في الرياضة يفسدها، فهو حريص على أن تصبح كرة القدم مستقلة بذاتها وأن تكون دولة داخل الدولة تأخذ تعليماتها من مقر فيفا في زيوريخ وتنفذ تعليماته ولوائحه وتسير على قوانينه.
وماكان بلاتر يستطيع أن يفعل ذلك إلا من خلال الشعبية الطاغية لكرة القدم في العالم فهي التي تجمع الشعوب وتوحدهم.. فقد أصبحت لغة الشعوب المتعامل معها، إنها بحق الساحرة المستديرة والتي بسببها أصبح بلاتر أشهر شخصية في العالم، وجعلته يتمسك بهذا المنصب ولا يرغب في مفارقته.
لقد تلقت دول كبري مثل بريطانيا وأمريكا صفعات من كرة القدم، ولم يتصور الإنجليز في يوم من الأيام أن تفشل بريطانيا صاحبة الفضل في اختراع ونشأة كرة القدم، ورفيقتها أمريكا المتربعة على عرش الكرة الأرضية، وهما الدولتان اللتان قامتا بغزو العراق متحديتين المجتمع الدوى بأكمله، في نيل شرف تنظيم المونديال.
لم تكن هذه هي الصفعة الأولى التي تتلقاها أمريكا من الرياضة العالمية، فقد سبقتها صفعة مماثلة في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي عندما فشلت مدينة شيكاغو الأمريكية في الحصول على شرف استضافة الألعاب الأولمبية لعام 2016، التي ذهبت إلى مدينة "ريو دى جانيرو" البرازيلية ووقتها كانت الصفعة أشد ألما وموجهة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وقف بكل قوته خلف ملف المدينة الأمريكية، بل إنه ذهب بنفسه إلى كوبنهاجن أثناء الاقتراع على اختيار المدينة التي ستوكل إليها مهمة التنظيم وألقى خطابا أمام اللجنة الأولمبية وهو ما لم يفعله رئيس أمريكي آخر طوال التاريخ. ولكن يبدو أن هذا لم يكن كافياً خاصة بعد أن خرجت مدينته من الجولة الأولى في فضيحة مدوية للنسر الأمريكى..
ويبدو أن أوباما قد وعى الدرس جيداً هذه المرة فلم يذهب بنفسه إلى اجتماع فيفا في زيوريخ وترك المهمة للرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون" الذي تحمل لوحده مرارة الهزيمة، وبدت الحسرة على وجهه عند إعلان فوز قطر بشرف التنظيم واكتفى أوباما بأن ينتقد اختيار فيفا بوصفه إياه بأنه الاختيار الخاطئ..
أما على الجانب الآخر من المحيط فقد كان فشل الدولة التي اخترعت كرة القدم أشد، فقد خرجت إنجلترا من التصويت من الجولة الأولى وكل ما في جعبتها صوتان فقط ولم يشفع لها مشاركة وفد رفيع المستوى لعرض الملف البريطاني أمام فيفا ضم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون والأمير ويليام الابن الأكبر للأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا وحفيد الملكة إليزابيث الثانية، وهو ما أصاب الإنجليز بصدمة شديدة وراحوا يلقون الاتهامات يمينا ويساراً في أرجاء فيفا مطالبين بإدخال إصلاحات على نظام التصويت لاستضافة كأس العالم مؤكدين أن سبعة من أعضاء اللجنة التنفيذية التي تختار الدولة التي تنظم كأس العالم، قد وعدوا الأمير ويليام وكاميرون بالتصويت لصالح إنجلترا ولكن هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح عند التصويت الفعلي الذي كان لمصلحة روسيا..
وإذا كان الإنجليز قد أرجعوا عدم اختيار فيفا لبلادهم إلى الاتهامات السابقة لبعض وسائل الإعلام البريطانية لأعضاء في اللجنة التنفيذية لفيفا ببيع أصواتهم لبعض الدول التي تتنافس على استضافة كأس العالم وهي الاتهامات التي أدت إلى تعليق عضوية اثنين من أعضاء اللجنة فإن إنجلترا تناست ما أصاب سمعتها من ضرر نتيجة الانسياق الأعمى لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق تونى بلير وراء بوش الابن في مغامراته في غزو العراق والحرب ضد الإرهاب وأفغانستان وما تبعها من فضائح.
إذا كانت واشنطن ولندن ما زالتا تبحثان عن سبب فشل ملفيهما لاستضافة المونديال فعليهما أن يسألا تونى بلير وبوش الابن فعندهما الإجابة الصحيحة، وعلى أوباما وكاميرون وكل دولة تظن أنها تستطيع بقوتها أن تحدد مقادير العالم أن تتعلم من الصفعة الكروية التي جاءت هذه المرة من "فيفا" أكثر الإمبراطوريات شعبية في الكرة الأرضية، وإمبراطورية تستطيع أن تفعل كل ذلك تستحق أن يرأسها محمد بن همام.
ولابد لنا في بداية هذا المشوار الذي سنكتب فيه حتى يجف المداد دعماً لابن همام أن ندخل في دهاليز فيفا ونتعرف على خباياها وأسرارها، وإذا استعرضنا رئاسة فيفا نجد أن ثمانية رؤساء فقط منذ 1904م هم كالتالي:
روبير غيران، فرنسي، ترأس فيفا للفترة من عام 1904م وحتى عام 1906م ـ دانيان وولفو، إنجليزي، ترأس فيفا للفترة من عام 1906م وحتى عام 1918م ـ جول ريميه، فرنسي، ترأس فيفا للفترة من عام 1921م وحتى عام 1954م ـ وليام سيلدر، بلجيكي، ترأس فيفا للفترة من عام 1954م وحتى عام 1955م ـ أرثور دوري، إنجليزي، ترأس فيفا للفترة من عام 1955م وحتى عام 1961م ـ ستانلي راوس، إنجليزي، ترأس فيفا للفترة من عام 1961م وحتى عام 1974م ـ جواو هافيلانج، برازيلي، ترأس فيفا للفترة من عام 1974م وحتى عام 1998م ـ جوزيف بلاتر، سويسري، ترأس فيفا للفترة من عام 1998م وحتى الآن. والملاحظ أن كل رؤساء فيفا كانوا من أوروبا أو من أصول أوروبية مثل البرازيلي جواو هافيلانج، واستمر راوس في منصبه لمدة 13 عاما حتى خسر أمام هافيلانج في انتخابات أجريت عام 1974 واستمر الرجل البرازيلي 24 عاماً حتى جاء بلاتر الذي يبلغ من العمر الآن 80 عاما لكنه لا ينوي الابتعاد عن منصبه من دون الدخول في منافسة قوية مع ابن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. وبلا أدنى شك أن تولى ثمانية رؤساء رئاسة فيفا منذ عام 1904 يعتبر أمراً سلبياً بل له مضار كثيرة، حيث يحجب ذلك الفرصة عن ضخ أفكار جديدة ودماء جديدة تستطيع أن تنهض بهذه الإمبراطورية وتمنح الفرصة لعقليات متطورة لتقديم خدماتها من أجل إحداث التغيير في فيفا. وهو واجب ليس فقط على محمد بن همام أو آسيا بل يتعين على أوروبا وبقية قارات العالم أن يسعوا إلى ذلك، وبلا أدنى شك أن بلاتر كان له دور كبير في تطوير كرة العالم ولا أحد ينكر ذلك، لكن ذلك لا يعني أن يهيمن على هذه الإمبراطورية لباقي عمره، ودخول شخصيات جديدة في هذا العمل سيكون له مردود فعال جداُ في إحداث طفرة جديدة تعيد معايير التوازن إلى طبيعتها وتضع حداً للمخالفات والفساد وما يدور في دهاليز هذه الإمبراطورية. ومن أجل تحقيق هذا المطلب الواضح بالتغيير فإن السويسري جوزيف بلاتر الذي تربع على عرش الكرة العالمية من خلال رئاسة فيفا منذ عام 1998م، سيواجه أكبر تحد في تاريخه، وربما في تاريخ الاتحاد الدولي لكرة القدم ومسيرة رؤسائه الذين تناوبوا على كرسيه منذ 108 أعوام.
وحسب أنظمة فيفا سيتعين على أي مرشح ليفوز برئاسة فيفا الحصول على أصوات ثلثي اتحادات الدول الأعضاء في فيفا البالغ عددها 208 اتحادات وهو ما يعني ضرورة الحصول على 138 صوتاً وسيتضح ذلك في الأول من حزيران (يونيو) المقبل.
ولنتعرف على ابن همام من قرب فهو محمد بن عبد الله بن همام إنسان متواضع وعملي، يفضل العيش في هدوء. أسهم بشكل فعلي في إرساء دعائم النهضة الكروية في بلده قطر من خلال مجهودات متبصرة وأكيدة اتخذت العديد من الأشكال. تمكن ولمع نجم ابن همام في مجال الإدارة الرياضية في قطر في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في الوقت الذي زادت ثروته في قطر التي ينمو اقتصادها سريعا وأصبحت من أغنى دول العالم.
محمد بن همام وبفضل هذه الإرادة والعزيمة القويتين تمكن من أن يصنع لدولة قطر اسماً وسط الكرة الآسيوية مكنها ولمرات عديدة من التتويج وإحراز ألقاب آسيوية مهمة، إضافة إلى تأهلها إلى دورات عديدة منظمة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كان أبرزها منافسات الشباب تحت سن 17 وتحت 20 سنة.
يطمح سعادة الأستاذ محمد بن همام إلى ضمان الفرص لكل الاتحادات الكروية المنضوية تحت راية الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للتطور، وقد وعد بالعمل على تدعيم وتوثيق روابط الصداقة والتضامن بين أفراد العائلة الكروية الآسيوية خلال فترته الرئاسية.
استطاع سعادة الأستاذ محمد بن همام وبفضل هذه الصفات من التدرج عبر المناصب داخل الاتحاد إلى أن وصل إلى قمة الهرم وترأس الاتحاد الآسيوي، وكانت لديه الرغبة في أن يرى الكرة الآسيوية تتألق على الصعيد العالمي... فعلى الرغم من أن هذه القارة الآسيوية الشاسعة وبعض الصعوبات التي تواجهها في سبيل تطوير لعبة كرة القدم من حين لآخر، إلا أنه إنه قد ربح الرهان خلال السنوات القليلة الماضية، وقد سار على النهج نفسه حتى خطت الكرة الآسيوية خطوات جبارة وتطورت بصورة مذهلة خلال السنوات القليلة الفائتة وأكدت تواجدها على الساحة الكروية العالمية.
هذا وتقلد ابن همام مهمات كثيرة ولا يزال يضطلع بها ففي خلال الفترة من 1972-1987: ترأس نادي الريان لكرة القدم (فاز النادي بالدوري القطري سبع مرات خلال ترؤسه له). 1979-1983: ترأس الاتحاد القطري للكرة الطائرة وكرة المضرب (حاليا الاتحاد القطري للتنس). 1992-1996: ترأس الاتحاد القطري لكرة القدم ابتداء من سنة 1996 عُين سعادته عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد العربي لكرة القدم ومنذ سنة 1996 عُين سعادته عضواً في مجلس الشورى (البرلمان القطري) من طرف حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، ثم عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وعضواً في اللجنة التنفيذية لفيفا (1996- 2000 وأُُعيد انتخابه سنة 2000 لفترة ثانية مدتها أربع سنوات ثم رئيساً للجنة المالية للاتحاد الآسيوي ونائباً لرئيس لجنة صندوق الدعم والتطوير التابعة للاتحاد الآسيوي، ثم ترأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2002 وفاز ابن همام بولاية ثالثة عام 2011 بالتزكية ليستمر في رئاسة الاتحاد الآسيوي حتى 2015 وهي آخر ولاية له وذلك بعد تعديله لدستور الاتحاد الآسيوي وجعل فترة الرئاسة ثلاث ولايات فقط لكل رئيس بعد أن كانت متاحة لأكثر من ولاية.
ثم تولى عدة مهام داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فكان عضواً للجنة التنفيذية لفيفا، ورئيساً لمكتب الهدف التابع للاتحاد الدولي لكرة القدم، ورئيساً للجنة الفنية لفيفا (سابقاً)، ثم عضواً للجنة المالية لفيفا. وقفز ابن همام من دائرة الإدارة من الصعيد القاري إلى الصعيد الدولي عندما انتخب في اللجنة التنفيذية لفيفا عام 1996 وكان من المقربين لبلاتر لفترات طويلة.
وساهم بن همام بشكل كبير في فوز بلاتر برئاسة فيفا عامي 1998 و2002 لكن الرجل القطري يثق الآن بقدرته على إنهاء فترة رئاسة بلاتر المستمرة منذ 13 عاما وكما يقال في عالم السياسة إنه لا أصدقاء أو أعداء دائمين، ينطبق أيضاً ذلك على الرياضيين.
وقبل أن يتقدم ابن همام بشكل رسمي بطلب للترشح فقد أشار أمس إلى ما يمكنه فعله بشكل مختلف عن بلاتر، فهو يريد مزيداً من الشفافية في فيفا ويريد توسيع دائرة اتخاذ القرار.
بكل العز والفخر نرى في طموح ابن همام حقاً مشروعاً فقد ظل رجالاتنا من العالم العربي أعضاء في لجان الاتحادات القارية والدولية ماعدا السوداني الدكتور عبد الحليم محمد الذي ترأس الاتحاد الإفريقي.. من حق ابن همام أن يحلم، ومن حقه أن يسعى لاقتلاع حقه، ومن حقه أن ينافس بلاتر أو غير بلاتر. وعلى الرغم من أن الصراع سيكون شرساً ومثيراً، وستلعب العلاقات العامة والخاصة والمصالح الشخصية والنفوذ وربما الأمور السياسية أدواراً بارزة في غرفة العمليات، التي سينشئها الكبيران ابن همام وبلاتر.
وأبو جاسم لا يخطو أي خطوة إلا ويدرسها بعناية فائقة ويعرف سلبياتها قبل إيجابياتها ولا أتصور أن هنالك من لا يعرف إمكانات وقوة وسطوة بلاتر أكثر من ابن همام الذي تربطه به علاقة كانت قوية واقتربت من الـ 20 عاماً، وبالتأكيد فهو على دراية كاملة بمركز القوة والضعف عنده، وإيجابياته وسلبياته، والمنافذ التي يسلكها أبو جاسم من أجل الإطاحة ببلاتر.
والأهم من ذلك فإن العالم يريد فكراً جديداً يدير إمبراطورية كرة القدم وحان وقت التغيير والتجديد في زيوريخ. ومحمد بن همام وما يمتلكه من خبرات واسعة وعلاقات في مختلف أنحاء العالم على علم تام بكواليس وخفايا هذه الإمبراطورية، فهو من أكثر الأسماء القادرة على إدارة الأمور داخل مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم وباحترافية تامة وثقة رجل آسيا الأول بأنه سيجد دعماً قوياً في كل القارات، ولكن تعتبر أوروبا هي بمثابة المفتاح للدخول إلى غرفة الرئيس؛ حيث منصب أعلى سلطة كروية في العالم.. ولن يكون الطريق سهلاً ومفروشاً بالورد بل إن القطري محمد بن همام سيواجه تحديات كبيرة ليصبح رئيساً للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ولعل الخطوط العريضة لبرنامجه الانتخابي تمنحه الأفضلية لأنها بلا شك ستحدث التغيير المطلوب في فيفا في حال انتخابه والتي تركزت على الآتي:
• اعتماد الشفافية ومنح الفرصة للجميع في المشاركة في صناعة القرارات. وقال في هذا الصدد (سأطالب بشفافية أكبر داخل فيفا وإفساح المجال أمام مختلف الهيئات لإبداء رأيها بصراحة وخصوصا الأندية لأننا لا نستطيع تجاهل حقوقها، يتعين علينا احترام الأندية وبدورها، ويتوجب علينا احترام الاتحادات الوطنية، وسآخذ دائما في عين الاعتبار المصالح المشتركة للجميع، وآراء صناع القرار، أي الاتحادات الوطنية، والأندية والبطولات المحلية إضافة إلى اللاعبين وكل المسؤولين، ومطالب الرأي العام لجعل الاتحاد الدولي واتحادات كرة القدم فوق الشبهات، والاتهامات بممارسات خاطئة).
• رفع عدد أعضاء اللجنة التنفيذية وتغيير تسميته إلى هيئة الفيفا مع منح القارة الأوروبية أربعة مقاعد إضافية.
• رفع قيمة المساعدات المالية للاتحادات الوطنية من 250 ألف دولار سنويا إلى 500 ألف دولار، ورفع قيمة المساهمة المالية لمشروع الهدف إلى مليون دولار لكل اتحاد وطني، ووعد أيضاً برفع قيمة المساعدات المالية لمختلف الاتحادات الأعضاء..
• العمل على تعزيز أواصر الوحدة والتضامن بين مختلف الاتحادات الوطنية.
• التوزيع العادل لأرباح كأس العالم بين مختلف الاتحادات من أجل تقوية مواردها المالية مع الوضع في الحسبان الحاجات والمتطلبات الاقتصادية لبعض الاتحادات التي لا تلقى الاهتمام اللازم وتقديم الدعم التقني والمادي لها من أجل مساعدتها على تضييق الفارق عن الاتحادات المتطورة في عالم كرة القدم.
• منح أوروبا أربعة مقاعد ومثلها لكل من إفريقيا وآسيا، وثلاثة مقاعد للكونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي)، وواحد لكل من أمريكا الجنوبية (كونميبول) واوقيانيا، وستتألف هيئة الفيفا من 40 عضوا إضافة إلى الرئيس.
• إنشاء مكتب تنفيذي على أن يكون رئيسه رئيس الفيفا، ورؤساء الاتحادات القارية أعضاء فيه.
• إنشاء لجنة شفافية تعمل على أن توطن جميع تصرفات الفيفا أمام الرأي العام قبل أن يتم وضعها حيز التنفيذ.
• رؤيته الكبرى وهدفه الأسمى هو إعادة الاعتبار إلى الاتحاد الدولي.
• ستكون فترة رئاسته ولايتين فقط، وسيتقدم باقتراحه مجدداً لتحديد ولاية أي رئيس باثنتين أيضاً.
• لا يعتبر نفسه عراباً لكرة القدم ولكنه يرى أن الأمور لا تسير إلى الأمام في الاتحاد الدولي، كل ما نسمعه حالياً هو توجيه الانتقادات إلى الفيفا وفي معظم الأحيان بطريقة غير مقبولة، هذا ما دفعه إلى ترشيح نفسه وإجراء التغيير ولديه الطموح والقدرة على المساهمة في تلميع صورة الفيفا.
هذه بعض ملامح أفكاره والتي ستتبلور بمرور الأيام لتصبح برنامج عمل متكامل اعتقد في رأيي الشخصي أنها ستقود إمبراطورية الفيفا إلى طفرة مستحدثه وتجعل منها إمبراطورية تمارس فيها الشفافية في العمل والقول. وكل ذلك عكس ما يحدث اليوم من تسلط وانفراد بالقرار، وتضع حداً للمخالفات في كثير من الأمور حتى إنه يمتلكنا الإحساس بأن الفيفا هي إمبراطورية خاصة ببلاتر.
أنا على ثقة بأن الأستاذ محمد بن همام قد درس الخطوة التي أقدم عليها دراسة إنسان خبير لم يسقط على الوسط الرياضي بمحض الصدفة، بل ولد من رحم كرة القدم ونشأ وترعرع في حضن كرة القدم، وشرب من ثدي المستديرة الساحرة، وهو يستحق أن يكون إمبراطوراً لإمبراطورية كرة القدم لأنه من الشخصيات القلائل التي شقت طريقها للنجاح بتسلسل فريد من نوعه، وبعزيمة لا يعرفها إلا الرجال الأقوياء، بل هذه الثقة والجرأة أعطت للإنسان العربي قيمة ومعنى.. وأعطت للشباب العربي أملاً ورجاء ...وفتحت الباب للمسؤولين الرياضيين العرب بأن يصبحوا ممثلين أساسيين بدلاً من وجودهم كومبارس في مسرحية كرة القدم العالمية والتي أصبحت تسيطر على عقول البشر. رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم اليوم أكثر أهميه من رئاسة دول، بل رسالتها تدخل كل بيت وكل عقل في العالم، بل رأينا كيف يتكالب رؤساء الدول العظمى ليخطبوا ود رئيس الفيفا أو ليشرفوا على حملات دولهم لتنظيم كأس العالم، يا سادتي إن كرة القدم أصبحت المنفذ للسياسيين لتحقيق طموحاتهم السياسية لأن الفيفا أوقفت عدة رؤساء من رؤساء الدول العظمي في حدهم، ولم تشفع لهم قوتهم السياسية ولا العسكرية ولا المادية في التدخل في شؤون كرة القدم لذلك اهتموا بها. ونحن في العالم العربي لم نأخذ الأمر مأخذ الجد حتى يومنا هذا وأتت الفرصة الآن بأن يعتلى رئاسة الفيفا شخصية عربية تعيد توازن موازين القوى وفق أفكار جديدة... وآن الأوان أن تضخ دماء جديدة تعيد للفيفا حيويتها ونضارها وما أجمل أن يكون على قمة ذلك دم عربي يتصف بالنزاهة والشفافية وآن الأوان أن نشيع الحب بيننا وأن نرفع شعارات الوحدة وأن ننبذ خلافاتنا وحينما تتكاتف الأيادي وتتعانق القلوب ويقف الجميع صفاً واحداً سيكون النجاح مثلما كان النجاح وكان التفوق وفوز العالم العربي ممثلاً في قطر باستضافة كأس العالم 2022م، ولابد أن نتوج هذا الفوز بفوز آخر هو رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وهذا المقال سيكون المقال الأول في حملتي لدعم ابن همام وفي المقالات القادمة -بإذن الله- سنتدارس كيف ندعم هذا الفارس وكيف تتوحد الأفكار في عمل منظم.. وما هو دور كل فرد عربي في هذا المعترك، وإلى ذلك نبدأ بالدعاء بالتوفيق والنجاح لفارس العرب ونحن على ثقة تامة بتحقيق النجاح.