الوعي بالإعلام الاجتماعي الرقمي..

لما كتبت قبل أشهر قليلة فقط عن حملات الإعلام الاجتماعي الرقمي، التي تتمثل في الاستخدام المنظم لمواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب والمنتديات في التسويق للمؤسسات والشركات وخلق التفاعلية المكثفة (Engagement) بين الشركات وجماهيرها، لما كتبت عن ذلك، كان الموضوع جديدا على الكثير من القراء، بمن فيهم مديرو تسويق في شركات كبرى، حسب ما كان واضحا من التواصل معي على الإيميل وعبر موقع فيسبوك.
ولكن بعد أشهر من الحديث المكثف إعلاميا عن الإعلام الاجتماعي، وبعد التأثير الخرافي الذي حصل للإعلام الاجتماعي في إشعال الثورات العربية في عدد من الدول وعلى رأسها مصر، وبعد برامج التدريب الضخمة التي أقامتها الشركات الكبرى هذا العام لمسؤوليها عن الإعلام الاجتماعي، يبدو أن الوعي بدور الإعلام الاجتماعي الرقمي في حياة المؤسسات على أنواعها قد تزايد بشكل سريع جدا.
هذا لا يعني أن هناك حالة من النضج بعد، وخاصة لدى المؤسسات المحلية والحكومية التي ما زالت في أول الطريق، ولكن تزايد الاهتمام أمر مبشر بالخير، وهذا هو الانطباع الأساس عن المنتدى العربي الثاني للإعلام الاجتماعي الرقمي الذي احتضنته الرياض بالأمس عبر يوم كامل تحت رعاية وزير الإعلام وبمشاركة عدد من الخبراء في هذا المجال وحضور يبحث بتعطش عن أسرار هذا الفن الجديد القادم إليهم من رحم موقعي فيسبوك وتويتر.
تخطئ المؤسسة (أيا كانت) عندما تظن أن استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية يهدف لتوصيل معلومات أو رسالة معينة عن منتجاتها، فالإعلام الاجتماعي قد غير جذريا آليات التعامل بين المؤسسات والجمهور، حيث صار للجمهور صوت مباشر ومؤثر يتحدث به مع المؤسسة، والمؤسسات كانت يوما تنفق ملايين الدولارات لتعرف رأي الجمهور (فيما يسمى بأبحاث السوق) ولكنها اليوم تتلقى ضخا من رسائل الجمهور الإيجابية والسلبية على مدار الساعة عبر مواقع الشبكات الاجتماعية.
هذا بحد ذاته يتطلب من المؤسسة قدرة فعالة في التعامل مع هذه الرسائل والتجاوب معها وإحداث التغيير السريع في بنية المؤسسة وخدماتها بناء على هذا الصدى الجماهيري الضخم، والمؤسسة التي لا تفعل ذلك تستفز الجمهور وتضطره لإرسال المزيد من الرسائل الغاضبة، التي قد تترك آثارها الحادة لاحقا على المؤسسة كما حصل في حالات كثيرة على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي.
في الورقة التي ألقيتها في المنتدى يوم أمس تناولت تحديا مهما يواجه المؤسسات التي تحاول وضع الميزانيات الخاصة بحملات الإعلام الاجتماعي، حيث يظهر السؤال الصعب الذي ما زالت الإجابات عنه محدودة وغير دقيقة، وهو كيف نعرف كمؤسسة أن استثمارنا في مجال الإعلام والتسويق الاجتماعي قد عاد على المؤسسة بالعائد المطلوب، وكيف نقيس هذا العائد على الاستثمار (Return on Investment) أو (ROI). يبدو السؤال معقدا لمن هم بعيدون عن مجالات التسويق عموما، ولكنه سؤال يطرح عادة مع كل حملة تسويقية تنفق عليها المؤسسات والشركات، حتى تتأكد المؤسسة أن جهودها التسويقية تمضي بفعالية ونجاح.
فيما يلي بعض النقاط الخاصة بالإجابة عن هذا السؤال:
• الدراسات تؤكد أن هناك علاقة إيجابية مطردة بين الإنفاق على الإعلام الاجتماعي وارتفاع نسبة الأرباح والدخل لدى الشركات الكبرى.
• الإعلام الاجتماعي والتفاعل المكثف مع الجمهور له آثاره المتعددة على المؤسسة بشكل عام من ناحية: إدارة السمعة، المصداقية، المبيعات، ارتياح العميل، الولاء للمؤسسة، والتطوير.
• لذلك، فإن قياس فعالية الإعلام الاجتماعي يعني قياس كل مظاهر التغير لدى المؤسسة.
• قياس عائد الاستثمار من الإعلام الاجتماعي قد لا يبدو أحيانا ضروريا نظرا لمحدودية التكلفة ولكنه مهم لأنه في العادة يتطلب جهدا ضخما من المؤسسة لتحقيق ''التفاعلية المكثفة''.
• التفاعلية المكثفة هي صياغة جديدة كاملة وتطوير جذري للمؤسسة، والاستعجال في تحقيق العائد من الاستثمار هو أمر خاطئ..!
• عشرات الدراسات والاستطلاعات توضح أن العائد من الاستثمار في حملات الإعلام الاجتماعي أعلى بكثير من حملات الصحف والتلفزيون والتسويق المباشر..!
• تحديد الأهداف بوضوح من حملات الإعلام الاجتماعي هو المفتاح لقياس فعال للعائد من الاستثمار.
• أدوات قياس أثر الإعلام الاجتماعي تتطور بسرعة، والبرامج المتاحة في ازدياد مطرد، وكل موقع له أدواته.
• هناك ضعف في الأساليب المتاحة بالبحث بالعربي ضمن موقعي فيسبوك وتويتر (والمتاح للشركات فقط)، ولكن هذا الضعف سينتهي خلال عام أو عامين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي