رسالة إلى معالي الدكتورة هدى العميل

لقد أثلج صدري ما رأيته من مبان وتنظيم في حفل افتتاح جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن وتوج والدنا الملك عبد الله ـــ حفظه الله ـــ حفل الافتتاح بكلماته البسيطة ذات الوقع المؤثر التي تصل إلى القلب مباشرة. وإذا أردت أن تملك العقول، املك القلوب قبلها وهذا منهجه ـــ رعاه الله وأدام عليه نعمة الصحة والعافية. ولا يفوتني أن أشيد بالإنجاز الذي حققته فرق العمل المختلفة بقيادة معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، فالإنجاز لا يستطيع أحد أن يخفيه، مبان على أجمل طراز وأعلى التقنيات صديقة للبيئة مزودة بالتسهيلات من وسائل مواصلات وملاعب وبيئة عمل وسكن على أعلى المستويات. وزاد البيئة تحدياً التأكيد على الحفاظ على ما تتصف به بيئتنا المحافظة فكان الفصل بين مرافق الرجال والنساء وتم بناء نفق طويل من خلاله تعبر الأجهزة التي تتطلب أعمال الصيانة مما يحد من اختلاط عمال الصيانة بمجتمع الجامعة من أخواتنا.
إلى أختنا الدكتورة هدى ـــ رعاها الله ـــ لقد ألقى على عاتقك والدنا خادم الحرمين الشريفين مسؤولية جمة وأنت ـــ إن شاء الله ـــ أهل لها، وضع بين يديك صرحا عظيما فلا عذر لك ولمساعديك. أمهاتنا سيضعن بين يديك فلذات أكبادهن أمانة، أخواتنا لسن بنات الأمس! فهن جيل التقنية والعصر الحديث، عندما يشاهدن هذه المباني العملاقة يشعرن بالرهبة ويتوقعن أن ما بداخلهن متسق مع ما شاهدن في الخارج. أختي، الخريج من هذه المباني هو منتج نهائي فإذا كانت مكونات صناعته جيدة فهو جيد وإذا كانت رديئة فهو رديء. أختي، أخواتنا الطالبات تأثيرهن في البيئة المكونة للجامعة محدود. فلا يستطعن تغيير المحتوى الدراسي ولا اللغة التي يطرح بها ولا المعلم الذي هو من أهم العناصر المكونة للمنتج النهائي ولا التقنية المستخدمة في التعليم إلى آخره. وعليه فاسمحي لي أن أترك على طاولتك المليئة بالأوراق والمهام خصوصاً هذه الفترة بعض التوصيات. أولاها أن البيئة التعليمية الأفضل بشكل رئيس تتكون من ثلاثة عوامل وهي المباني ومكوناتها من مساحة وجودة وتقنية وهذا العنصر المهم متوافر لديك الآن وبأعلى المقاييس يتبقى المنهج وجودته والمعلم وكفاءته فلا تبخلي بالمال والوقت لرفع كفاءة تلك العناصر المهمة جداً واستعيني واسترشدي بأفضل الأمثلة المتوافرة في العالم. ثانياً، إذا أردت أن تصلحي العالم الخارجي وتطالبيه بتوظيف أخواتنا فلتكن هذه الجامعة المثل الأعلى، ضعي هدف 100 في المائة تشغيل من قبل أخواتنا نصب عينيك وشعارا للجامعة لتصلي إليه خلال خمس سنوات على الأكثر. ثالثاً، أسسي مركزا للتوظيف بحيث يقدم خدمات الاستشارات للطالبات عن أكثر التخصصات طلباً، كذلك ينصحهن في بعض الأمور المهمة لجعلهن مؤهلات أكثر لسوق العمل وإذا أمكن يعمل بعض الاختبارات التي تسهل معرفة مهارات وقدرات الطالبة وما يناسبها من وظائف مستقبلية، كذلك من مهام هذا المركز البحث عن القطاعات التي في حاجة إلى خريجات جامعة نورة وشروط تلك القطاعات لإيصالها إلى الطالبات إضافة إلى حث سوق العمل والتنسيق مع الجهات المختصة كوزارة العمل لوضع الأنظمة اللازمة والقوانين والمحفزات اللازمة التي تهدف إلى إعطاء أخواتنا الخريجات من جامعة نورة الأولوية عند التوظيف. رابعاً، الوقف ثم الوقف، كما عمل ـــ حفظه الله ـــ في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية عندما خصص لها وقفا مسترشداً بأفضل الجامعات في العالم. فاليوم ننعم بالرخاء ـــ ولله الحمد ـــ جراء الأسعار المرتفعة للنفط ولكن كيف نرى الغد البعيد؟ هل لأحد منا أن يتنبأ بدخلنا بعد خمس أو عشر سنين أو أكثر؟ من الصعب جداً.. لذا فإن تكلفة صيانة وتشغيل هذه الجامعة التي تقبع على مساحة ثمانية ملايين متر مربع والمباني تفوق مساحتها ثلاثة ملايين متر مربع ستكلف مئات الملايين. لذا لا بد لك أن تطرحي على المسؤولين فكرة تخصيص وقف للجامعة يدار من قبل أفضل المديرين في العالم واستفيدي من تجربة ''كاوست''. في الختام أرجو من الله العلي القدير أن يعينك ومساعديك أن تجعلوا من هذا الصرح العظيم الذي يحمل اسم امرأة افتخر بها المؤسس وردد (أنا أخو نورة) أن تجعلوه من أفضل مدن التعليم على مستوى العالم وما ذلك على الله ببعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي