سوق العقار .. أين الخلل؟

في إحدى جلسات ملتقى الرياض الدولي العقاري لآفاق ومستقبل الاستثمار العقاري الأسبوع الماضي، الذي تشرفت برئاسة إحدى جلساته علمت يقيناً من خلال ما دار في المؤتمر إجمالاً، ومن حوارات الملتقى أن سوق العقار يحتاج إلى قائمة من الأمور المفصلية لكي يستقيم بشكل يجعله واحداً من الأسواق ذات الكفاءة والفعالية.. وخصوصاً في تأدية الهدف الاقتصادي التنموي الذي عادة ما ينشده أي اقتصاد في وجود أي سوق سواء كان عقارياً أو أسهم أو غيره. إن الأسواق لها أهداف مختلفة وجملة الهدف أن تكون قنوات تساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة وليست الوقتية فقط. وفي النظرية الاقتصادية يعوّل على الأسواق نحو الرفع من كفاءتها لكي تؤدي دورها المؤمل للوصول إلى خاتمة مفادها ''عدالة السعر'' سواء للبائع أو المشتري. ولذا فالتفضيلات تطول والنظريات تكثر في تعقب ودراسة الأسواق كافة لكل ما يؤدي إلى هذه الخاتمة لكونها إذا بلغ في السعر العدالة فقد تحقق الهدف التنموي المستدام. وفي السوق العقارية في السعودية بالذات هناك عدد من المحاور والمواضيع التي هي بلا شك مرتكز العقبات للوصول إلى منتهى عدالة السعر. يُضاف إلى ذلك أن تعدد الأطراف التي يهمها أو من المفترض أن تكون أحد الأطراف المشتركة في السوق هي قائمة طويلة منها ما هو مؤسساتي في القطاع العام أو القطاع الخاص ومنها ما هو فردي، ولذلك فالحلول لهذه العقبات تزداد صعوبة وتعقيداً. إن تشخيص مشكلات السوق العقاري معروف إلى حد كبير، وقد أسهمت اللجان العقارية وغيرها من المهتمين والباحثين في هذا الشأن وبعض المؤسسات الحكومية في توصيفها وهي غير جديدة أو مبتكرة مثلها مثل الحلول لها.
وهناك جهود حثيثة، كل فيما يخصه نحو العمل على تذليل هذه العقبات أو وضع تشريعات لها تتلاءم وحل هذه العقبات وهكذا، ولكن الذي يظهر لي أن السبب في أننا لا نلمس نتائج هذه الجهود هو عدم المرجعية الواحدة لهذا السوق في ظل تعددية رهيبة للأطراف التي يهمها شأن سوق العقار على الأقل، وإن اقتصر دور هذه المرجعية الواحدة على كونه تنسيقيا يجمع مشكلات السوق ويسعى لترتيب حلولها ووضع الأولويات لها. وقد كتبت سابقاً، وغيري آخرون، عن عدم وجود المرجعية الواحدة للسوق العقارية، ولذا تتبعثر الجهود ويقل الاهتمام ولا توجد المتابعة في التنفيذ لمراحل الحلول أيّا كانت هذه المشكلة. ولن أعدد مشكلات سوق العقار لكثرتها، ولكنني أتمنى أن أرى مؤسسة حكومية أو شبه حكومية موحدة ينوط بها تطوير السوق العقاري والعمل على تقويمه بما يكفل أن يكون أداة فاعلة في التنمية الاقتصادية، خصوصاً أن سوق العقار هو من أهم الأسواق النمطية عادة في أي اقتصاد، ولكون العقار أصلا من منظور اقتصادي هو أول الأسواق في الأهمية خصوصا للاقتصادات الناشئة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي