ملامح القائد التطوعي!(1)

هل يمكن لكل واحد منا أن يكون قائداً؟
الشق السلبي من الإجابة: لا! فالقيادة في صفاتها الأساسية موهبة إلهية يمنحها الله لمن يشاء من الناس. أما الشق الإيجابي من الإجابة: نعم! فكثير من السمات القيادية هي مهارات مكتسبة يمكن تعلمها حتى مرحلة الإتقان. والجمع بين الشقين هو أن تلك المهارات القيادية التي يمكن اكتسابها تتطلب نوعية من الشخصيات الإنسانية قابلة للتطور والنمو. هذا بالتأكيد لا يمنع من وجود قادة بالفطرة، كما أنه لا يمنع أن يكون البعض غير قادر على القيادة حتى ولو حصل على أعلى مستويات التدريب والتأهيل!
الجميل معرفته هو أن القيادة أنماط متعددة تختلف باختلاف الشخصيات والمواقف لا كما حصرها الأولون في نمط "الرجل العظيم" الذي يمتلك شخصية كارزمية تجبر الناس على الالتفاف حولها.
حسنا، هل القيادة التطوعية تختلف عن القيادة التقليدية في الدوائر الحكومية والتجارية؟
ثمة أوجه شبه واختلاف، وسبب الاختلاف عائد إلى اختلاف طبيعة العمل التطوعي عن العمل الحكومي والتجاري، بل إنه في القطاع الخيري ذاته ثمة فرق في طريقة قيادة المتطوعين عن قيادة الموظفين. القائد التطوعي يتطلب منه العناية بثلاث دوائر في آن واحد أكثر من غيره، هذه الدوائر هي دائرة المهمة التطوعية، دائرة فريق العمل، دائرة الأفراد. ولأن ظاهرة التطوع في المجتمعات العربية تنمو في شكل فرق ومجموعات عمل، فإن على القائد التطوعي مسؤولية في الإحاطة بهذه الدوائر والاهتمام بها.
القائد التطوعي الناجح يجب عليه أن يكون قادراً على تحديد المهمة التطوعية بوضوح من خلال رؤية جذابة وأهداف واضحة وتخطيط واقعي يغري الآخرين على استثمار أوقاتهم بالتطوع من أجلها. ويكون هو أكثر من غيره إيماناً بها على الأقل في بدايات المشروع التطوعي.
ولأن كثيراً من المهام التطوعية الناجحة يصعب حالياً تنفيذها بشكل فردي فإن المهمة الثانية للقائد هي أن يكون قادراً على تشكيل فريق أو مجموعة عمل منسجمة ويهيئ لها البيئة المناسبة للعمل بروح الفريق الواحد. تبدأ هذه المهمة بالاختيار المناسب للأفراد مروراً بصهرهم في مجموعة متناغمة ذات ثقافة عمل مشتركة، وربطهم بالمهمة التطوعية بحبال وثيقة وانتهاء بالقدرة على تقييم وتقويم أداء الفريق بمجمله. أما المهمة الثالثة للقائد التطوعي فتتعلق بالأفراد أنفسهم، فلكل متطوع حاجة يريد أن يحققها من خلال تطوعه، وقد يكون تحقيق المهمة الجماعية التي تطوع من أجلها ليست هي هدفه الوحيد، ولذا فإن القائد الناجح يمتلك حاسة مرهفة تمكنه من التعرف على شخصيات المتطوعين وحاجاتهم الفردية، والقدرة على دعم هؤلاء المتطوعين لتحقيقها من خلال منح الفرص المناسبة لهم للنمو والتطور وتحقيق ما يصبون إليه.
التحدي الكبير الذي يواجه القائد التطوعي هو أن يستطيع أن يقود هذه المناطق الثلاث بطريقة متوازية من دون أن يؤدي اهتمامه بإحداها إلى إهمال الأخريات..
في المقال القادم سوف نتحدث عن ملامح القائد التطوعي في البيئة العربية بصورة أكثر تحديداً - بإذن الله تعالى.

مختص في إدارة وتنظيم العمل الخيري، جامعة كاردف

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي