الفساد والانحطاط الإداري
الفساد والانحطاط الإداري هما وجهان لعملة واحدة ويؤديان إلى النتيجة نفسها، فالفساد هو إساءة استخدام السلطة التي أؤتمن عليها الفرد للحصول على مكاسب شخصية مما يضر بالمصلحة العامة، والفساد يشمل جميع أنواع الممارسات غير المشروعة، من ضياع الأموال العامة وإهدارها وضياع حقوق الدولة والمجتمع وتبديد الموارد والإمكانات الاقتصادية والمالية، والإساءة في توجيهها الوجهة السليمة، وهذا يؤثر سلباً في مسيرة التنمية، ويتسبب في انحرافها عن أهدافها المرجوة، ويضعف من فاعلية وكفاءة الأجهزة الحكومية، وخلق حالة من التذمر والحقد بين أفراد المجتمع. والانحطاط الإداري نوع من أنواع الفساد في المنظمات والإدارات ينشأ عن اتباع سلوك مخالف للأنظمة والقوانين من خلال استغلال الفرد لموقعه وصلاحياته الوظيفية عن طريق الأعمال البيروقراطية المنحرفة الناشئة من سوء التخطيط والتخبط العشوائي وتغليب المصالح الفردية على المصالح العامة، ويأخذ الانحطاط الإداري عدة أشكال منها الانحطاط الفكري والانحطاط الأخلاقي... إلخ، وأنصار الانحطاط في المنظمات والإدارات، هم الأفراد الذين يحملون فكراً إدارياً منحطاً، يجمعهم عامل مشترك هو الانحطاط الإداري بجميع أشكاله وصوره، حيث يترقى الفرد في الإدارة كلما زادت درجة انحطاطه، وهكذا يكون مؤهلاً للوصول لأعلى المستويات في المنظمات التي ينتشر فيها الانحطاط الإداري، كما أن هؤلاء المنحطين يقفون صفاً واحدا أمام المتميزين وحجر عثرة في وجه الناجحين المخلصين في أداء عملهم، فهم يمسون ويصبحون يحيكون لهم المكائد ويضعون لهم المصائد ويدبرون لهم المصائب، يضخمون الهفوات ولا يغفرون الزلات، لا لذنب عظيم اقترفوه ولا لفعل مشين ارتكبوه، بل سوى أنهم أفراد شرفاء مخلصون أُمناء، لذا تجد هؤلاء المنحطين فرسانا وشجعانا في محاربة المخلصين لعملهم وأوطانهم بكل ما أوتوا من قوة، للتضييق عليهم وإخراجهم من وظائفهم في المنظمة، حتى يصفوا لهم الجو ولا يجدوا من يقف أمام وجوههم ليروجوا مفاهيمهم المسمومة ويحققوا الاستفادة المالية والمصالح الشخصية من خلال مناصبهم ومواقعهم الوظيفية، عن طريق التمييع في الكلمات واستخدام السيئ من العبارات والدلالات، لذا أصبح الشخص الكاذب في مفهومهم دبلوماسياً والمتملق المنافق هو من يعرف من أين تؤكل الكتف، أما العاقل الحكيم فهو إمعة والمخلص في عمله معقد، والشخص الصادق الأمين رجعي... إلخ.
إن من أسباب تفشي الفساد والانحطاط الإداري في المنظمات والإدارات هو غياب الدور الرقابي عليها، ما جعلها تسرح وتمرح في أداء أعمالها وتنفيذ خدماتها بلا رقيب أو حسيب، وعدم تعزيز مبدأ المحاسبة والمساءلة (من أين لك هذا؟) لكل مسؤول مهما كان موقعه في المنظمة، وعدم تطبيق مؤشرات لقياس الأداء الحكومي بين فترة وأخرى، لذا فلا بد من التشهير بالمتجاوزين والمخالفين للنظام حتى يتعظ ويتوقف من ينوي السير على طريقتهم، والقضاء على مواطن الروتين والبيروقراطية المملة في أداء الأعمال وتقديم الخدمات والتسهيل على المواطنين، والإسراع في استخدامات تطبيقات التعاملات الإلكترونية الحكومية في الجهات الحكومية لتنفيذ جميع الخدمات، وهذه الإجراءات وغيرها من شأنها الكشف عن التجاوزات وصدها بكل يسر وسهولة، والنهوض بمؤسسات المجتمع إلى أفضل المستويات،
مستشار وأكاديمي