تسعيرة «الطيران الاقتصادي» بين الحرية والفوضى

نشر العديد من الصحف المحلية الأسبوع الماضي خبرا أوردته وكالة ''رويترز'' عن قيام خطوط ''طيران ناس'' برفع الضريبة المفروضة على التذاكر الداخلية للمرة الثانية. وأفاد الخبر بأن الوكالة حاولت أخذ رأي الهيئة العامة للطيران المدني لكنها امتنعت.
امتناع الهيئة العامة للطيران المدني والتزامها الصمت يدل على بقاء واقع هذه الهيئة المتصف بالضعف وعدم القدرة على فرض هيبتها وقوانينها على المشغلين في المملكة، وهذا السبب الأهم في تردي صناعة النقل الجوي في المملكة وبعدها عن التنافسية في جميع أشكالها من خطوط جوية ومطارات وصناعات ثانوية وإسنادية وغيرها. ومن المعروف أن القرار السامي الخاص بتحرير النقل الجوي الذي أتى بشركتي ''ناس'' و''سما'' قد اشتمل على شروط ولوائح خاصة بتعرفة محددة للسقف الأعلى للتذاكر الداخلية، وأسند للهيئة العامة للطيران المدني دور الرقابة والتنظيم. وبغض النظر عن واقع أسعار التذاكر الداخلية التي يراها الكثير متدنية وخاصة ''الخطوط السعودية'' التي تدعي أن خسائرها وعدم قدرتها على الوصول إلى الربحية بسبب خسائر التشغيل الداخلي فقط، إلا أننا هنا في هذا المقال نناقش صمت هيئة الطيران المدني وضعفها أمام المشغلين كصمت وضعف هيئة الاتصالات أمام شركات الاتصالات. ماذا ستخسر هيئة الطيران المدني لو أنها أصدرت بيانا استباقيا بالسماح برفع السقف الأعلى في المواسم مثلا من خلال رفع ضريبة السفر الداخلي قبل أن تخرق تلك الشركات التشريعات الحكومية وهي تتفرج بصمت وقلة حيلة؟ في السابق كانت الهيئة العامة للطيران المدني و''الخطوط السعودية'' شبه كيان واحد وتمدها الأخيرة بالموظفين، بينما تحمي الأولى الثانية أمام منافسة الشركات الأجنبية وتقدم لها تسهيلات كبيرة، وكان ذلك واحدا من سلسلة عوامل أدت إلى تأخر ''الخطوط السعودية'' أمام مواليد جدد كـ ''طيران الإمارات''، و''الاتحاد'' و''الخطوط القطرية'' وتسرب سوقنا إليهم. إن من أهم أسباب سوء الإدارة في المؤسسات التجارية وتخلفها عن التطور والتنافسية هو وجود علاقة مصالح بين الساسة والتجار، فذلك يضعف المنصات الرقابية والتشريعية ويعجل بظهور الفساد وسوء الإدارة، وفي النهاية فشل تلك المؤسسات التجارية التي هي رافد من روافد الاقتصاد الوطني وقناة من قنوات إيجاد الوظائف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي